الإشارات منعدمة.. والحواجز متهالكة وتستبدل بالحبال.. والعمال: "ناشدنا الحكومة ولكن لا حياة لمن تنادى" كتب - خالد الأمير وأمنية البيلي وسمير بسيوني ومصطفى عبده وأحمد رجب ومحمود الشاعر ومصطفى البحار ومعاذ محمد فجر حادث أسيوط المروع جرحًا عميقًا لدى الشعب المصري، فخطوط السكك الحديدية في مصر هى الأقدم والأكبر في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تمتد لنحو خمسة آلاف كيلومتر -بحسب تقديرات هيئة السكك الحديدية المصرية- فحادثة أسيوط المؤلمة ليست الأولى من نوعها في مصر وتأتي مشكلة المزلقانات هى العنوان الأول في هذه الحوادث. ففي الإسكندرية ما زالت المزلقانات تشهد بشكل شبه متكرر حوادث اصطدام بالمواطنين أو السيارات. وأكد الدكتور حمدي حسن المتحدث باسم كتلة نواب الإخوان بالبرلمان سابقًا أن مزلقان "القباري" من أخطر المزلقانات بسبب تواجده داخل منطقة سكنية، ومرور سيارات النقل من وإلى ميناء الإسكندرية، وتكرار حوادث الوفيات بصفة شبه دائمة. وكشف النائب السابق حمادة منصور عن دائرة كرموز، خطورة مزلقان محرم بك، الذي يقطع طريق المحمودية، ويتسبب في وفاة الكثيرين، وكذلك خطورة مزلقان العامرية الذي يقع بالقرب من مجمع مدارس العامرية. كما تشهد مزلقانات الرمل، الظاهرية، وغبريال وباكوس والإصلاح وطوسون والمعمورة وأبو قير بشرق الإسكندرية حوادث متكررة حيث أصبح من المعتاد اصطدام قطار أبو قير بسيارة أو مواطن ومصرعه في الحال. وأضاف سائق قطار -رفض ذكر اسمه- أن مسئولي السكك الحديدية الذين يقوم الرئيس بتعيينهم، جميعهم من القيادات التابعة للنظام السابق، وتورطوا في قضايا فساد، وعليه أن يبحث عن الشرفاء داخل الهيئة فهم متواجدون بعيدًا عن الفلول والإخوان. وفي مطروح تدهورت خدمات خط السكة الحديد بطول نحو 300كم حتى مدينة مرسى مطروح، ويذهب ضحيتها الكثير من الأرواح كل عام، كان أكبرها مأساة حادث مزلقان فوكة في 17 يوليو 2008، وراح ضحيتها 45 شخصًا وإصابة 40 آخرين. وتعاني محطة سكة حديد مطروح، رغم طبيعة المدينة السياحية من عدم الاهتمام بنظافة المحطة، وتدهور المباني وعدم الصيانة للأجهزة والمعدات الأمر الذي أثر على الشكل الحضاري والسياحي للمحافظة. ويعاني أهالي مطروح والزائرون من الحالة المتردية للقطارات خاصة في فصل الشتاء، حيث تعاني من الإهمال الشديد بينما في فصل الصيف تسعى هيئة السكة الحديد إلى توفير قطارات مكيفة لسفر المصيفين الذين تتزايد أعدادهم بالآلاف من القاهرة إلى مطروح كوسيلة نقل جماهيرية. وتعاني المزلقانات المتعددة على طول خط السكة الحديد بطول نحو 300كم من ضعف تطويرها رغم أن العمل على تطويرها سيؤدي إلى إمكانية استثمارها في نقل المواد البترولية التي تمثل ثروة هائلة بمحافظة مطروح. وفي كفر الشيخ أكد محمد حسن الشربيني، عامل تحويلة بالمنطقة، أن التحويلة مساحتها كبيرة عليه ولا يستطيع بمفرده العمل عليها لأنه عندما ذهب لغلق ممر فوجئ ببعض السائقين يفتحون ممرًا آخر بحجة أنهم سيمرون بسرعة. وأضاف الشربيني أن الممر غير آمن حيث يتم إغلاقه بالجنزير وليس بالعمود الإلكتروني فيسهل على المواطن فتحه مرة أخرى كما لا يوجد إشارات بالمكان الذي يقف به وقد طالب بها أكثر من مرة ولكن لا حياة لمن تنادي. وتابع عبد الحميد عبد المحسن، عامل تحويلة بدسوق، أنه يعمل في هيئة السكك الحديدية منذ 30 عامًا، وتحمل فيها ما لا يتحمله أحد، فسبب معظم حوادث القطارات أن المواطنين يخترقون الحواجز بعد إغلاقها، كما أنهم يتركونها ويتم الاعتداء عليهم حينما يقفون لفترة طويلة أثناء مرور القطار. وفي القليوبية شهدت المحافظة أكبر نسبة حوادث للقطارات في الآونة الأخيرة خاصة أن المزلقانات بالفعل مزلقانات موت لا يفصل بينها وبين الطريق سوى سلسلة حديدية، وعمال المزلقانات يشكون سوء العيش والرواتب ولا يهتمون بعملهم خاصة في الفترة الليلية. وتبلغ مزلقانات الموت بالمحافظة 35 مزلقانًا ولكن الأوسع شهرة هو مزلقان ميت حلفا صاحب "الصيت" الواسع والرقم القياسي في حوادث القطارات، والتي كان آخرها تصادم القطار 523 القادم من القاهرة