أكد اللواء عبد الفتاح عثمان، نائب مساعد وزير الداخلية للأمن العام، أن فترة ما بعد ثورة 25 يناير شهدت تحديات أمنية متصاعدة ، شملت ظواهر غريبة على المجتمع مثل السطو المسلح والخطف وانتشار البؤر الإجرامية التى اتخذها محترفو الإجرام مناطق تمركز. وقال عثمان خلال جلسة مجلس الشورى اليوم "الثلاثاء" التى استكمل فيها المجلس مناقشة تقرير أعدته اللجنة المشتركة من لجنة حقوق الإنسان ومكتبى لجنتى الشئون لدستورية والتشريعية والشئون العربية والخارجية والأمن القومى، حول: "استراتيجية بشأن تطوير الأداء الأمنى بعد ثورة 25 يناير" إن الجهاز الأمنى تحمل العبء الأكبر فى مواجهة هذه التحديات فى غياب مؤسسات أخرى كان يجب أن تقوم بدور فى هذه المواجهة. وتحفظ عثمان على بعض ما جاء بالتقرير لاسيما المقترحات الخاصة بتطوير الجهاز الأمنى، ومنها الاستعانة بقيادات عليا من الجامعة يتم تدريبهم لمدة 6 أشهر وتعيينهم فى درجات اللواءات، وتدريب أساتذة الجامعات وتعيينهم بالرتب الشرطية، وانتداب خريجى الحقوق وغيرهم للعمل كضباط. وأشار إلى أنه بالنسبة لما أثير بشأن خضوع ضباط الشرطة للمحاكمات العسكرية فقد حسمت المحكمة الدستورية الأمر ويجرى حاليًا دراسة الموضوع وتحديد المحاكم التأديبية التى سيحال إليها الضباط، كما يجرى دراسة وضع الرعاية الصحية والاجتماعية لأفراد جهاز الشرطة. وتابع أنه بالنسبة لتضخم جهاز الشرطة وضم العديد من الجهات عليه، هناك مقترحات بضم إدارات إلى وزارات أخرى مثل الجوازات التى اقترح ضمها للخارجية، وغيرها، موضحًا أن بعض هذه الإدارات تتعلق بالأمن القومى، مثل إدارة الأدلة والوثائق التى تتضمن قاعدة بيانات عن جميع القطاعات فى الدولة، وأن عناصر الشرطة فى مثل هذه الإدارات عددها محدود. ولفت إلى أن التقرير انتهى إلى المطالبة بتشكيل هيئة عليا لتطوير جهاز الشرطة ودفع معدلات الأداء الأمنى موضحًا أن هذا الهدف يسعى إليه الجميع، وأن وزارة الداخلية عكفت خلال الشهرين الماضيين على الإعداد لمؤتمر وطنى بعنوان "نحو عمل أمنى متطور" يعقد فى أكاديمية الشرطة. وقال نائب مساعد وزير الداخلية للأمن العام اللواء عبد الفتاح عثمان، إن هذا المؤتمر يهدف إلى فتح قنوات للحوار حول تطوير الأداء الأمنى وتحديد احتياجات البنية الأساسية لجهاز الشرطة لفرض الانضباط الأمنى بالبلاد، وذلك من خلال عدة ورش عمل منها الأمن والمجتمع مسئولية مشتركة تعالج مسئولية جهاز الأمن والحقوق السياسية والعلاقة التبادلية فى الحقوق والواجبات بين الشرطة والمجتمع. وأضاف أن الورشة الثانية وعنوانها دور العدالة الناجزة فى جهاز الأمن وتقوم على دراسة العلاقة بين الشرطة والقضاء وتنفيذ الأحكام والإشراف على السجون وتطوير العلاقة بين وزارتى الداخلية والعدل وإنشاء قاعدة بيانات تسهل سرعة الفصل فى القضايا. أما الورشة الثالثة وعنوانها آليات الارتقاء بالأداء الأمنى فتدرس آليات تطوير جهاز الشرطة وتحديث قوانين وقرارات ولوائح العمل الشرطى ومنها قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية وغيرها من القوانين واللوائح واستحداث مدونة سلوك للعاملين بجهاز الشرطة وفق المعايير الدولية والأساليب المتطورة لتحقيق الانضباط بالشارع المصرى. والورشة الرابعة تتناول محددات تحديث البنية الأساسية للأجهزة الأمنية ومنها التنمية البشرية والوفاء باحتياجات الأجهزة الأمنية الحالية والمستقبلية