بعد ردود الأفعال الغاضبة من بعض القوى والتيارات السياسية، على الإعلان الدستورى الصادر يوم الخميس الموافق 22/11/2012م، دعا رئيس الجمهورية المنتخب كافة القوى والتيارات السياسية فى الشارع السياسى المصرى لحوار للاتفاق على عمل قانونى يضمن مسيرة الشرعية ويحفظ لمصر الأمن والأمان. وقد حاولت القوى المعارضة الأعلى صوتًا والأقل وجودًا فى الشارع السياسى المصرى، بعد أن أبانت صناديق الاقتراع مكانهم الحقيقى وقوتهم الضعيفة فى الشارع السياسى المصرى، الانقلاب على الشرعية بعدة وسائل وآليات مشروعة وغير مشروعة، بدأت بحملة تشويه شاملة فى إعلامهم سواء المسموع أو المرئى أو المقروء للتيار السياسى الإسلامى، مرورًا بمحاولة الاستقواء بالخارج، وأخيرًا كانت محاولة زعزعت الأمن وعمل اضطرابات بعد صدور الإعلان الدستورى قبل الأخير الذى يعد بحق الضربة القاضية التى وجهتها الشرعية بيد رئيس الجمهورية المنتخب للقوى المضادة للثورة، ولكن كما فشلت محاولات التشويه والاستقواء بالخارج فشلت المحاولة الأخيرة التى راح ضحيتها حوالى عشرة شهداء من التيار السياسى الإسلامى، فضلًا عن تدمير وحرق (28) مقرًا لحزب الحرية والعدالة، فضلًا عن المقر العام لجماعة الإخوان المسلمين. استجاب لدعوة الحوار الكثير من التيارات ورفضت فلول الفلول وبعض الراسبين فى الانتخابات الرئاسية وبعض النصارى، وقد خرج المجتمعون باتفاق على أثره أصدر رئيس الجمهورية المنتخب إعلانًا دستوريًا جديدًا يوم أمس السبت ليلًا، تكون من خمس مواد فقط وديباجة قصيرة أسست لحق الرئيس المنتخب لإصدار الإعلان الدستوري الجديد وإعلانات جديدة أخرى، وقد صرحت المادة الأولى من هذا الإعلان الدستورى بإلغاء الإعلان الدستوري الصادر يوم 22/11/2012م اعتبارًا من يوم السبت الموافق 8/12/2012م أى يوم صدور الإعلان الدستورى الأخير، ولكن مع النص على (ويبقى صحيحًا ما ترتب على هذا الإعلان من آثار) وهذه العبارة تفيد صحة الإجراء الذى اتخذ قبل النائب العام السابق، مع تحصين هذا الإجراء من الطعن عليه مما يعنى سقوط الطعن المقام من النائب العام السابق، وصحة كافة الإجراءات القانونية والقرارات الصادرة عن النائب العام الجديد، وهذا تطبيقًا لقاعدة ضرورة استقرار المراكز القانونية، وتطبيقيًا للمادة الثالثة من الإعلان الدستورى قبل الأخير. ونصت المادة الثانية من الإعلان الدستورى الأخير على أنه (فى حالة ظهور دلائل أو قرائن جديدة تعاد التحقيقات فى جرائم قتل والشروع فى قتل وإصابة المتظاهرين، وجرائم الإرهاب التى ارتكبت ضد المواطنين فى المدة الواقعة ما بين 25/يناير2011م ويوم 30 يوليو 2012م، وكان ارتكابها بسبب ثورة 25 يناير أو بمناسبتها أو متعلقًا بها.) وأكدت المادة فى الفقرة الثانية على أن ذلك يكون حتى لو كان صدر في هذه القضايا حكم براءة نهائي، وهى صحيحة طبقًا لقانون الإجراءات الجنائية، وهذا ما نصت عليه المادة الأولى من الإعلان الدستوري قبل الأخير. ونصت المادة الثالثة من الإعلان الدستورى الأخير على خريطة عمل حال رفض الشعب للدستور، تتمثل فى دعوة رئيس الجمهورية خلال ثلاثة