عبد الرحمن بن محمد الجيلالى، فقيه وعالم ومؤرخ وأديب ومفكر جزائرى، ولد فى التاسع من شهر فبراير من سنة 1908 بالجزائر العاصمة بحى بولوجين، حفظ القرآن عن عدة شيوخ فى المساجد والزوايا حتى أصبح فقيهًا وعالمًا فى الشريعة وعلوم الفقه واللغة. يعود نسبه إلى آل الشجرة الموسوية القادرية وفروعها الأشراف القاطنين بسهول متيجة، وتصل سلالتهم إلى الشيخ عبد القادر الجيلالى سليل الحسن بن على بن أبى طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام. درس على عدة شيوخ فى المساجد والزوايا، ومنهم عبد الحليم بن سماية الذى كان من منتقدى النظام الاستعمارى رغم أنه كان أستاذًا فى إحدى المدارس الرسمية، كما تتلمذ الجيلالى على الشيخ المولود الزريبى الأزهرى، الذى كان مصلحًا ثائرًا، وكان الزريبى قد تخرج فى الأزهر وعاد إلى الجزائر ليدعو إلى النهضة والإصلاح، ولكنه واجه العقوق والركود. كما درس الجيلالى على الشيخ الحفناوى صاحب (تعريف الخلف)، الذى كان من رجال الدين الرسميين ومن الصحفيين الذين عملوا فى جريدة المبشر الرسمية طويلاً، كما درس على يد الشيخ محمد بن أبى شنب أيضًا. ومهما كان الأمر، فإن ثقافة الجيلالى كانت عصامية، وشملت التعمق فى القرآن والحديث والأدب والتاريخ والفقه، وقد تولى التدريس بدوره فى مدرسة الشبيبة الإسلامية أثناء إدارة الشاعر محمد العيد لها خلال الثلاثينيات، ولم يكن نشاطه بارزًا لولا بعض المقالات القليلة فى الشهاب، وكتابه فى ذكرى محمد بن أبى شنب سنة 1933. قام الجيلالى بالتدريس فى عدد من مساجد العاصمة، وكذلك فى مدرسة الإحساس ومدرسة الهداية، ومن تآليفه: المخطوط فن التصوير، والرسم عبر العصور الإسلامية، والمستشرقون الفرنسيون والحضارة الإسلامية، وفنون الطلاسم، والربقع المجيب. قام بتقديم دروس إذاعية وتليفزيونية حول الأحاديث الدينية والفتاوى، وعمل أستاذًا جامعيًا ومدرسًا للفقه الجامعى المالكى، وحصل على جائزة الجزائر الأدبية الكبرى سنة1960، وعلى شهادة تقدير من رئيس الجمهورية سنة 1987. رصيد الشيخ الجيلالى زاخر من النشاط العلمى والدينى، تاريخ الجزائر العام أوائل الخمسينيات (1953)، وهو فى جزأين، وقد تناول التاريخ من أقدم العصور إلى العهد العثمانى.. وللشيخ عبد الرحمن الجيلالى عشرات الأعمال فى مختلف الميادين الدينية، الأدبية، الفنية والتاريخية، جعلته يتحصل على أوسمة استحقاق من مؤسسات علمية متخصصة، كما ساهم فى تأسيس مجلة الأصالة الصادرة عن المجلس الإسلامى الأعلى، كما قدم الشيخ الجيلالى محاضرات فى14 طبعة من مؤتمر الفكر الإسلامى.. كان عضوًا فعالاً فى الديوان الوطنى لحقوق التأليف، وحاز عضوية المجلس الإسلامى الأعلى غداة الاستقلال فى لجنة الفتوى التى كان يشرف عليها الشيخ أحمد حمانى. للشيخ عبد الرحمن الجيلالى عدة مقالات فى الصحف والمجلات الجزائرية، إضافة إلى مؤلفات أخرى مثل: كتاب تاريخ الجزائر العام المنشور فى جزأين، وكتاب تاريخ المدن الثلاث: الجزائر، المدية، مليانة، وكتاب خاص بذكرى العلامة الدكتور ابن أبى شنب، وكتاب حول العملة الجزائرية فى عهد الأمير عبد القادر، وكتاب ابن خلدون فى الجزائر. كرمت جامعة الجزائر الشيخ عبد الرحمن الجيلالى بمنحه شهادة دكتوراه فخرية. توفى ليلة الخميس الموافق لمثل هذا اليوم عام 2010، بمستشفى عين طاية بالجزائر العاصمة عن عمر يناهز 103 سنوات.