المشاكل النفسية والأزمات التي يتعرض لها الإنسان كثيرة وأسبابها مختلفة .. وهناك العديد من الطرق للتعامل معها.. منها ما هي صحيحة ومنها ما يوردها طرق الدمار النفسي ..فكيف نتعامل مع مشاعرنا ودواخلنا بطريقة صحية؟ يقول د. تامر حرفوش أخصائي الطب النفسي و علاج الإدمان و وعضو الجمعية العالمية للطب النفسي و الإتحاد الدولي للمجتمعات العلاجية: هناك من يتعامل مع الإنسان على أنه كائن مفكر وهناك من ينظر له على أنه جسد جميل لكن النظرة الأشمل و الأعم أن الإنسان "عقل يفكر و جسم يتحرك و روح تشعر" لذا يهتم علماء النفس و الطب النفسي بمكونات الإنسان الثلاثة سواء على مستوى البحث في الطبيعة الإنسانية أو تشخيص الأمراض أو علاجها, و هناك علاقة وثيقة بين المكونات الثلاثة و تأثير متبادل : فمشاعرنا تؤثر على تفكيرنا و على جسادنا.. و تفكيرنا يؤثر على مشاعرنا و على أجسادنا.. و كذلك يؤثر جسدنا على مشاعرنا و على أفكارنا وهذه أمثلة على ذلك: - عندما نشعر بالحزن و الإكتئاب أو القلق مثلا يؤثر ذلك على تفكيرنا فنميل إلى التشاؤم و التفكير السلبي فيتأثر جسدنا سواء بالإعياء و التعب أو حتى بالشعور بأعراض نفسية جسمية, فهناك من تصيبه الحموضة أو قرحة المعدة أو ضيق الصدر أو حساسية الصدر أو القولون العصبي أو شد عضلي، و أمراض كثيرة تكون نفسية المنشأ, وأحيانا أخرى تكون أمراضا حقيقية أو مجرد أعراض دون مرض عضوي حقيقي و في الحالتين السبب نفسي بحت. وعلى العكس تماما عنما نشعر بسعادة داخلية فإن تفكيرنا يكون إيجابيا نشيطا منظما و جسدنا تدب فيه الطاقة و الحماس. - و عندما يتنامى إلى عقلنا خبر سئ.. مثل موت إنسان عزيز مثلا أو احتمال الفصل من العمل أو غيره من مصائب الحياة "تفكير " فنفكر تفكيرا سلبيا فإن ذلك يؤثر على مشاعرنا بالسلب أيضا فنحزن و نشعر بمشاعر متعددة من القلق و الإحباط وغيرها من المشاعر السلبية، كما قد يؤثر ذلك على جسمنا بالهزال أو المرض أو الأعراض النفسية والجسدية و على العكس عندما نفكر تفكيرا إيجابيا فإن ذلك يُحَسِّن من نفسيتنا و يشعرنا بالسعادة و ينعكس ذلك على جسدنا بالحيوية والنشاط . - أما عن جسدنا فعندما يكون صحيحا معافى و عندما نمارس الرياضة مثلا فإن ذلك يشعرنا بالسعادة و الرضا و ينعكس على تفكيرنا فيجعله صافيا منظما . كذلك عندما يمرض جسدنا فإن مشاعرنا تتأثر و نحزن و نقلق ويتاثر تفكيرنا فيميل للسوداوية و التشاؤم أو يتشوش التفكير "يتلخبط " و هكذا. ويجمل د. تامر حرفوش الخلاصة في أن الإنسان عبارة عن روح تشعر و عقل يفكر و جسد يتحرك , و كل منهم له تأثير هائل على الإثنين الآخرين , لذا يقدم نصيحته الذهبية لمن يريد تنمّية نفسه أو تطوير ذاته أو التداوي من ألامه أن يتحرك على هذه المحاور الثلاث ويسأل نفسه: كم من الناس المحترمين الذين تعرفهم يدخنون ؟ وكم منهم يعرف أضرار التدخين و يدركها تماما ؟ ستجدهم رغم رجاحة عقولهم و رغم وجود أطباء بينهم و أساتذة جامعات و رؤساء دول و قادة في العلم و الفكر ستجدهم رغم ذلك يدخنون و كثير منهم لا يقوى على الانتهاء عن هذه العادة السيئة حتى لو أراد.. فلماذا ؟ أغلب الناس سيجيبون على هذا السؤال كالآتي : سيقولون إنهم يفتقون الإرادة و العزيمة للانتهاء عن السجائر . وهنا يجب أن تسأل أيضا : و لماذا يفتقدون الإرادة و العزيمة ؟ وهل الزعماء والثوار وغيرهم من القادة المدخنين فعلا كانوا يفتقدون الإرادة و العزيمة ؟ إن معظم المدخنين يعلمون مضار التدخين و غير راضين عن أنفسهم لكونهم يدخنون , لكنهم ليسوا قادرين أو لا يريدون الانتهاء عن التدخينن, لكن هل رأيت أو سمعت مرة عن شخص انتهى عن تدخين السجائر فجأة بعد أن دخل قريب له العناية المركزة بسبب التدخين ؟ هل يعرف شخصا مرض بالقلب و الرئة و عندما ذهب للطبيب قال له أنك ستموت بسبب السجائر فتكون النتيجة تبطيل السجائر؟ وهل يدري أحدنا لماذا حدث هذا التغير المفاجئ ؟ والإجابة: لأنهم حين تعرضوا للمرض أو الموت هم أو من يحبون بسبب التدخين تتحرك مشاعرهم ( خوف , قلق , حزن و غيرها من المشاعر ) فيحدث التغيير , لاحظ هنا أن العقل يدرك خطورة التدخين و الجسم تم إيذاؤه بالتدخين و المشاعر تحركت فلما إجتمع العقل و الجسم و المشاعر على قرار تبطيل التدخين , حدث التغيير. كما أن هناك أيضا بعض الأشخاص يتعرضون لنفس الظروف من المرض لهم أو لأحبائهم و أقربائهم و لا تتحرك مشاعرهم بشكل كافي فلا يتركون التدخين, و هنا نقصد المشاعر الخاصة بموضوع التدخين من خوف و قلق على الصحة و السلامة الشخصية و قد يكون ذلك أيضا بسبب رغبة دفينة في إيذاء أو عقاب النفس أو اللامبالاة بها. ويضرب د. تامر مثلا عمليا آخر: عندما تشاهد في التلفاز إعلانا عن سيارة مثلا, هل تجدهم يتحدثون عن سعة المحرك و مواصفات الموتور، ومواصفات الأمان و غيرها من المعلومات الميكانيكية العلمية عن السيارة ؟ أم تجدهم يعلنون عنها و بداخلها أو جوارها بنت جميلة و شاب أنيق , أو نجمك الذي تحبه و يتحدثون عن الراحة و النجاح في الحياة و قد يستعينون بموسيقى أو أغنية جميلة ؟ ببساطة .. إنهم لا يخاطبون عقلك , إنهم يثيرون مشاعرك و يربطون في ذهنك السيارة بالأشياء الجميلة التي تحبها فإذا كانت للمشاعر هذه الأهمية في حياتنا فلماذا نهتم بتنمية عقولنا و أجسادنا و نغفل تنمية مشاعرنا ؟ ولنسأل أنفسنا: هل نستطيع التعامل مع مشاعرك بشكل صحي ؟ وهل هناك أنواع عديدة من المشاعر ؟ هل تعرف خطوات التعامل مع مشاعرنا ؟ هذا ما سيحدثنا عنه د. تامر حرفوش مستقبلا. لاستقبال تساؤلاتكم: [email protected]