قال وزير الرى الدكتور محمد بهاء الدين إن لجوء مصر إلى الخيار العسكرى بالتعاون مع السودان ضد إثيوبيا، "لا أساس له من الصحة ومبالغ فيه"، لأن مصر "لن تلجأ للعنف مُطلقا، وستقوم بحل الخلاف مع إثيوبيا فى إطار ودي". جاء ذلك ردا على تقرير نشره، معهد "ستراتفور" الأمريكى للدراسات الإستراتيجية والأمنية الذى تطلق عليه الصحافة الأمريكية "واجهة المخابرات المركزية الأمريكية – سى آى إيه –"، قال فيه إن مصر كانت تستعد لتفجير كل سدود إثيوبيا قبل ثورة 25 يناير 2011، بحسب الرسائل الإلكترونية المتبادلة بين دبلوماسيين مصريين وعرب وأمريكيين التى قالت مؤسسة "ستراتفور إنها حصلت عليها، وأعادت نشرها مجددا أمس. وكشف بهاء الدين فى تصريحات لوكالة "الأناضول" للأنباء عن زيارة رسمية سيقوم بها إلى الأراضى الإثيوبية الأحد المقبل فى إطار اجتماع دول حوض النيل الشرقى (السودان وإثيوبيا ومصر). وأوضح أن "الزيارة تهدف لبحث التعاون بين دول حوض النيل الشرقى ومناقشتهم فى القيام بمشروعات تنموية وكذلك تفعيل أنشطة العمل فى مكتب "الإنترو" للتعاون الفنى بين إثيوبيا ودولتى المصب (مصر والسودان)، على أن يتم تناول ملف حوض النيل بعد تقرير الخبراء الفنيين". ونفى الوزير المصرى ما نشرته صحيفة مصرية أمس، بأن يكون هناك تكليف لمكتب استشارى إيطالى بإعداد دراسة عن الآثار السلبية لسد النهضة الذى تعتزم إثيوبيا تشييده على النيل. وعقب قائلا: "كيف نكلف مكاتب استشارية بمتابعة ملف مياه النيل، أو حتى نعتمد على هذه التقارير فى حال قيامها بذلك مستقلة عنا، فى حين أن لدينا بالفعل لجنة خبراء فنيين تشمل 4 خبراء دوليين". وأضاف أن "ما توصلت إليه لجنة تقييم سد النهضة الإثيوبى (التى تم تشكيلها بالتوافق بين مصر والسودان وإثيوبيا) تقرير أولى، وليست نتائج نهائية، والتقرير النهائى سيكون فى نهاية فبراير عام 2013، وبالتالى فلا صحة للحديث عن تقديم تقرير أولى للرئيس الآن". ولم يعط الوزير أى تفاصيل عن مضمون التقرير الأولى، غير أن تقارير إعلامية مصرية أشارت إلى أن التقرير يؤكد أن بناء سد النهضة سيقلص حصة مصر من مياه النيل. من جانبه، قال خالد وصيف المتحدث الإعلامى باسم وزارة الرى المصرية إن "الدخول فى حرب مع إثيوبيا مستبعد، لأن الخلاف حول سد النهضة فنى وليس سياسياً، وخير دليل على ذلك أن تصريحات المسئولين فى إثيوبيا ومصر تتناول كيفية تشييده بدون إلحاق أضرار بمصر". وأضاف أن "مصر لا تعارض توليد إثيوبيا للكهرباء ولكن الأهم طريقة بناء السد وحجمه وطريقة تشغيله أيضاً"، مشيراً إلى أن "وزارة الرى مازالت تنتظر القرار النهائى للجنة تقييم السد فى آخر العام، وفى حال ما ثبت وجود أضرار فعلية من السد سيتم التغلب عليها من خلال حلول هندسية وليس بالحرب، لأنها تبقى آخر بديل لمصر". وكان معهد "ستراتفور" الاستخباراتى الأمريكى نشر صباح أمس تقريرا قال فيه إن مصر كانت تستعد لتفجير كل سدود إثيوبيا فيما قبل الثورة المصرية، من خلال مناقشتها لإمكانية القيام بعمل عسكرى بالتعاون مع السودان لحماية حصصهم فى مياه نهر النيل. وكانت وثيقة ل"ويكيليكس" – من المرجح أنها مأخوذة من وثائق ستراتفور - بتاريخ 24 مايو2010 أشارت – نقلا عن مصدر دبلوماسى لم توضح هويته - إلى أن الراحل عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية وقتها، كان يريد أن يعرف ما إذا كان رئيس السودان عمر البشير على استعداد للسماح للقوات المصرية بما فيها وحدات للكوماندوز المصرية، بالتمركز فى السودان تحسبا لاحتمال القيام بتفجير السدود الإثيوبية تحت الإنشاء، فى حال ما إذا فشلت كل حلول مصر الدبلوماسية معها. وأوضح المصدر نفسه أن الحكومة المصرية – فى ذلك الحين فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك - قالت إنها ستقوم بكل ما فى وسعها لتجنب هذا العمل العسكرى لحل الأزمة. وأشارت الوثيقة نفسها إلى أن الرئيس السودانى عمر البشير قد وافق على السماح للمصريين ببناء قاعدة جوية صغيرة فى منطقة كوستي (260 كيلو مترا جنوب العاصمة السودانية الخرطوم)، لاستيعاب القوات المصرية الخاصة التى قد ترسلها مصر إلى إثيوبيا لتدمير مرافق سد النهضة. ونقلت "ويكيليكس" عن وثيقة أخرى من وثائق ستراتفور، بتاريخ 29 يوليو 2010، أن عمر سليمان قال: "نعم نحن نناقش التعاون العسكرى مع السودان، وإذا ما وصل الأمر إلى أزمة، سوف نرسل طائرة لضرب السد والعودة فى يوم واحد، أو نرسل قواتنا الخاصة لعرقلة بناء السد".