أكدت مصادر سياسية استطلعت " المصريون " رأيها أن الحزب الوطني الديمقراطي قد حسم خياراته وقرر التركيز على الكتل الانتخابية غير المسيسة في الريف والقرى وصعيد مصر ، تاركا العاصمة والمدن للصراعات مع القوى السياسية المعارضة والحركات المطالبة بالإصلاح ، وأكدت المصادر ، القريبة من دوائر صنع القرار ، نية الحزب الوطني في التوجه نحو مخاطبة الكتل الانتخابية غير المسيسة خارج القاهرة وعواصم المحافظات ، مشيرا إلى أن عدد الأصوات النسائية في الصعيد أكبر من أصوات الرجال ، كما أن عمليات التزوير في تلك المناطق هي الأيسر من غيرها ، إذ أن معظم لجان النساء تكون عادة داخل مقر العائلات ، حيث يجد مسئولو اللجان حرجا في مطالبة السيدات بالكشف عن هويتهن مراعاة للعادات والتقاليد المحافظة في تلك المناطق . ولفتت المصادر إلى أنه توجد في مصر أكثر من خمسة آلاف قرية ، فضلا عن أن اللجان الانتخابية في الدلتا والصعيد تتميز بكونها تضم كتل انتخابية ضخمة تفوق بمراحل مثيلاتها في القاهرة وعواصم المحافظات ، ضاربة مثلا بدائرة قصر النيل بالقاهرة والتي تضم 70 ناخب فقط ، بينما تضمن دائرة مدينة آرمنت بمحافظة قنا أكثر من 190 ألف صوت ، ويصل عدد الناخبين في دائرة بندر البحيرة 220 ألف ناخب . وأوضحت المصادر أن أكثر من نصف الناخبين المقيدين في تلك الدوائر من النساء . وكشفت المصادر عن وجود توجه لدى الحزب الوطني لمنح الدكتور نعمان جمعة ، مرشح حزب الوفد لانتخابات الرئاسة ، نحو 10 % من أصوات الناخبين في الريف ، بينما يتم منح الدكتور أيمن نور ، مرشح حزب الغد ، ما بين 2 إلى 3 % من أصوات الناخبين ، لافتة إلى قدرة الحزب الوطني على التحكم في نسبة التصويت والنتائج في الريف لسهولة التزوير والتلاعب بالأصوات عما هو الحال في القاهرة والمدن الكبرى . وأوضح المصدر أن الحكومة ، خاصة من خلال المجلس القومي للمرأة الذي ترأسه السيدة سوزان مبارك ، بذلت جهودا مكثفة في الأعوام الأخيرة لاستخراج بطاقات الرقم القومي للنساء في القرى والمناطق النائية مجانا ، تهميدا لاستخراج بطاقات انتخابية لهن ، وذلك بمساعدة العمد وشيوخ القرى وقيادات العائلات ، التي تعد من المعاقل التقليدية للحزب الوطني ، بحكم ارتباطها الوثيق بالحكومة وأجهزتها . ولفت المصدر إلى أن النساء يمثلن 40 % ممن لهم حق التصويت ، أي ما يقرب من 12 مليون صوت انتخابي ، وهذه كتلة قادرة – في حال تنشيطها - على رفع معدل الإقبال في الانتخابات المقبلة بصورة ترضي طموح الحزب الوطني ، الذي يعتبر معركته الأساسية هي رفع نسبة الإقبال بعدما باتت نتائج الانتخابات محسومة سلفا لصالح الرئيس مبارك . ويعتمد الحزب الوطني في توجهه لتركيز الحملة الانتخابية للرئيس مبارك على المناطق الريفية بالوادي والدلتا إلى أن تلك المناطق تعد بعيدة تماما عن رقابة وسائل الإعلام الدولية ، التي يتوقع أن تغطى الانتخابات المقبلة بكثافة غير مسبوقة ، كما أن المعارضة والحركات المطالبة بالإصلاح ، باستثناء الإخوان المسلمين ، ليس لها تواجد كبير أو فعال في محافظات الصعيد والدلتا ، فضلا عن أن معظم الناخبين في تلك المحافظات هم من الأميين الذين يتبعون توجهات رؤساء العائلات بشكل آلي بحكم التقاليد المتوارثة . كما أنه من المرجح أن يكون تواجد المنظمات المدنية التي أعلنت عزمها مراقبة الانتخابات ضعيفا في تلك المنطقة ، التي لا تميل للتعامل بسهولة مع الغرباء . من جانبها كشفت مصادر في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونا ل " المصريون" أن الحزب الوطني رفض إبرام أي صفقة مع الجماعة للحصول على دعم الإخوان للرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة ، ورجحت مصادر صحفية – قريبة من جماعة الإخوان – عدم وجود هذه الصفقة بين الحكومة والجماعة ، مشيرة إلى أن الإخوان سوف يعلنون موقفهم من الانتخابات في اللحظة الأخيرة ، وبعد اكتمال ملامح الصورة على الساحة السياسية . ونقلت المصادر عن قيادات إخوانية تأكيدها أن موقف الجماعة لن يخرج عن الاتجاه العام للقوى السياسية المعارضة ، التي حسمت موقفها بمقاطعة الانتخابات ، باستثناء حزب الوفد الذي فاجأ الجميع وقرر في أخر لحظة ترشيح رئيسه الدكتور نعمان جمعة . وكان التقرير الذي أعده نادي القضاة حول الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور ، قد أكد وقوع عمليات تزوير واسعة في نتائج الاستفتاء ، مشيرة إلى أن نسبة المشاركة كانت أقل بكثير من النسبة التي أعلنتها وزارة الداخلية . ولفت التقرير إلى أن اللجان التي كان يرأسها أعضاء من الهيئات القضائية لم يزد عدد الناخبين المقترعين فيها على 3 % ، بينما وصلت نسبة التصويت في اللجان التي رأسها موظفون حكوميون إلى أكثر من 90% ، ووصل في الكثير منها إلى 100% ، وهو ما دفع معدو التقرير للتعليق قائلين " إن الوصول إلى النسبة الأخيرة يفترض أن جميع المقيدين أمام تلك الجان بقوا على حالهم منذ ضبط الكشوف في نهاية العام الماضي وحتى موعد الاستفتاء، فلم يتوف منهم أحد، ولم يسافر منهم أحد، ولم يحل بين أي منهم والحضور حائل من مرض أو عمل أو كسل!!.