من الطبيعي أن تحتفي الصحف القومية الصادرة يوم أمس بالرئيس مبارك ، لأنه يوم أداء اليمين الدستوري ، و لكن ما ليس طبيعيا أن تتسابق ذات الصحف في أن توفر حظا من الحضور الإعلامي في ذات اليوم للسيدة حرمه ! نقلت "الجمهورية" مثلا عن بعض اللائي حضرن مؤتمر "الطفل العربي في مهب التأثيرات الثقافية المختلفة" المنعقد بمكتبة الإسكندرية ، إعجابهن و إشادتهن ب"ريادة " حرم الرئيس في مجال "ثقافة الطفل المصري" . و سارعت شقيقتها الكبرى "الأهرام" إلى نقل تصريحات السيدة سوزان مبارك لتليفزبون المكسيك و لاأدري لماذا المكسيك و ليس المصري و الذي قالت فيه :" إن كل الأنشطة والبرامج التي تقوم بها هي من أجل تحسين أوضاع الأسر المصرية ومستوي معيشتهم, ومهما تتنوع تلك البرامج فإن هدفها هو تحسين مستوي معيشة الأسر المصرية " . و بحسب هذا النص الذي نقله الأهرام فإن حرم الرئيس نسبت "البرامج و الأنشطة " لنفسها ..! يعني اختزلت كل المؤسسات التي اخترعها النظام من أجلها و تُنفق عليها أموال طائلة لا ندري مصدرها و ما إذا كانت تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات .. اختزلتها في شخصها ! ما علينا ! .. المهم أن التليفزبون المصري نقل هذا الحوار للمشاهدين في مصر ..! ليه و عشان أيه ؟! و ما أهميته ؟!.. رغم أن ما قالته كلام عادي و مكرر و محفوظ عن ظهر قلب و ليس له أية أهمية ، و لا قيمة له إلا أنه صادر من حرم الرئيس ! تحدثت السيدة سوزان مبارك عن أنها تقدم مساعدات للفقراء و الأطفال و التأكد من أنهم يتلقون تعليما مناسبا ، و توفير فرص عمل للشباب .. و رفع مستوى معيشة الأسر المصرية و توفيرالاحتياجات الحقيقية للشعب والمجتمع ..! و في واقع الحال فإن هذا كلام عجيب و غريب ..! إذ إن هذه المهام كلها هي من "وظيفة الدولة" و ليس من مهام حرم الرئيس !، و مبلغ علمي أن الدستور المصري لا يعطي أية صلاحيات رسمية لزوجات الرؤساء و لا لعائلاتهم . و كان من دواعي الاستفزاز حقا أن أحد وزراء التعليم السابقين كان كلما سُئل عن شئ في وزارته ، قال بلا خجل و لا كسوف : بناء على توجيهات السيدة الفاضلة حرم الرئيس قمنا بعمل كذا و كذا .. ! رغم أن الرجل هو المسئول عن وزارته و ليست حرم رئيس الجمهورية !! سنفترض جدلا أن دورها إنساني اجتماعي و إن كان ما نسمعه منها هو الاضطلاع بدور و وظيفة الدولة فإننا نود أن نعرف دورها و جهودها في حماية أطفال المعتقلين السياسيين من الفقر و التشرد في الشوارع ؟! خاصة و أن أبائهم غُيبوا في سجون "الزوج الرئيس" بعشرات السنين بلا محاكمات ولم تثبت إدانتهم بل إنهم حصلوا على عشرات الأحكام القضائية بالإفراج عنهم ، يعني لا مجرمين و لا تجار مخدرات و لا حرامية سرقوا أموال المودعين في البنوك و هربوا بها في هذا العهد السياسي الميمون . نريد من السيدة سوزان مبارك أن تطلع الرأي العام المصري وليس المكسيكي و لا الكوري الشمالي أو الجنوبي عن دورها في رعاية أسر المعتقلين السياسيين و زوجاتهم .. أم أنهن لا يحق لهن أن ينلن جزءا من اهتمام و عطف السيدة سوزان مبارك الحنون ؟! سيظل هذا الملف ... ملف المعتقلين السياسيين .. هو المحك الحقيقي ل"شرعية" الدور الإنساني الذي تحاول حرم الرئيس الاتشاح بوشاحه أمام "الغريب" قبل "القريب" ، و أي كلام آخر غير ذلك سيكون عبثا و إهدارا للمال فيما لا طائل له ، و كلاما في الهوى لن يصدقه أحد .