لقد ذكرنا على الدوام بأن الظاهر من العمليات الإرهابية وما تُقدم من أخبار حولها لا يمثل الحقيقة، وأن حقائق كثيرة تبدل وتخفى وتغير، وأن العديد من مخابرات الدول الغربية لها أصابع في ترتيب هذه العمليات الإرهابية من وراء الأستار، وأن تشويه سمعة الإسلام والمسلمين غاية سياسية تسعى لتحقيقها العديد من هذه المخابرات لوضع عقبة نفسية لوقف الإنتشار السريع للإسلام ووقف زيادة أعداد المسلمين الذين زاد عددهم زيادة مطردة بحيث أصبحوا على وشك أن يكونوا قوة سياسية في الدول الأوروبية وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية مما يمثل لهم خطرا كبيرا وهم يخططون من الآن لتقليل أو لتأخير " الخطر الإسلامي!" الذي يدق أبواب الغرب.والجميع يعرفون كيف أن قوانين عديدة صدرت في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي الدول الأوروبية ضيقت من هجرة المسلمين إليها وشلت من نشاط العديد من الجمعيات والمنظمات الإسلامية هناك ووضعت قيودا كثيرة في إرسال المساعدات والمنح المالية لها.والذين يعيشون في الغرب يعرفون الفرق الكبير في حياة المسلمين هناك قبل هذه العمليات وبعدها ويعرفون المضايقات الكثيرة التي يتعرضون لها. إن جهات عديدة تريد منا أن نصدق بأن منظمة القاعدة تعمل منذ سنوات وتقوم بالتفجيرات في مختلف البلدان ولا تستطيع جميع مخابرات الدول الأوروبية ومخابرات الولاياتالمتحدةالأمريكية والمخابرات الأخرى المتعاونة معها (كالموساد مثلا)النفوذ والتسلل إليها ومعرفة خططها ونياتهاعلى الرغم من جميع الإمكانيات التكنولوجية والبشرية التي تملكها والتي تراقب بها كل شيء في العالم وتستمع إلى جميع المكالمات الهاتفية وتطلع على جميع الرسائل الالكترونية...ألخ. فكيف تستطيع هذه المنظمة ( التي هي في نهاية المطاف منظمة بدائية)أن تجوب هنا وهناك وتنقل المتفجرات بكل حرية وتفلت من وسائل التفتيش ومن اجهزة المراقبة الحديثة الموجودة في المطارات المرة بعد المرة ويستطيع أعضاؤها الحصول على اذن الدخول(الفيزا) إلى هذه الدول بكل هذه البساطة وكأنهم في نزهة؟...فهل هذا معقول؟.وأليس من الإهانة للعقل أن نعتقد بأن رجلا ينتقل من مغارة إلى أخرى يستطيع أن يؤثر في العالم وأن يوجه أتباعه في مختلف أنحاء العالم دون أن يتم التقاط أي مكالمة هاتفية له أو أي رسالة ألكترونية؟. لقد ذكر العديد من المحللين ومن المختصين في شؤون المخابرات ( منهم البرفسور التركي ماهر كايناك رجل المخابرات السابق) بأن هذا مستحيل وأن هذه العمليات لا يمكن أن تتم دون مساعدة المخابرات لها وتعاونها مع أصحابها وتقديم التسهيلات لهم. ونقرأ االتحليل والنظرة نفسها في المقالة التي كتبها الكاتب والمحلل السياسي التركي "نوح كونولتاش" في جريدة (ترجمان) في 5/8/2005. ولكن أهم من تناول هذا الأمر هو البرفيسور"ميشيل جوسودويسكي"( استاذ الاقتصاد في جامعة اوتاوا ورئيس مركز أبحاث العولمة)الذي ذكر بأن للمخابرات البريطانية علاقات قوية مع القائمين بعمليات التفجير التي وقعت في لندن، وقام بإيراد الأدلة حول هذا الأمر وبرهن عليه. فكيف أثبت هذا؟ يقول هذا الأستاذ بأن هارون راشد أسود( وهو متجنس بالجنسية البريطانية وأهم شخصية في تفجيرات لندن والمخطط لها)كان يعيش في مدينة لوساكا في زامبيا وأن البحث كان جاريا للقبض عليه واستجوابه، وأن المخابرات البريطانية استقدمته إلى لندن واستخدمته. وأشار إلى قناة فوكس الأمريكية FOX TV (وهي من أنصار الرئيس بوش)وكذلك إلى جريدة News Republic الأمريكية وقال بأنهما انتهجتا تفسيرا مختلفا عن تفسير الحكومة والمخابرات ووسائل الإعلام البريطانية، لأنهما ذكرتا بأن هارون أسود التقى مع ثلاثة مشبوهين قبل أسبوع واحد من تفجيرات لندن وأن سجل الهواتف النقالة الموجود لدى المخابرات يدل على أنه تحدث قبل ثلاثة أسابيع مع هؤلاء المشبوهين عشرين مرة. وأن المخابرات البريطانية كانت على علم تام بجميع هذه المكالمات وبمضامينها، اي كانت على علم بنية هؤلاء. ترى قناة فوكس الأمريكية أن هارون أسود يعمل في المنظمة الإرهابية (المهاجرون) التي هي إحدى منظمات القاعدة في انكلترة وأنه عميل مزدوج للمخابرات البريطانية MI-6 و CIA. قامت هذه القناة الأمريكية في 29 تموز من هذه السنة بإجراء لقاء مع "جون لوفتوزJohn Loftus الخبير في شؤون المخابرات الذي ذكر في هذا اللقاء بأنه بينما كانت الشرطة البريطانية دائبة في البحث عن هارون أسود كانت المخابرات البريطانية قد أخفته في مكان آمن. ويؤكد شخص معروف آخر هذا الأمر وهو المدعي العام السابق في وزارة العدل الأمريكية السيد لوتوس ويقول بأن المخابرات البريطانية أنشأت علاقات مع العديد من المهاجرين العرب والمسلمين الذين حصلوا على الجنسية البريطانية ويعملون في منظمة ( المهاجرون)الإرهابية. وقد ذكر هوك(زعيم منظمة "المهاجرون") في اللقاء الذي أجرته معه جريدة الشرق الأوسط في 16/10/2001 بأن علاقة المنظمة مع المخابرات البريطانية MI-6 بدأت عام 1995 بسبب حروب البوسنة وكوسوفا.