استيقظ الشاب المصري محمد أحمد ريان من نومه مبكرا وتوجه إلى مجمع المصالح الحكومية بميدان التحرير، والمعروف محليا باسم "مجمع التحرير" وسط العاصمة، لتجديد جواز سفره حتى يتمكن من الحصول على تأشيرة دخول للأراضي السعودية لأداء العمرة. ريان، الذي اتخذ قرار أداء العمرة بسبب حالة الاكتئاب التي يعيشها حزنا على الأوضاع غير المستقرة في مصر، وقف أمام باب المجمع يذرف دموعه، بعد أن أغلقته قوى سياسية معارضة في ميدان التحرير كخطوة تصعيدية، احتجاجا على الدستور الجديد الذي سيستفتى عليه المصريون السبت المقبل. وبينما حاولت مجموعة من المواطنين الذين يريدون استخلاص أوراقهم الرسمية من "المجمع" إقناع تلك القوى، قال ريان وقد ازداد نزيف الدموع من عينيه: "إذا كانت الحرية التي تجعل قلة تفرض رأيها علينا، فنحن لا نريدها". هذه العبارة التي قالها ريان وجدت قبولا عند محمد إسماعيل الذي عاقه إغلاق باب المجمع، الذي يضم أكبر عدد من الهيئات الحكومية ومصالح تابعة للوزارات في مصر، عن استلام نص حكم قضائي من هيئة فض المنازعات، وقال للأناضول : " كرهونا في الثورة وجعلونا نندم على القيام بها". وأشار إسماعيل إلى لافتة علقها دعاة غلق المجمع في مدخله تنتقد ما وصفوه بعدم احترام الرئيس المصري محمد مرسي للقانون، وتساءل: "وهل ما يفعلوه الآن احترام للقانون". أما أحمد عبد الحميد "موظف" والذي لم يمكنه المعتصمون من الدخول للمجمع حيث مقر عمله، فقد كاد أن يشتبك مع المعتصمين أمام باب المجمع، لولا تدخل العقلاء الذين نصحوه بالعودة لمنزله واحتساب هذا اليوم كإجازة. ولم يجد عبد الحميد سبيلا إلا الاستجابة لهذه النصيحة، غير أنه قال للمعتصمين بلهجة عصبية وهو يغادر المكان: "هل قمنا بثورة لنعمل وننتج، أم لتعطيل مصالح العباد ". من جانبهم، رأى المعتصمون أن ما يقومون به لا يهدف لتعطيل مصالح المواطنين، وإنما لإصلاح حال البلاد، كما قال لمراسل وكالة الأناضول للأنباء محسن رشاد الذي يدعي أنه قائد الحركة المنادية بإغلاق المجمع. رشاد الذي يعاني من إعاقة بقدميه ويجلس على كرسي متحرك، أوضح أن الحالة التي وصل إليها كان سببها ما سماه ب "إهمال الفئات الفقيرة" ، وقال بلهجة حاسمة: " المجمع مغلق لأجل غير مسمى، وهو بداية للتصعيد حتى إسقاط الرئيس". وأضاف: " لقد أزحنا فرعون (الرئيس السابق حسني مبارك) ولن نسمح بإعادة إنتاجه مره أخرى". ويشهد ميدان التحرير بوسط العاصمة اعتصاما مفتوحا منذ الشهر الماضي من قبل قوى معارضة احتجاجا على مسودة الدستور الجديد.