ما دلالة أن يصرح أيمن الظواهرى -خليفة أسامة بن لادن فى تنظيم القاعدة- بأن بن لادن- وفى هذا الوقت بالذات- كان إخوانيًا أو بلغة السوقة والدهماء "إخونجيًا"؟! هل أتت تصريحات الظواهرى فرحًا بما حققه "الإخوان" من انتصار على المستوى المحلى ثم العالمى ورفع اسم الإسلام وقيمة العدل والتواضع والتسامح والاعتداء بثوابت الإسلام وقيمه والغيرة على رسول الإسلام فى قلب الأممالمتحدة فألح أن يجعل من "الإمام" أعنى به بن لادن- كما وصفه الظواهرى- تربى فى مدرسة الإخوان التى كانت تهتم بمسألة الجهاد ومحاربة ما تراه عدوًا سواء كان الإنجليز فى مصر أيام الاحتلال البريطانى أو السوفييت فى الحرب الأفغانية؟ وأراد الظواهرى بذلك أن يوصل رسالة مفادها أن الرياح المواتية الآن القاعدة التى يتزعمها الظواهرى- وهى حركة جهادية من الدرجة الأولى- هى امتداد للحركة الإخوانية التى كانت تضع الجهاد ضمن أولوياتها وإن كان جهادها قاصرًا على العدو الواضح العداوة للمسلمين والذى كان يحتل أرض المسلمين وبلاد المسلمين أيام أن كان بلاد المسلمين ترزح تحت نير الاحتلال البريطانى والفرنسى والإيطالى. هل تمثل رسالة الظواهرى جرس إنذار لأمريكا أن "الإخوان" متفقون فى الهدف الأكبر للقاعدة والمتمثل فى البغضاء الشديدة لها فاحذرى يا أمريكا فهناك قاعدة أخرى ستقلق منامكم وتشغل بالكم وليست القاعدة هى العدو الأوحد لأمريكا فقط؟! كل ما سبق وارد لكننى لست مع الذين يرون أن ظهور الظواهرى الآن، وفى هذا الوقت الذى حل الرئيس مرسى على أمريكا وخطب فى الأممالمتحدة، هى رسالة أمريكية- باتفاق قاعدى أمريكى- لتشويه صورة الإخوان وأنهم والقاعدة يخرجان من مشكاة واحدة هى الدفاع عن الإسلام باستخدام سلاح الجهاد الذى يلقى فهمًا مغلوطًا لدى المسلمين ولدى الأمريكيين أيضًا، فالمسلمون يرون حرب أمريكا دينًا، وتخريب مصالحها عبادة وقربة لله، وهو فهم مغلوط يعطى صورة سيئة عن الإسلام وأخلاق الإسلام وسماحة الإسلام وقبول الإسلام للآخر ما لم يبد هذا الآخر عداوته الظاهرة للإسلام وتعديه فى إعلان الحرب على المسلمين وأرض المسلمين.. والأمريكيون يرون أن الجهاد ما هو إلا إرهاب إسلامى"، وجب أن تأخذ أمريكا والغرب حذرهم منه لأنه لو صحا فى نفوس المسلمين لعادت الحروب الإسلامية الصليبية من جديد وهى الصورة المختمرة فى نفوس أمريكا والغرب- وإن حاولوا إخفاءها فى طيات الضمير- وقد ترجمت زلة لسان بوش الرئيس السابق لأمريكا عندما قال فى أعقاب حادثة 11 سبتمبر إن "الحرب الصليبية بدأت".. وكانت للجملة مالها وفيها ما فيها وتحمل فى طياتها التوجس الصليبى ضد كل ما هو إسلامى وإن كان ما تعرضت له أمريكا فى هذا الحدث كان بتصرف فردى وليس بتصرف دولى إسلامى. وفى نظري فإن أسامة بن لادن و"أخونته" لم تكن بالمعنى الحرفى للانتماء لتلك الجماعة، بقدر ما كان الرجل يبحث عن شيء إسلامي يحقق فيه نظرته لنصرة