أشهر لانتخاب جمعية تأسيسية جديدة من مائة عضو بالانتخاب الحر المباشر من الشعب، على أن تنجز الجمعية الجديدة الدستور خلال ستة أشهر من تاريخ انتخابها، ويدعو رئيس الجمهورية الشعب لاستفتاء على الدستور الجديد خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تسلمه، ونصت على أن يتم الفرز داخل اللجان الفرعية بعد انتهاء عملية التصويت ويعلق كشف داخل اللجنة بنتيجة التصويت، وهذا النص يجرى على الاستفتاء على الدستور يوم 15/12/2012م، وهذا النص له أهمية لأنه يحمى صناديق الاقتراع من التزوير أو السرقة نتيجة الوضع الأمنى المهتز، وهذه المادة جديدة لم تكن فى الإعلان الدستورى الأخير، وترتيبًا عليها يحق لرئيس الجمهورية إصدار قرار بقانون يحدد فيه الشروط الواجب توافرها فى المرشح لعضوية الجمعية التأسيسية وطريقة ووقت الانتخاب، فضلًا عن دعوة الناخبين لانتخابات، أما فى حالة إقرار الشعب للدستور الجديد وهذا أصبح من المؤكد، فإن رئيس الجمهورية المنتخب سوف يدعو لانتخابات مجلس الشعب فى المدة المحددة، ويتم استكمال مؤسسات الدولة حيث مجلس الشورى ومجلس الشعب وبذلك تكتمل السلطة التشريعية. وأما المادة الرابعة فنصت على أن (الإعلانات الدستورية، بما فيها هذا الإعلان لا تقبل الطعن عليها أمام أى جهة قضائية وتنقضى جميع الدعاوى المرفوعة بهذا الشأن أمام جميع المحاكم) وهذه المادة تعديل للمادتين الثانية والخامسة من الإعلان الدستورى قبل الأخير، التى كانت تحصن كافة الإعلانات الدستورية والقرارات بقوانين التى صدرت من رئيس الجمهورية من يوم تسلمه العمل حتى الانتهاء من الدستور من الطعن عليها أمام أى جهة قضائية، وتطبيقًا لهذه المادة يجب على مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا أن تقضيا بعدم قبول أى دعاوى تطعن على الجمعية التأسيسية التى أنجزت عملها وعلى انتخابات مجلس الشورى وكافة الإعلانات الدستورية التى صدرت سواء من رئيس الجمهورية المنتخب أو المجلس العسكرى، ولذلك فقد أصبحت هذه الدعاوى فى حكم العدم، وينتج عن ذلك بقاء مجلس الشورى المنتخب واستمراره فى عمله، وتحصين الجمعية التأسيسية من الإلغاء والدستور الصادر عنها. وترتيبًا على ما سبق نستطيع القول أن كافة الأهداف التى ابتغاها الرئيس من الإعلان الدستورى قبل الأخير قد حققها فى هذا الإعلان، فضلًا عن أن هذا الإعلان الدستورى حقق أهدافًا أخرى لرئيس الجمهورية فى غاية الأهمية، فقد سقطت المزاعم التى كانت تتردد بقوة فى عدم أحقية رئيس الدولة المنتخب فى إصدار أى إعلانات دستورية، وأصبح من حقه رسميًا إصدار إعلانات دستورية محصنة من الطعن عليها من أى جهة لأنها أصبحت من أعمال السيادة التى تتحصن ضد الطعن عليها أمام أى محكمة من محاكم مصر لا إدارية ولا دستورية، أو أى جهة قضائية أخرى، وهذا الإعلان ألغى المادتين الخامسة والسادسة من الإعلان الدستورى قبل الأخير، ويتميز بصياغة قانونية متميزة، ومما كسبه الرئيس أيضًا إجراء الاستفتاء على الدستور سوف يجرى فى ميعاده المحدد 15/12/2012م، لذلك فهو تعديل وليس إلغاءً للإعلان الدستوري قبل الأخير.