ومحاكاة التجارب الأمنية فى الدول الأكثر تقدمًا وتوظيف تكنولوجيا المعلومات فى تطوير الأداء الأمنى. وأشار إلى أن المؤتمر الذى أسهب فى عرض محاوره يفوق ما جاء فى التقرير الذى أعدته لجان مجلس الشورى، مؤكدًا أن وزارة الداخلية ليست بمعزل عما يجول فى أذهان أصحاب الفكر والرأى، مطالبًا بأن يكون النقد بناء حتى يدعم دور جهاز الأمن فى مواجهة التحديات الضخمة التى يتصدى لها. كان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى النائب إيهاب الخراط عرض التقرير فى الجلسة المسائية أمس، والذى أوصى بالاستفادة من التجارب الأمنية فى الدول التى سبقت بثوراتها ثورة الخامس والعشرين من يناير، مع احترام الخصوصية المصرية. وأوضح التقرير أن ما حدث فى مصر لا يشكل تجربة غير مسبوقة، كما لم يعد من الصعب الاستعانة بخبرات تقنية دولية تستفيد بتجارب دول حدثت فيها ثورات مماثلة، أو انهار فيها جهاز الأمن فى ظروف شبيهة كدول شرق أوروبا وأمريكا اللاتينية وبعض دول جنوب شرق آسيا. ولفت التقرير، الذى يناقشه مجلس الشورى فى جلسته العامة إلى أن الهدف العام ينبغى أن يكون إنجاز بناء جهاز شرطة فى إطار منظومة متكاملة فى وزارة الداخلية يتمتع بكفاءة مهنية عالية وثقافة حقوق إنسان تتأسس على مفاهيم الكرامة الإنسانية واحترام الحريات وحقوق الإنسان، وجهاز أمن قادر على مواجهة التحديات فى الشارع المصرى والتصدى للانفلات الأمنى والاعتداءات مع احترام الحقوق السياسية بما فيها حق التظاهر والإضراب والاعتصام. وأضاف أن العاملين فى الجهاز الأمنى من حقهم أن يتمتعوا بنظام وظيفى وأجر عادل وشفاف ومستويات عالية من الأمان للدور المنوط بهم ويتجاوز أخطاء الماضى برؤية جديدة وثقافة متجددة، وحدد التقرير مجموعة من الأهداف من أجل إقامة جهاز أمنى بالمواصفات التى تتناسب مع مصر فيما بعد ثورة يناير، فى مقدمتها تطهير العناصر القيادية بوزارة الداخلية، المتورطة فى فساد مالى أو إدارى أو سياسى، وإعادة بناء الثقة لدى أفراد وهياكل جهاز الشرطة فى أنفسهم وثقة المواطن والمسئولين الذين يتعاملون معهم. ومن بين الأهداف التى حددها التقرير أيضًا إنجاز تحول فى منظومة قيادات وزارة الداخلية على كل المستويات، وتطوير المهارات التقنية والفنية عن طريق رفع المهارات التقنية الشرطية وتحديثها خاصة بين القائمين على الأمن العام والبحث الجنائى وغيرها من الإدارات المتصلة بأمن المواطن. ووضع التقرير من بين الأهداف أيضًا المراقبة والمتابعة من خلال الاتفاق على آلية رصد وتقييم سياسية وشعبية تحترم خصوصية العمل الشرطى عبر بناء شراكات مجتمعية أمنية سلسة وفعالة، والإسراع بمحاسبة المخطئين فى ضوء الشفافية وتفهم الظروف المركبة التى أدت إلى الانتهاكات الأمنية والتجاوزات ودوائر العنف المفرغة. كما أشار التقرير إلى إعادة هيكلة جهاز الشرطة بما يضمن تحسين الرواتب وإعادة ترتيب الجهاز الإدارى للتخلص من الترهل، وضرورة إنجاز مصالحة وطنية بين الشعب بفئاته المختلفة، بمن فى ذلك مصابو الثورة وأهالى الشهداء والناجون من التعذيب والاعتقال، وحتى المواطنين المتضررين والإعلام والقيادات الدينية والسياسية والشعبية. وطرح التقرير منهجًا وآليات لتنفيذ هذه الأهداف من بينها تشكيل مجموعة خبراء وتقنيين من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة فى مجال الأمن وحقوق الإنسان والقانونيين لتحديد خطوات