حصلت مصر على درجة "صفر" فى مهرجان الإسكندرية السينمائى ال 28 الذى اختتمت أعماله منذ أيام قليلة مضت يوم 18/9/2012.. حصل التونسيون والأتراك على جوائز.. وخرجت السينما المصرية.. الأعلى صوتا وجلبة وشوشرة وكلاما كثيرا عن الإبداع وحريته بفضيحة مهنية كبيرة. جاءت "الفضيحة" بالتزامن مع حملة مجتمع الفن المخملى على الإسلاميين واتهامهم بأنهم ضد "الإبداع" عقب أزمة الممثلة إلهام شاهين مع داعية محسوب على الأزهر، اعتبرت انتقاداته للأولى "قذفا" فى حقها! من يسمع كل هذه "الجلبة" بشأن الإبداع السينمائى فى مصر، يعتقد بأن ثمة إبداعا حقيقيا مهددا من قبل "الظلامية" الدينية كما يصفها أهل الفن. والحال بأن النموذج السينمائى المصرى والعربى عموما ليس له أية رسالة حضارية لها هيبتها أو حضورها على خريطة السينما العالمية.. بسبب "تفاهة" الفحوى والمادة التى تقدم للجمهور.. والتخلف التقنى واعتماد هذه الصنعة على "الشباك" من خلال تقديم سينما "خلاعية" تخاطب الغرائز وتعمل على "تهييف" العقل العربي. وفى هذا السياق، فإن شركة "كلينك ستديو" بالتعاون مع فضائية "روتانا" دعت منذ ثلاثة أعوام تقريبا أشهر مدرب لكتابة السيناريو فى العالم، السيناريست الأمريكى "سيد فيلد"، لتنظيم ورشة سيناريو ل 15 "سيناريست" مصريا محترفا. تكالبت على "فيلد" آنذاك صحف وفضائيات مصرية، كل أجرى معه حوارا، وقد صدم الرجل بصراحته المصريين، الذين لا يعرفون من هذا الفن إلا ما يقدمه لهم المنتج المحلى من سينما "متخلفة عقليا". كشف "فيلد" عن أنه لم يشاهد عبر عمره الطويل إلا ثلاثة أفلام مصرية فقط، أضعفها بوجهة نظره فيلم "عمارة يعقوبيان"! الصدمة الأكبر أن "فيلد" عندما سئل عن رأيه فى أفلام يوسف شاهين ويسرى نصر الله .. قال بلا تردد : "لا أعرفهما"! وعندما سئل: هل شاهدت أياً من أفلام المخرج مصطفى العقاد؟ أجاب: لم أسمع عنه من قبل، ولم أشاهد أياً من أفلامه، ولأول مرة أعلم أنه كان يقيم فى الولاياتالمتحدة وأنتج وأخرج عدداً من الأفلام! هذا ما قاله أشهر كاتب سيناريست فى العالم، عن أكبر رمزين فى السينما المصرية "يوسف شاهين"، والعربية "مصطفى العقاد"، فماذا سيكون رأيه إذا سئل عن عادل إمام والفنانين "الكبار" مثل محمود ياسين ونور الشريف ومحمود عبد العزيز وفاروق الفيشاوي، ونجمات مصر الأول: نبيلة عبيد ونادية الجندي، ويسرا وإلهام شاهين، وليلى علوى وفيفى عبده وغيرهن؟! والحال أن الإعلام المصري، والعربى عموما، ما انفك يمارس لعبة صناعة النجوم، وفق معايير ليس لها أية علاقة بالمهنية والحرفية السينمائية، فيما بات أكثر من 90% من المادة الإعلامية العربية والمصرية على وجه الخصوص، مشغولة بحياة الممثلين وأعمالهم، على النحو الذى يجعل المشاهد، يتوقع أن العالم كله مشغول بالسينما والفن المصري، وأنه لا يوجد بيت فى قارات العالم الخمس، إلا وقد زينت جدرانه بصور عمرو دياب ومصطفى قمر، وعادل إمام ومحمد هنيدي، وغادة عبد الرازق ونادية الجندي، وكل من مثّل علينا دور "الفنان العالمي" الذى باتت أدواره تدرس فى المعاهد والجامعات المتخصصة فى الفنون السينمائية! والحال أن السينما المصرية والفنانين المصريين مجهولة على المستوى العالمي، ولا يعرف عنها الوسط الفنى الدولى شيئا، وقد أصابها من التخلف ما أصاب كل قطاعات الدولة، وليس لها أية قيمة فنية ولا إنسانية، إلا بقدر ما يخطط لها من صخب إعلامي، فى إعلام مصري، لا يقل عنها تخلفا، يميل إلى عمل "الحواة" والشعوذة ليُسحر أعين الناس، ويصنع لهم من "الفسيخ" "شربات"، كما يقول المصريون. شهادة كاتب السيناريست الأمريكى الكبير "سيد فيلد" شهادة حقيقية ليس فيها أى تكلف أو قصد الإساءة لمصر ولنجومها "الكبار"، ومع تقدير البعض لعطاء مخرج بوزن وحجم يوسف شاهين، إلا أنه يظل منتجا محليا مسكونا ب"عقدة الخواجة".. وظل على حاله عند حدود "الاتباع" لا "الإبداع" .. فلم تعرفه الأسواق العالمية، بقدر معرفتها بأقرانه الإيرانيين مثلا الذين أبدعوا من داخل تراثهم الاجتماعى بلا تجميل أو تزوير أو تقليد للغرب، ليكتشف العالم "إنسانيته".. فالغرب لا يريد أن يرى صورته فى نسختها العربية (كما هو الحال فى السينما المصرية اليوم)، وهذه هى الحقيقة التى ما زال الفنانون المصريون، تأخذهم العزة بالإثم حيالها. [email protected]