الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأحد مؤسسيها، وحاكم إمارة أبو ظبى، ولد عام 1918 فى مدينة أبو ظبى بقصر الحصن، وقد سمى على اسم جده الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان، والذى حكم إمارة أبو ظبى منذ العام 1855 حتى عام 1909، والذى لقب باسم زايد الكبير تقديرًا له ولدوره الكبير فى تاريخ المنطقة، حيث كان فارسًا قويًا وحد بين القبائل وصنع أمجاد بنى ياس التى خرج من بطونها آل نهيان. بعدما توفى والده 1927 انتقل الشيخ زايد من أبو ظبى إلى واحة العين، التى قضى فيها السنوات الأولى من فجر شبابه، ومن جبالها وتلالها استمد خلقه وفكره وطموحه، وتلقى فى سنواته المبكرة تعليمًا دينيًا، حيث بدأ بحفظ القرآن الكريم وهو فى الثامنة من عمره، وكانت شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - هى الشخصية الرئيسية التى لعبت دورًا بارزًا فى حياته وتركت بصمتها العميقة على طبيعة تفكير وأنماط سلوكه. فى عام 1946 تولى الشيخ زايد إمارة العين، ولم تكن ندرة الماء والمال وقلة الإمكانيات حجر عثرة أمام تطوير مدينة العين، وبفضل توجيهاته افتتحت فى عام 1959 أول مدرسة بالعين حملت اسم "المدرسة النهيانية"، كما تم إنشاء أول سوق تجارى وشبكة طرق ومشفى طبى، ولعل أبرز ما تحقق فى تلك الفترة الصعبة من تاريخ مدينة العين: القرار الذى أصدره الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والقاضى بإعادة النظر فى ملكية المياه وجعلها على ندرتها متوفرة للجميع، بالإضافة إلى تسخيرها لزيادة المساحات الزراعية. وفى العام 1953 بدأ الشيخ زايد يتعرف على العالم الخارجى وكانت رحلته الأولى إلى بريطانيا، ثم الولاياتالمتحدة وسويسرا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وباكستان وفرنسا، ومن خلال هذه الزيارات أصبح زايد أكثر اقتناعًا بمدى حاجة البلاد إلى الإصلاح والتقدم والنهوض بها بسرعة، بعد أن لمس المسافة الشاسعة التى تفصل بين وطنه وبين تلك الدول. فى 6 أغسطس عام 1966 حين تولى إمارة أبو ظبى حيث شهدت الإمارة على يديه نهضة شاملة، ثم أخذ سموه يتطلع بفكره الوحدوى إلى إخوانه فى إمارات الخليج العربى، داعيًا إلى الوحدة لأن فى الاتحاد قوة وصلابة، وفى التفتت ضعف وفرقة، وكان سموه أول من نادى بالاتحاد فى منطقة الخليج العربى بعد أن أعلنت بريطانيا فى يناير 1968 عزمها على الانسحاب العسكرى من المنطقة عام 1971. وقد خطا صاحب السمو الشيخ زايد الخطوة الأولى نحو إقامة صيغة اتحادية فى المنطقة تجمع إمارات الخليج العربى، حيث أجرى سموه اتصالات مع المرحوم الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبى فى فبراير 1968، وتم عقد اجتماع بينهما فى منطقة السمحة التى تقع بين أبو ظبى ودبى، وأسفر الاجتماع عن الإعلان عن قيام اتحاد يضم إمارتى أبو ظبى ودبى كنواة وبداية لاتحاد أكبر وأشمل، واشتمل الاتفاق الموقع بينهما على دعوة حكام الإمارات الخمس الأخرى للانضمام للاتحاد.. واستمر صاحب السمو الشيخ زايد طيلة ما يزيد عن الثلاث سنوات فى العمل على تقريب وجهات النظر بين الإمارات، حتى أثمرت الجهود عن الإعلان رسميًا فى الثانى من ديسمبر عام 1971 عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة. كان قيام دولة الإمارات العربية تحقيقًا لحلم الشيخ زايد وإخوته حكام الإمارات بتحقيق تكامل وحدوى فى الإدارة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورغم أن مفهوم الاتحاد كان جديدًا فى المنطقة إلا أن إيمان الشيخ زايد بأهمية الاتحاد دفعه إلى العمل على تعزيز الروابط المشتركة بين مختلف الإمارات، استنادًا إلى تاريخها وتراثها الواحد الممتد لمئات السنين. خلال حرب أكتوبر سنة 1973، قال مقولته الشهيرة: النفط العربى ليس أغلى من الدم العربى، وبادر بقطع النفط عن دول العالم المساندة لإسرائيل، مما شكل ضغطًا فاعلاً على القرار الدولى بالنسبة لهذه الحرب. كان لدى الشيخ زايد والشيخ جابر الأحمد الصباح، توجه وحدوى بدأ بفكرة إنشاء "مجلس التعاون الخليجى"، وتحقق ذلك فى 25 مايو سنة 1981، فى أبو ظبى. توفى الشيخ زايد فى مثل هذا اليوم عام 2004، وتولى ابنه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئاسة دولة الإمارات العربية من بعده.