العمل، وصياغة مسودات قانون ولوائح تتضمن الخطوط الفاعلة بعد حوار مجتمعى واسع، وإنجاز منهج تدريبى متطور وتنفيذ ورش عمل للقيادات على مختلف المستويات. وقال النائب موسى على أحمد، عضو مجلس الشورى، إن جسور الثقة لابد أن ترجع بين جهاز الشرطة والشعب, عبر عدة مظاهر منها مواجهة ظاهرة بيع المخدرات فى الشوارع. وأكدت النائبة وفاء مشهور أن هناك انفلاتا أخلاقيا مشيرة إلى أنه منذ عدة أيام شهدت إحدى المدارس أزمة واتصلنا بالشرطة ولم تأتِِ وطالبت مشهور بأن يكون هناك بروتوكول بين وزارتى الداخلية والتعليم لتوفير حماية حقيقية للمدارس. وانتقدت وفاء مشهور قيام إحدى المدرسات بإجبار فتاة على خلع الحجاب، وقالت إنه قبل خمسين عامًا أجبرت على خلع الحجاب عندما كان والدها فى السجن الحربى, وقالت لقد صبرنا خمسين عامًا وليس من الممكن أن يتكرر المشهد مرة أخرى. وانتقد النائب أحمد يوسف إشادة تقرير مجلس الشورى بفترة وزير الداخلية الراحل زكى بدر قائلا إن فترة زكى بدر وزير الداخلية الأسبق كانت فترة مجرم حرب وكان يستخدم الألفاظ البذيئة والجنسية فى المؤتمرات والأماكن العامة. واعترض رئيس المجلس الدكتور أحمد فهمى على هذا الوصف قائلا إن زكى بدر توفاه الله وأفضى إلى ما قدم ولا يجب الحديث عنه بهذا الشكل. من جانبه، أشاد النائب عبد الله بدران، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور السلفى، بحديث رئيس المجلس عن تقديم السنة على العرف فيما يتعلق بالضباط الملتحين، وقال إنه من غير المعقول أن يستمر اضطهاد ورفض الضباط الملتحين حتى فى ظل وجود رئيس جمهورية ينصر الدين والشريعة والسنة وحقوق الإنسان، وقال إنه حتى الآن مازالت بعض أجهزة الدولة تمنع ارتياد الرجال الملتحين والنساء المنتقبات من دخول بعض النوادى الخاصة بوزارة الدفاع رغم أن بعض هؤلاء الرجال من الممكن أن يكون قد خدم فى وزارة الدفاع وكل ذنبه أنه التحى أو ارتدت زوجته النقاب بعد خروجه للمعاش وتساءل أين حقوق الإنسان التى يتحدث عنها الجميع وحرية المرأة, كما أشاد بقرار وزير الداخلية بتخصيص قطاع لحقوق الإنسان بوزارة الداخلية. وأقر العديد من النواب خلال مناقشتهم للتقرير إلى حاجة جهاز الأمن للدعم القوى حتى يتمكن من القيام بعمله. ووجه عدد من النواب بينهم النائب على فتح الباب زعيم الأغلبية بمجلس الشورى، انتقادات إلى جهاز الشرطة، وإلى بعض رجال الشرطة الذين يقولون إننا فى إجازة لمدة 4 سنوات حتى انتهاء فترة حكم الرئيس محمد مرسى، وهو ما نفاه اللواء عبد الفتاح عثمان مؤكدًا أن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق وأن جميع أفراد الشرطة يقومون بواجبهم ويسقط منهم شهداء كل يوم. وقال فتح الباب إننا كنا نأمل من اللواء عثمان أن يطلب من النواب أن يقدموا له حالات التقصير التى لديهم حتى تتحقق منها أجهزة الوزارة وتحاسب المقصرين. وطالب النائب محمد عبد المجيد الفقى بالتأنى فى إعلان نتيجة القبول بكلية الشرطة لتأتى معبرة عن الواقع المصرى الجديد وتشمل جميع أبناء الشعب المصرى بغض النظر عن الانتماءات السياسية أو الدينية. وقال إن أجيالاً من ضباط الشرطة تربت على قانون الطوارئ يجب أن تتغير هذه العقيدة بعد رفع حالة الطوارئ. وفى نهاية الجلسة أحال الدكتور أحمد فهمى التقرير إلى اللجان التى قامت بإعداده وكذلك مناقشات النواب لإعداده فى صورته النهائية، وقرر رفع الجلسة للاستراحة.