أكدت مصادر رفيعة المستوى أن الدوائر التي تتولى مسئولية إدارة الملف الانتخابي للرئيس مبارك قد حسمت خلافاتها حول النسبة التي يجب أن يحصل عليها مرشح الحزب الوطني في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السابع من الشهر الجاري ، حيث تم الاتفاق على أن تتراوح هذه النسبة ما بين 80 إلى 85% بعد الرفض القاطع من شخصيات نافذة لتخفيض هذه النسبة والوصول بها إلى حدود 65%، حسبما اقترح بعض قادة لجنة السياسات بالحزب الوطني . وأكدت المصادر ل " المصريون " على أنه فيما يبدو أن الرئيس مبارك قد انحاز لرأي الحرس القديم داخل النظام الذي تمسك بهذه النسبة المرتفعة حفاظا على شرعية النظام وعدم السماح لأي من قوى المعارضة بالتشكيك في الدعم الشعبي والتأييد الذي يحظى به النظام وكذلك إصراره على عدم تقديم أي تنازلات للمرشحين المنافسين بمنحهم نسبة مرتفعة من أصوات الناخبين . وكشفت المصادر أن التيار الموالي لجمال مبارك راهن على إقناع الرئيس مبارك بالقبول بنسبة تأييد تتراوح ما بين 65 إلى 70% لتحسين صورة الأوضاع في الخارج وإنجاح انتخابات الرئاسة التي تقام لأول مرة في مصر خصوصا أمام الإدارة الأمريكية ، التي مارست ضغوطا شديدة على النظام للسير قدما في طريق الإصلاح ولو بشكل تدريجي ، إلا أن رأي الحرس القديم هو الذي حسم الموقف في النهاية ، حسب ما تسرب من أخبار . وتم الاتفاق كذلك على رفع سقف الحضور لانتخابات الرئاسة إلى ما بين 45 إلى 60% وصولا بها إلى 70% خصوصا في المناطق الريفية والمهمشة والتي ستكون بعيدة عن عدسات وسائل الإعلام وعيون بعثات الرقابة الغربيةوالأمريكية الموجودة في مصر حاليا . ورفض البعض اقتراحا برفع النسبة إلى أكثر من ذلك خصوصا أن البلاد مقدمة على انتخابات برلمانية لا تتجاوز نسبة الحضور فيها عن 25% من الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم ، وهو ما سيجعل رفع النسبة أمرا غير مقبول. وأوضحت المصادر أن سيناريو الانتخابات المقبلة ، يشمل أيضا حصول نعمان جمعة مرشح حزب الوفد على المركز الثاني بينما يحصل الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد على المركز الثالث ، حيث يبدي النظام امتعاضه من إظهار الانتخابات على إنها معركة ثنائية بين مبارك ونور ، وهي الصورة الشائعة لدى وسائل الإعلام الغربية . و تنحصر النسبة التي سيحصل عليها جمعة ونور ما بين 8 إلى 12% ، ويعتمد النظام في تنفيذ هذا السيناريو على سيطرة الدوائر الحكومية على الانتخابات ، إضافة إلى تمسك النظام ولجنة الانتخابات التابعة له بسرية الفرز وهو ما يتيح لها فرض السيناريو الذي تريده كما أن استبعاد أكثر من ألفي قاض من أنصار التيار الإصلاحي داخل نوادي القضاة من الإشراف على هذه الانتخابات يعزز من فرص النظام لإنجاح خططه. من جانبه ، اعتبر السفير أمين يسري أن ما سيحدث يوم الأربعاء القادم لا يزيد عن كونه مسرحية هزلية نتائجها معروفة سلفا ، لذا فمن الواضح أن النظام قد حدد خريطة هذه الانتخابات سلفا ولن يقبل المساس بالنسب التي سيحصل عليه مرشح الحزب الوطني خلال هذه الانتخابات ، فالهم الوحيد للنظام هو الحصول على أعلى نسبة ممكنة من التأييد ليرد بها على الحملات المشككة في شرعيته وشعبيته. وأشار يسري إلى أن هناك إصرارا داخل النظام على حصول نعمان جمعة على المركز الثاني حتى يقطع الطريق على أيمن نور الذي ينوي خوض معركة شرسة مع النظام في الفترة التي تلي الانتخابات ، حيث يعتزم النظام إسقاط نور في الانتخابات البرلمانية القادمة لذا فحصوله على المركز الثاني يعد شبه مستحيل. في سياق متصل ، أكد تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أن غالبية المصريين على ما يبدو قد قرروا مقاطعة الانتخابات الرئاسية ، لافتة إلى أن نسبة المشاركة تشكل التحدي الرئيسي في أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر. ونقلت الوكالة عن المحلل السياسي الدكتور ضياء رشوان قوله إن نسبة المشاركة تعد التحدي الأكبر في هذه الانتخابات ، مشيرا إلى أن القضاة يرون أن "نسبة المشاركة الواقعية هي في حدود 20 إلى 25%. إذا زادت ، فهذا دليل على التزوير". وأضاف "التحدي الأساسي هو الوصول إلى نسبة 50% لأنه الرقم الذي يضفي الشرعية". وأشارت الوكالة إلى أن عددا من المصريين ، وعلى رأسهم مثقفون معروفون, قد أصيبوا بالإحباط من سنوات التسلط الماضية ، أن هذه الانتخابات التعددية ليست إلا "خداعا" موجها إلى الغربيين الذين يمارسون ضغوطا على مبارك من اجل تبني إصلاحات. ونقلت الوكالة عن الكاتبة نوال السعداوي قولها "هل هذه انتخابات؟ هذه مسرحية هزلية. أنا لا أشارك في هذه اللعبة. النتيجة محسومة ومعروفة سلفا".