الإسلام فلم يجد على الساحة إلا "الإخوان" قبل أن تظهر بالطبع تلك الحركات الأخرى من الجهاد والتكفير والهجرية ثم القاعدة لاحقًا، فكان التحاقه اعتبار الحركة وامتدادها على مستوى العالم العربى مصر والسودان وسوريا والأردن والسعودية أيضًا سببًا فى الوصول إلى ما يريد أن يصل إليه، وإلا فالدنيا كلها- فضلاً عن أقطاب الإخوان- لا تعتبر الكاتب الصحفى أنيس منصور رحمه الله "إخونجيًا" مثلاً وهو الذى قال تربيت فى كنفهم وكنت أحضر دروسهم ومجالسهم وأخطب الجمعة فى مساجد يشرفون عليها وسجل ذلك فى كتابه "كانت لنا أيام فى صالون العقاد"؟ ولا أزعم أن بن لادن كان إرهابيا- قبل 11 سبتمبر- باعتبار أن المعارك التى خاضها فى أفغانستان كانت من منطلق إسلامى وسياسى وكانت الأمة الإسلامية كلها تؤيده فى ذلك وتسعى للخلاص من العدو الشيوعى و"الإلحاد الأحمر" والكابوس الجاثم على أفغانستان المسلمة، أما ما حدث عقب ذلك وتغير الظروف وانتهاج بن لادن سياسات أخرى ومنهجية أخرى فى الحرب على أمريكا ومصالح أمريكا فى عدة بلدان عربية منها هجمات 11 سبتمبر وتفجيرات لندن 7 يوليو 2005 وتفجيرات مدريد 2004، والجنوح لإعلان التخريب أيضا على الدول التى تتبنى مصالح وصداقة أمريكا وتصادقها وتقرها على سياستها فى المنطقة فهذا الذى يراه الكثير أنه الإرهاب بعينه وانتقدوا فيه بن لادن ولا يزالون ينتقدونه حتى بعد موته الموتة المفاجئة على يد عدوته أمريكا وجعل البحر هو قبره؛ حتى عدت تغطية وسائل الإعلام لموت أسامة بن لادن ثالث أكبر قصة إخبارية فى العالم فى القرن الحادى والعشرين فورد ذكر قصة بن لادن أكثر من 84 مليون مرة فى وسائل الإعلام العالمية المطبوعة والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت. سيظل أسامة بن لادن يحظى بين محبيه ومبغضى أمريكا هو "مجدد الجهاد" أو "الإمام" كما وصفه الظواهرى، وأنه الرجل الذى استطاع أن يزلزل كيان العدو ويوقظ فى قلوب أمريكا والغرب أن الإسلام هذا المارد الجبار قادر على فعل الكثير لو وجد له رجال مثل بن لادن ومن معه.. وسيظل أيضًا فى نظر كارهيه ومبغضيه "الإرهابى" الذى أضر الإسلام من حيث أراد نفعه وشوه صورته فى الدنيا كلها ولم يفد الإسلام منه ولا من حركته ولا من قاعدته أى خير كان يرجى؟؟ ************************** ◄◄ آخر كبسولة: ◄◄عمرو حمزاوى يطلب من أمريكا إنقاذ مصر من الإسلاميين .. ووائل غنيم يرد عليه أنا آسف يا عمرو ! = هذا هو ممثل الوطنية والغيرة على الوطن وأنه غير منحاز لأحد ضد أحد فى الوطن وأبناء الوطن، يضرب كل ما هو إسلامى ويستعدى أمريكا علينا.. لقد كان وائل غنيم حنونًا عليك رءوفًا فى رده، أما العالم الإسلامى كله فيقول لك: "الآن حصحص الحق" وعرفنا من يراود أمريكا على وطنه ودينه أمته.. وليت أنصارك والمعجبين بك يأخذون منك موقفًا رجوليًا لايكتفى بكلمة "آسف يا عمرو" فقط. دمتم بحب [email protected]