إلى مدينة منوف. كما يعتبر مزلقان مدينة طوخ من أخطر المزلقانات على الإطلاق في المحافظة فهناك العديد من مواقف السيارات الخاصة بعدد من القرى التابعة للمركز خلف هذا المزلقان، وليس للأهالي مفر سوى العبور فوق مزلقان القطار. كما توجد قرى ليس لها مزلقانات لكن الأهالي يقومون بالعبور من فوق شريط السكة الحديد وتلك كارثة أخرى. وأكد حسن هاشم، مهندس، أن كثرة حوادث القطارات ترجع إلى سوء السكك الحديدية نفسها، ومرور القطارات وسط المنازل والسكان ولا يوجد أسوار أو حواجز ولا ممرات خاصة للمواطنين. وأوضح محمد إسماعيل، إمام مسجد، أن السبب الرئيسي في تكرار هذه الحوادث يشترك فيه كل الأطراف من السائقين الذين يريدون سرعة المرور من أمام السكك الحديدية ولا يهتمون بصوت القطار الذي يدل على قرب قدومه، وكذلك عامل المزلقان الذي يهمل في عمله ويكسل في تأدية واجبه. وتابع محمد صبحي، مهندس، أن السبب الرئيس في كثرة الحوادث يعود إلى تهالك القطارات الموجودة والتي لا تصلح للاستعمال الآدمي، الزجاج مهشم والأبواب مخلوعة والقطارات متهالكة، والسائقون غير مؤهلين ما يسبب كثرة الحوادث وكثرة خروج القطارات عن طريقها. وفي الشرقية تعاني المحافظة مثل الكثير من المحافظات التي تعاني من سوء القطارات المتهالكة التي تأتي من غير مواعيد ثابتة إضافة إلى فوضى الباعة الجائلين علاوة على سلبيات كثيرة. يقول محسن أحمد إسماعيل، من أبو كبير، رغم تهالك القطارات إلا أن الناس تتكالب على ركوبها وفي أثناء قدومها على إحدى المحطات يدخلون ك"أكوام" من اللحوم المضغوطة بالداخل والمستطيع والقوي هو الذي يلحق بأحد الكراسي المتهالكة. وأضاف أن هذه مشكلة كبيرة ويجب علاجها على الفور من هيئة السكك الحديدية ومن وزارة النقل والمواصلات. وأوضح عمر عبد اللطيف، محامٍ، أن مزلقانات السكك الحديدية مفتوحة دائمًا ما ينتج عنها كوارث كبيرة. وأشار أحمد محمود من الزقازيق إلى أن الحكومات المتعاقبة هى السبب في الكوارث التي تحدث كارثة تلو الأخرى. وفي بني سويف يوجد 36 مزلقانًا تخترق مراكز المحافظة السبع فضلاً عن مزلقانين يقطعان مدينتي الواسطى وبني سويف عرضيًا وجميعها عبارة عن غرف إعدام بلا ضوابط أو إشارات. كما يحتل الباعة الجائلون معظم المزلقانات فمزلقان مدينة ببا حوله سوق تجاري لا ينفض أبدًا. فتم اقتلاع الأسوار على جانبي السكة الحديد بفعل مجهولين أو عصابات تتاجر في حديد الخردة وسط غياب أمني كامل. وأكد منصور الراوي باحث قانوني، أن مزلقانات السكة الحديد تشطر مراكز وقرى بني سويف جميعها إلى نصفين ولا يفصل بين السكة الحديد والطريق الزراعي السريع "القاهرة – أسيوط" سوى خطوات قليلة ما يضاعف من حجم وآثار الكوارث التي تنتج عن الحوادث المرورية سواء على السكة الحديد أو الطريق الزراعي. وأشار جلال عبد الله موسى، بالمعاش، إلى أن بني سويف كانت مسرحًا لعدد كبير من حوادث القطارات على مدار الأعوام الماضية آخرها خروج قطار بضاعة محمل بمئات الأطنان من المازوت عن القضبان واختراقه المحطة وسكب السولار على الأرض الذي غطى حينها شوارع بني سويف وعطل حركة المرور يومين كاملين. وفي المنيا تعاني المزلقانات من إهمال جسيم من قبل المسئولين لافتقار مرافق السكك الحديدية لعنصر التطوير والتكنولوجيا فمعظم محطات السكك الحديدية لم يدخل عليها أي نوع من أنواع التعديلات التكنولوجية لمسايرة التطور الزمني فمعظم القطارات من العهد البائد لم تر أي جديد، كما أن الأبواب لا تعمل أوتوماتيكيًا مثل مترو الأنفاق والاعتماد الكلى على القدرات البشرية فصفارة موظف القطار هى الكنترول لسائق القطار. وفي أسوان لا تختلف مزلقانات المحافظة عن مزلقان الموت في أسيوط حيث إن معظمها ما زال يعمل بالسلاسل الحديدية والجنازير ويغلق البعض منها بالحبال مع تعطل الإشارات الضوئية و"السيمافورات". وتسير عملية التطوير التي وعدت بها هيئة السكة الحديد بسرعة السلحفاة. وفى ظل هذه المأساة تعالت أصوات العاملين في قطاع السكة الحديد التي تتهم فيها مسئولي الحكومة ووزارة النقل بأنهم لم يقدموا شيئًا يذكر لهذا القطاع الحيوي.