علمت "المصريون" أن جهات أمريكية رسمية أبلغت جمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم بضرورة إعادة فتح الخطوط مع التيار الإصلاحي داخل الحزب، أو ما يُطلق عليهم الليبراليون، إذ كان جادًا في مساعيه الإصلاحية. وانتقدت مصادر بشدة إصرار جمال مبارك على إفساح المجال للاتجاه الاقتصادي الليبرالي الممثل في رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى، في مقابل إبعاد التيار الإصلاحي السياسي الذي تقدم عدد من رموزه باستقالات خلال الفترة الأخيرة؛ كان أبرزها انسحاب الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس تحرير فصلية "السياسة الدولية"، وتقليم أظافر العديد من رموزه وعلى رأسهم الدكتور حسام بدراوي. وأوضحت المصادر أن جمال مبارك سيعمل خلال المرحلة المقبلة على استعادة العديد من رموز التيار الليبرالي السياسي لأرضيتهم داخل الحزب سعيًا للتجاوب مع المطالب الأمريكية، وفي إطار محاولاته الجادة لاستعادة ثقة المواطنين، بما يؤهله للوصول إلى قمة الهرم السياسي في مصر. وكشفت أن التغييرات التي ستتم داخل الحزب الوطني في المرحلة القادمة ستصب لصالح شخصيات مقربة من التيار الداعم للإصلاح في الحزب، لإيجاد حالة توازن داخل الحزب يستطيع من خلالها استعادة أرضيته داخل الساحة السياسية، والقدرة على مواجهة "الإخوان المسلمين" والعديد من القوى السياسية في الشارع المصري. وأشارت المصادر إلى وجود محاولات حاليًا للبحث عن سبل لإعادة حرب وهالة مصطفى إلى الحزب وتفعيل دور ما يطلق عليه التيار الليبرالي، في ظل التأكيدات الأمريكية على صعوبة تمرير سيناريو التوريث مع اعتماد النظام على تهميش التيار الإصلاحي بشكل تام في الأشهر القليلة الأخيرة، وضرورة بذل جهود مكثفة لاستعادة تأييد هذه المجموعة بأي شكل. ورجحت المصادر أن يلعب مبارك الابن دورًا مهمًا في المرحلة القادمة فيما يخص تمرير مشروعي قانون السلطة القضائية، وإلغاء الحبس في قضايا النشر، بعد أن عقد اجتماعين للجنة السياسات وآخر مع رئيس الوزراء، لبحث سبل التسريع بعرض القانونين على مجلس الشعب في أقرب فرصة. من جهته، يرى الدكتور عبد الله الأشعل الدبلوماسي والمحلل السياسي أن جمال مبارك سيحاول في المرحلة القادمة التقرب من القواعد الشعبية استجابة لنصائح دوائر أمريكية، إذا كان راغبًا في وراثة السلطة بشكل لا يزعج الأغلبية الكاسحة من الشعب المصري. وأشار إلى أن إعادة الاعتبار للتيار الليبرالي السياسي داخل الحزب الحاكم سيشكل أولوية لدي جمال مبارك في المرحلة القادمة، من خلال محاولته الظهور بمظهر من يدعم قانون استقلال القضاء وإلغاء الحبس في قضايا النشر، وذلك لتجاوز حالة الجمود التي تحكم علاقاته مع الغالبية العظمى من الشعب المصري. ورجح الأشعل أن تنجح هذه الجهود في تحسين صورته لكن ليس بالشكل الذي يسمح له بتغير الثقافة السائدة عن توريث السلطة وتحويل مصر إلى جمهورية ملكية، لكونه لا يحظى بالقبول الشعبي الذي يشكل أكبر عقبة أمام مساعيه للوراثة. من ناحيته، أكد الدكتور عبد الحليم قنديل المتحدث الرسمي للحركة المصرية من أجل التغير "كفاية" أن هناك اتفاقًا أمريكيًا إسرائيليًا حاليًا على توريث السلطة لنجل الرئيس، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية أغلقت ملف الإصلاح في مصر عقب صعود حركة "حماس" للسلطة في فلسطين، وأن النظام سيقدم كل ما يستطيع تقديمه من تنازلات على صعيد التسوية الفلسطينية الإسرائيلية في المرحلة القادمة من أجل نقل السلطة لجمال مبارك، على حد قوله. أما فيما يتعلق بتحركات نجل الرئيس لتفعيل دور ما يسمي بالجناح الإصلاحي داخل الحزب، فقد شدد قنديل على عدم وجود هذا التيار في الأصل، وقال إن ذلك محض أكذوبة وإنهم مجرد مماليك قدامي لخدمة مبارك ونجله، حسب تعبيره.
