مما لا شك فيه أن أنصار النظام السابق وأصحاب المصالح الخاصة يأبون أن يروا بعيونهم المسمومة الحقائق التى تفضح أكاذيبهم، ومهما تعددت محاولتهم واختلفت فى مظهرها فإن الجامع بينها أنها فاقدة المصداقية، فيخرج علينا الدكتور إبراهيم درويش معلناً أنه لا يجوز للرئيس مرسى إلغاء الإعلان الدستورى وهو ما ذهب إليه أيضاً المستشار عبد الفتاح مراد، والحقيقة أن سلطة الأمر الواقع التى كان يستند إليها المجلس العسكرى فى إدارة البلاد قد انتهت منذ لحظة انتخاب الأستاذ الدكتور محمد مرسى رئيساً للجمهورية، كما أنه لا يوجد عرف يقضى بأحقية المجلس العسكرى فى إصدار إعلانات دستورية بل أن تاريخنا الدستورى يؤكد أحقية رئيس الجمهورية فى إصدار إعلانات دستورية. والأستاذ شوقى السيد فقد أعصابه تماماً حيث ذهب إلى أنه يتعين على المجلس العسكرى أن يتصدى لقرارات مرسى العاصفة، كما يجب على الشعب أن يخرج ليحدد مصيره بنفسه، ونحن نتساءل ألم يقرر الشعب مصيره فى انتخابات الرئاسة، فهل تريد إقحام الجيش فى ساحة السياسة من أجل حساباتك المغرضة فتاريخك الأسود معروف، ألم تكن مشاركاً فى محاولة تقنين مبدأ "تقدير مقبول + بيئة قضائية = تعيين فى القضاء" من قبل المستشار أحمد الزند. الإعلامية لميس الحديدى سبقت كل المحللين فور أحداث رفح بقولها (أكيد عرفتوا خطورة أن يكون على رأس الدولة شخص قادم من جماعة الإخوان المسلمين) والحقيقة أن الأدلة هى فدية الحقوق وأن البينة على من ادعى خلافاً للظاهر وأن الأصل فى الإنسان البراءة وعلى من يريد أن يدين أى إنسان أن يقيم الدليل القاطع على إدانته، فكلام السيدة لميس لا يخرج عن كونه دعوة للحنين إلى الماضى. والأستاذ محمد أبو حامد جمع بين سوء النية وسوء الفهم حيث يرى أن الشعب المصرى يعيش فى حالة من التيه، والواقع أن التيه والضياع فى الأرض الذى لحق باليهود كان نتيجة لرفضهم أمر موسى عليه السلام أن يدخلوا معه الأرض المقدسة خوفاً من أن يقتلهم الجبارون، وذلك بسبب جبنهم وضعف نفوسهم بينما الشعب المصرى خرج فى 25يناير وأسقط الدكتاتور، فقد أخطأت فى القياس يا أبو حامد كما أخطأ فيه إبليس وهو أول من قال بالقياس وأخطأ فيه حين رأى إبليس أن النار أفضل من الطين والأمر ليس كذلك، وفى ذلك يقول الله تعالى "قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين". ومن نوادر الأستاذ أبو حامد قوله كيف لرئيس جمهورية أن يستدعى أو يتعرض لقرار صدر قبل انتخابه رئيساً للجمهورية وهو يقصد بذلك قرار رئيس الجمهورية بسحب قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 350 لسنة 2012م، والحقيقة أنه لا حاجة إلى الإطالة فى بيان جهل أبو حامد بالموضوع الذى تصدى له إذ لم يكن مطالب سوى بقراءة مبادئ القانون أو قراءة كتاب فى القضاء الإدارى والدستورى للتعرف على حقيقة الأمور. يخرج علينا فى النهاية الأستاذ أبو حامد بتصريحات أطلقها فى إحدى الكنائس بالقاهرة بأن القاهرة أقدس من القدس والهرم أقدس من المسجد الأقصى ويعاود التأكيد بأن كلامه هذا من منطلق سياسى وأنه لا تصادم بين المقدسات الوطنية والدينية. ومن جانبنا، نرى أنه لا يوجد تصادم ولكننا نؤكد وجود اختلاف بين المقدسات الوطنية والدينية وهو ما لم يدركه الأستاذ أبو حامد ولكنه اختلاف الإثراء أو اختلاف التكامل أو اختلاف التنوع، وبالتالى فإن إجراء المفاضلة (القدس، القاهرة) (الأهرام، المسجد الأقصى) وإعلاء وتفضيل أحدهما على الآخر كما فعل أبو حامد يوحى بل يؤكد أن هناك تصادماً بينهما، وبالتالى لا يمكن تلاقيهما أو اجتماعهما معاً. من الواضح أن الأستاذ أبو حامد قد غلبته نفسه ومطامع النفس سيطرت عليه تماماً. أخيراً وليس آخراً نود أن نشير إلى أننا ما زلنا فى انتظار القرارات الثورية، وكما هو ظاهر من الأحداث الجارية بأن أنصار النظام السابق يحاولون جرنا إلى الماضى بكل ما أوتوا من قوة وعليه فإنه قد آن الأوان للجوء إلى حلول غير تقليدية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتطهير القضاء واستئصال جذور الفساد من كل مؤسسات الدولة. دكتوراه فى التحكيم التجارى الدولي