شنت الصحف الأمريكية هجوما حادا على النظام المصري على خلفية التجاوزات التي شهدتها الانتخابات الرئاسية ، التي أجريت الأربعاء الماضي وحصل خلالها الرئيس مبارك على 88 % ، وحرضت الصحافة الإدارة الأمريكية على خفض المعونة السنوية التي تقدمها للحكومة المصرية ، حتى يلتزم النظام المصري بالشفافية والنزاهة في انتخابات مجلس الشعب القادمة. وأكدت صحيفة " شيكاغو تربيون " أن النظام المصري ارتكب العديد من المخالفات التي تسيء إلى نتائج الانتخابات لكنها غير كافية للمطالبة بالدعوة لإعادتها ، معتبرة أن الرئيس مبارك تجاهل نصائح الرئيس بوش بشأن الالتزام بنزاهة الانتخابات . وطلبت الصحيفة من الرئيس بوش تخفيض قيمة المعونة المقدمة لمصر حتى يلتزم النظام المصري بالشفافية والنزاهة في انتخابات مجلس الشعب القادمة. من جانبها ، أكدت صحيفة " نيوز داي " أن الرئيس بوش لم ينس في اتصاله الهاتفي لتهنئة الرئيس مبارك أن يذكره بضرورة تنفيذ حزمة الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية التي وعد بها الإدارة الأمريكية. ولفتت إلى البيان الصادر من البيت الأبيض والذي يطالب مصر رسميا بتلافي العيوب والمخالفات التي شابت الانتخابات الرئاسية. وقالت الصحيفة إن الإقبال الضعيف على الانتخابات قلل من حجم الدعم الشعبي للرئيس مبارك مؤكدة أن نسبة التصويت الحقيقية أقل من 15% حسبما أوردتها منظمات حقوق الإنسان المصرية. وبالنسبة للمظاهرات التي اندلعت في القاهرة وتقدمها أيمن نور المنافس الأول للرئيس مبارك ، قالت " نيوز داي " أن تلك المظاهرات تؤكد الرفض الشعبي لنتائج الانتخابات وعدم الرضا عن حالة الإصلاحات الديمقراطية. وأكدت الصحيفة ضرورة أن تواصل إدارة الرئيس بوش ضغوطها على النظام المصري لضمان نزاهة انتخابات مجلس الشعب القادمة. من جانبها ، اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" أن فوز مبارك في أول انتخابات رئاسية في مصر لم يكن مفاجئا؛ فهو يملك 24 عاما من الخبرة في منصبه وتخضع له حشود قادت حملته الانتخابية كما يسيطر تماما على قواعد عملية التصويت. وأكدت الصحيفة أن السبب وراء نسبة الإقبال الضعيفة على المراكز الانتخابية والتي جاءت على عكس التوقعات تشير إلى أن الحديث عن الديمقراطية لم ينجح في جذب خيال العامة. وتعليقا على لقاء أجرته الصحيفة مع زوجة أحد المعتقلين وتدعى حنان سعد، قالت "واشنطن بوست" إن الحديث لزوجة المعتقل وغيرها آخرون يؤكد أن انتخابات الرئاسة والكثير من الحراك السياسي الذي شهده العام الماضي فشل في إقناع المصريين العاديين بأن ثمة إصلاح ديمقراطي. وأشارت الصحيفة في تقرير لها بعنوان "ما بعد الانتخابات المصرية.. موجة من الشك" إلى أنه في الوقت الذي ركزت فيه الانتخابات على أعلى مستوى في الحكومة، وهو الرئاسة، كانت ثمة ممارسات غير ديمقراطية تؤثر على المصريين لم تحظ بالاهتمام الكافي. وأوضحت الصحيفة أن من بين هذه الممارسات قانون الطوارئ المطبق منذ عام 1981 ، مشيرة إلى القانون لم يكبت فقط النشاط السياسي ويمنع التجمعات لأكثر من 5 أشخاص ويحظر أي شيء ربما يسيء إلى سمعة مصر، لكن أيضا يسمح بإجراء اعتقالات غير عادلة. واتهمت الصحيفة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بالتعامل مع مراكز الانتخابات على أنها أرضه المستباحة مشيرة إلى ما قام به الحزب من الدعاية وعقد التجمعات داخل هذه مقار هذه المراكز.. مؤكدة أن امتناع الحكومة عن إعلان نتائج الانتخابات في كل مركز انتخابي على حدة دفع بمسئولي المعارضة لاتهام اللجنة الانتخابية بالتلاعب في النتائج النهائية للانتخابات حيث فاز الرئيس مبارك بنسبة 88 في المائة. ورأت "واشنطن بوست" أن الانتخابات بالشكل الذي جرت به تثير العديد من الشكوك وتبرز التناقضات التي شابت عملية الإصلاح السياسي التي امتدت على مدى عام تقريبا قائلة إنه من السهل أن تجد علامات على أن الإصلاح الديمقراطي على وشك الحدوث وفي نفس الوقت تجد إشارات إلى أن الأمر برمته مجرد خدعة. وقالت الصحيفة إن الحملة الانتخابية التي استغرقت 19 يوما كانت خالية من العنف على الرغم من أن الأشهر السابقة على هذه الانتخابات كانت الشرطة تتحرش بالتظاهرات التي تنظمها المعارضة.. مشيرة إلى أن هذا المشهد يبرز التناقضات في عملية الإصلاح في مصر.. كذلك رأت أن من بين هذه التناقضات الاعتقالات في صفوف جماعة الإخوان التي لا يزال 70 من أعضاءها قيد الاعتقال ، إضافة إلى الاتهامات التي يواجهها أيمن نور بتزوير أوراق رسمية اعتبرتها الصحيفة من بين هذه التناقضات. واعتبرت الصحيفة أن المشهد السياسي منذ بدأ الإصلاح الديمقراطي في مصر استبعد المواطن المصري العادي؛ فالمظاهرات المناوئة لمبارك والتي ينخرط فيها أكثر النشطاء بروزا على الساحة السياسية لم تبدأ بعد في جذب انتباه أكبر.. بينما تم حل الخلافات حول قوانين الانتخابات وراء الأبواب، كما أن القليل من جماعات المعارضة يملك شبكة عريضة للوصول إلى المصريين الفقراء.