اذن فهذة علاقة قديمة أمدها عشر سنوات!!. وذكر السيد لوتوس في لقاء آخر أجراه معه الإعلامي المعروف مايك جريك Mike Jerrick أن هارون اسود بينما كان يزود MI – 6 و CIA بالمعلومات من داخل منظمة القاعدة كان في الوقت نفسه يشارك في عمليات القاعدة. وقد وجهت المخابرات المركزية الأمريكية CIA وكذلك المخابرات الإسرائلية( الموساد) اتهاما للمخابرات البريطانية MI – 6 لأنها سمحت للمجموعات الإرهابية التي لها علاقة بتنظيم القاعدة بالعيش في بريطانيا من أجل استمرار تدفق المعلومات والأخبار إليها من هذه المجموعات. وتابع لوتوس تصريحاته قائلا:لقد حاول هارون أسود القدوم مع رجاله إلى ولاية سياتل في الولاياتالمتحدةالأمريكية لإنشاء مركز تدريب في"اوراكون" وأن تعليمات صدرت من وزارة العدل الأمريكية إلى دائرة المدعي العام ودوائر الشرطة هناك بألا يتخذوا أي اجراء ضد هؤلاء لأن هارون أسود عميل من عملاء المخابرات البريطانية. وأضاف بأن المخابرات البريطانية خدعت مقام الإدعاء الأمريكي عندما زودته بمعلومات كاذبة حول هارون أسود. حاولت المخابرات البريطانية إزالة ومسح أي خبر حول هارون فأشاعت خبر موته، ولكنها كانت في الواقع قد نقلته إلى أفريقيا الجنوبية. وأغلقت المخابرات الأمريكية CIA ملف هارون باعتباره قد مات.ولكن مخابرات أفريقيا الجنوبية أخبرت الأمريكيين بأنه لا يزال على قيد الحياة مما دفع المخابرات الأمريكية إلى محاولة القبض عليه. ولكن المخابرات البريطانية اعترضت ولم تقبل قيام CIA بالقبض عليه واستجوابه. قبل أسبوعين فقط من تفجيرات لندن حضر هارون إلى لندن بكل حرية وكأنه في نزهة، ثم غادرها قبل يوم واحد من التفجيرات، ولم يتم القبض عليه في مطار لندن لا عند مجيئه ولا عند مغادرته. والغريب أن هارون لم يكن مسجلا في قائمة الإرهابيين ثم سجل فيها فيما بعد. ويعزو لوتوس هذا الأمر إلى أن هارون كان من عملاء المخابرات البريطانية الجيدين بحيث كان من الصعب عليها التفريط فيه أو الاستغناء عنه وعن خدماته بسهولة. قام هارون- وهو المسؤول الأول عن تفجيرات لندن- بالسفر جوا إلى باكستان قبل يوم واحد من التفجيرات. ولكن السلطات الباكستانية ألقت القبض عليه وسجنته لأنه كان معروفا عندها كإرهابي فكيف لم يكن معروفا لدى المخابرات البريطانية؟!!. ولكن الغريب أنها قامت بإطلاق سراحه بعد يوم واحد فقط من اعتقاله!!...والظاهر أن طلبا جاءها من المخابرات البريطانية بإطلاق سراحه وعدم التعرض له. رجع هذا العميل إلى أفريقيا الجنوبية وذهب منها إلى زامبيا حيث تم القبض عليه هناك وسلم إلى السلطات الأمريكية التي تستجوبه الآن وتحاول فهم ظروف عملية تفجيرات لندن الإرهابية، لأن هناك أسئلة كثيرة حولها وحول الظروف التي أحاطت بها والأشخاص الذين تورطوا فيها والأصابع الخفية الموجودة وراءها. كل هذه المعلومات والحقائق تظهر أن المخابرات الغربية ليست بعيدة عن هذه العمليات الإرهابية التي شوهت سمعة الإسلام والمسلمين وأدت إلى تعرض المسلمين إلى مضايقات كثيرة من السلطات الرسمية الغربية من جهة وإلى اعتداءات من قبل بعض المتطرفين اليمينيين هناك. كما أن هذه المعلومات التي طفت على السطح تظهر وجود خلافات كثيرة بينها ومصالح متناقضة، ولكن الطابع العام هو وجود تعاون بينها في معظم الأحيان. وقد ظهر كلام كثير في أعقاب عملية 11أيلول(سبتمبر) من أن الموساد وكذلك المخابرات البريطانية لم تقدما المعلومات التي كانت متوفرة لديهما حول تلك العملية إلى المخابرات الأمريكية CIA . ولكن المهم في موضوعنا هو أن المخابرات البريطانية كانت –ولا تزال- تستغل منظمة "المهاجرون" بمهارة وأنها كانت من مدبري تفجيرات لندن التي أقاموا الدنيا وأقعدوها بعدها واتهموا المسلمين بتدبيرها وهي في الحقيقة من صنعهم. خبير سياسي تركي ------------------------------------------------- المصريون خاص