جاء بالمادة رقم 36 من مشروع الدستور الجديد الذي يجرى إعداده في الجمعية التأسيسية أن: "تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية......." ولكن العلمانيين والعلمانيات انتفضوا فى مواجهة الفقرة الأخيرة "دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية" وشنّوا حملة شعواء فى وسائل الإعلام وطالبوا بحذفها. ومع أن هذه العبارة كانت موجودة فى دستور 1971 ودساتير سابقة، إلا أنهم يصرون على حذفها ويقولون إن المادة الثانية من مشروع الدستور تنص على أن ".......مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع" وهذا يكفي. لماذا يقولون ذلك؟ لأنهم يعرفون أن نص المادة الثانية هذا هو نص غامض بعد أن رفضت اللجنة مطلبنا ومطلب القوى الإسلامية بتعديل النص ليكون "الشريعة الإسلامية مصدر التشريع"، حتى نتجنب الدخول فى متاهات حول تفسير كلمة "مبادئ"، ومن هي الجهة التي توضح لنا هذه المبادئ، وخاصة بعد أن أعلن فضيلة شيخ الأزهر الشريف أثناء المناقشات في الجمعية عن موافقته على إبقاء النص كما هو "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع" كما أنه سحب موافقته على أن يكون الأزهر هو المرجعية فى تحديد هذه المبادئ!! مما دعا القوى العلمانية والليبرالية إلى توجيه الشكر لفضيلته على هذا الموقف الهُمام!! كما أن مشروع الدستور الجديد لم يضع آلية لتطبيق نص المادة الثانية، وخاصة بعد إلغاء دعوى الحسبة بتعديل تشريعي صدر سنة 1996 أثناء نظر محكمة النقض لقضية الدكتور نصر حامد أبو زيد، بهدف غلّ يد المحكمة عن نظر القضية، ولكن المحكمة الموقرة تصدت باقتدار واستمرت في نظر القضية وأصدرت فيها حكمًا نهائيًا قضت فيه بأنه "ارتد " عن الإسلام، وقضت بالتفريق بينه وبين زوجته نتيجة لردّته. إذن المادة الثانية أصبحت مادة شكلية فقط وغير قابلة للتطبيق، وهذا ما دعا بني علمان "حسب تعبير الأستاذ خالد عبد الله" إلى التمحك فيها والإصرار على إلغاء أي إشارة أخرى للشريعة في الدستور وخاصة المادة 36، لأن المادة الثانية لا فائدة منها. تمسك "بني علمان" بالمعاهدات الدولية وطالبوا المجتمع الدولى بالتدخل لفرض تلك المعاهدات على مصر، حتى قالت إحداهن فى قناة فضائية: "أية شريعة هذه؟ أليس الذين قتلوا شابًا فى السويس كانوا يطبقون الشريعة؟" رددت عليها فى مداخلة تليفونية قائلاً: "إن هذه جريمة قتل فكيف تسمحي لنفسك أن تلصقيها بالشريعة؟" قالت: "أيوه هىّ دى الشريعة، والجماعة اللى أنتم بتقولوا عليهم فقهاء وعلماء الدين دول ما يلزمونيش"!! ونحن نود التأكيد أن تطبيق الشريعة الإسلامية وإخضاع القوانين لها هو الذي يحقق العدل والمساواة بين الناس فى المجتمع وخاصة بين الرجل والمرأة، ويخلق الشعور بالأمن ويحقق الاستقرار والقوة والعزة لبلادنا. فالشريعة الإسلامية تعلو ولا يُعلى عليها، وتعلو على المعاهدات الدولية والدستور والقانون، "وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا" التوبة40. ونحن نوجه هذه الكلمة بالذات إلى من يعترضون على تطبيق الشريعة ويطالبون بأن تكون مصر دولة مدنية حديثة تستقى قوانينها من الغرب ومن المعاهدات الدولية مهما خالفت الشريعة، ويطالبون الغرب بالتدخل في الشئون الداخلية لمصر لفرض تلك المعاهدات على النظام الدستوري المصري، بزعم أن الشريعة لا تصلح للتطبيق فى العصر الحديث، وأنها رِدًّة عن المدنية وعودة إلى عصر الجهل والتخلف والظلام، عصر الجمل و الصحراء. وقد قالت محكمة النقض المصرية فى حكم لها صدر فى 5 أغسطس سنة 1996فى قضية د. نصر حامد أبو زيد "منشور على الإنترنت" ما يلي: "إن الردة هي الرجوع عن دين الإسلام وركنها التصريح بالكفر إما بلفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه ويعتبر كافرًا من استخف بالقرآن الكريم أو السنة النبوية أو استهزأ بهما أو جحدهما أو كذبهما, أو أثبت أو نفى خلاف ما جاء بهما مع علمه بذلك عنادًا أو مكابرة, أو تشكك في شيء من ذلك, أو عبد أحدًا غير الله أو أشرك معه غيره, أو أنكر وجود الله أو أيًا من خلقه مما أخبر عنه الله في القرآن الكريم, بأن أنكر الجنة أو النار أو القيامة أو الغيب والبعث والحساب أو الملائكة أو الجن والشياطين أو العرش والكرسي أو جحد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو بعموم رسالته للناس كافة, أو شك في صدقه, أو أتى المحرمات مستحلاً لها دون شبهة أو امتنع عن إتيان فعل يوجبه الإسلام إذا أنكر هذا الفعل أو جحد أو استحل عدم إتيانه كأن يمتنع عن أداء الصلاة أو الزكاة أو الحج جاحدًا منكرًا, ويعتبر الممتنع أو الجاحد كافرًا إذا كان ممن لا يجهل مثله الحكم الشرعي, فإن كان ممن لا يعرف مثله ذلك كحديث العهد بالإسلام فإنه لا يعد كافرًا, وكذلك الحكم في إنكار مباني الإسلام كلها, لأن أدلة وجودها لا تكاد تخفى والكتاب والسنة زاخران بأدلتها والإجماع منعقد عليها، فلا يجحدها إلا معاند للإسلام ممتنع عن التزام أحكامه غير قابل لكتاب الله تعالى وسنة رسوله وإجماع أمته, ويعتبر خروجًا عن الإسلام الجهر بأن القرآن من عند غير الله أو أنه من نظم البشر, أو أن الشريعة الإسلامية لا تصلح للتطبيق في هذا العصر أو أن في تطبيقها تأخر المسلمين وأنه لا ينصلح حالهم إلا بالتخلص من أحكامها". وأضافت المحكمة: "وإن كان الاعتقاد المجرد بما سلف لا يعتبر ردة, إلا أنه يعد كذلك إذا تجسد في قول أو عمل, ويكفي عند جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية لاعتبار الشخص مرتدًا أن يتعمد إتيان الفعل أو القول الكفري ما دام قد صدر عنه بقصد الاستخفاف أو التحقير أو العناد أو الاستهزاء, ولا يندفع حكم الردة إذا تحقق ما تقدم وإن ادعى المرتد أنه مسلم لاتخاذه موقفًا يتنافى مع الإسلام, لأن الزنديق يموه بكفره ويروج عقيدته الفاسدة ويبطن الكفر ويدعي الإسلام." و ختامًا: هذا إنذار ووعيد من الله تعالى: "وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 127. صدق الله العظيم