أهلها رفضوا العشيق والزوج يتهمه.. «عقيم» يطالب بإلغاء نسب «ابنته» له.. بعد 16 عامًا.. اكتشف «الخيانة».. تزوجها ب«فرش حشيش» ورفض الاعتراف بنسب الطفلة لا تخلو محاكم الأسرة من القصص المأساوية الخاصة بإثبات النسب أو إنكاره، وحسب إحصائيات، وصل عدد دعاوى "نفي النسب" إلى 5 آلاف دعوى في 2016 فقط، بينما رفعت 12 ألف دعوى إنكار نسب تراوحت مدد الزواج فيها بين سنة و18 عامًا، و53? منها تم رفعها خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج، أما النسبة الباقية فكانت لدعاوى رفعت بعد أكثر من 10 سنوات وحتى 18 عامًا من الزواج. والسبب الرئيسي لمثل هذه الدعاوى مرتبط دومًا بالخيانة والفقر وانعدام الدين والأخلاق، والضحية الوحيد في كل الأحوال هو الطفل الذي يلازمه العار طيلة حياته، نتيجة وصفة ب "ابن الحرام". ويزداد الأمور صعوبة في دعاوى إنكار النسب لابن في سن الشباب أو ابنة في سن الأنوثة، ولك أن تتخيل الحالة النفسية التي يمر بها الابن في تلك اللحظة. "المصريون" تفتح الملف الشائك وتستعرض قصصًا من داخل محاكم الأسرة. أهلها رفضوا العشيق والزوج يتهمه البداية من داخل محكمة الأسرة بزنانيري، حيث أقام "م.ع" دعوى قضائية، لإنكار نسب طفله الصغير من زوجته بعد عام ونصف من الزواج، مبررًا ذلك كونه اكتشف أن زوجته تخونه وعلى علاقة غير شرعية مع عشيقها الذي تتواصل معه قبل زواجها منه. وادعى أنّ الولد ليس من صلبه "خاصة" بعد الرسائل التي فضحت ما بينهما، مؤكدًا أنه ينوي رفع دعوى زنا بالرسائل كي يعرف الجميع حقيقتها. وأضاف: "تزوجتني لأن أهلها رفضوا العشيق، لأنه يتعاطى المخدرات ولا يعمل، وشعرت بذلك بعد الزواج حيث كانت تمتنع عن ممارسة العلاقة معي كثيرًا بحجة تعبها في الشهور الأولى من الحمل وصدقتها، بل كنت أشفق عليها، حتى وضعت الطفل ويشاء القدر أن أكتشف خيانتها، وعلاقتها معه بعد أن وضعت الطفل بأسبوع واحد، من خلال الرسائل التي كانت واضحة وصريحة، فأيقنت أن الطفل ليس من صلبي؛ لذا تقدمت بدعوى لإنكاره". "عقيم" يطالب بإلغاء نسب "ابنته" له بينما أقام "م.ع.ا"، دعوى أمام محكمة الأسرة، يطالب فيها بمحو اسمه من شهادة ميلاد ابنته، وإنكار نسبها له، بعدما تأكد عقمه وعدم قدرته على الإنجاب، بعد مرور 13 عامًا على زواجه وخداع طليقته له. وقال الزوج في دعواه، إنه تزوج من "ه.ع"، وأنجبت بنتًا على فراش الزوجية، وطلقتها بسبب خلافات على سلوكها وتصرفاتها التي لا تليق بمجتمعنا الشرقي، وتزوجت بأخرى ولم تنجب مني لمدة 5سنوات، مما دفعني لإجراء فحوصات طبية لمعرفة السبب، فتبين من خلال الفحوصات والتحاليل أنني عقيم لا أنجب، وقمت على إثر ذلك برفع دعوى أمام محكمة الأسرة طالبًا الحكم بنفي نسب ابنته. بعد 16 عامًا.. اكتشف "الخيانة" وفي قضية مشابهة، وقف أب أمام محكمة الأسرة يطالب بنفي نسب ابنته بعد زعم اكتشافه، لأنها ليست من صلبه، بعد مرور 16 عامًا على إنجابها واتهامه زوجته بالخيانة، مؤكدًا أنها أقدمت على ذلك طمعًا في أمواله برفقة عشيقها التي ما زالت تجمعها وإياه علاقة. وقال: "بعد ضبطي لها في وضع مخل أخلاقيًا معه بمنزلي، اعترفت بكل بجاحة، وهددتني بأنني لن أستطيع أن أثبت الاتهامات، وطالب الزوج بإجراء تحليل البصمة الوراثية واستكمال التحقيقات مع زوجته في بلاغ الزنا المقدم؛ بناءً على شهود الواقعة وتحريات المباحث". تزوجها ب"فرش حشيش" ورفض الاعتراف بنسب الطفلة "آية. م" أقامت دعواها أمام محكمة الأسرة بالزنانيري بإثبات نسب طفلتها، 5 سنوات ل"م.م". وقالت مُقيمة الدعوى رقم 1379 لسنة 2018، إنه عندما شاهدها صديق زوج والدتها، طلب الزواج منها رغم صغر سنها، وأجبرها زوج أمها على الزواج منه "مقابل فرش من الحشيش"، وأثمرت الزيجة عن إنجاب طفلة، لكن الزوج لم يعترف بها. وأضافت صاحبة ال22 سنة: "كان زوجي يأتي لمنزلنا الموجود بنفس عقار أهلي يومًا واحدًا في الأسبوع وعندما علم بحملي ابتعد، وأخذ ورقة زواجي من والدتي، وبعد إنجابي ظل الوضع كما هو ولم أعلم عنه شيئًا، وأحد الجيران كان يتكلف بمصاريف البنت، وبعد فترة تفكير طويلة، ذهبت إلى منزله وتركت طفلتي للبقاء مع أخواتها الأكبر منها من زوجته الأولى". وتابعت الزوجة: "زوجي دخل لمنزلنا وبدون مبررات قام بضربي ورمى طفلته على الأرض وقام بتهديدي إذا لم تبتعد عن منزله، وصرخت في وجهي بأن الطفلة ليست تكن ابنته، وهي الآن أتمت ثلاث سنوات من عمرها ولم ينفق عليها جنيهًا واحدًا، ولم يجعلها تشعر بحنية الأب". وواصلت: "تحدثت إليّ سيدة موجودة أمامي بالمنزل الآخر، وناقشتها بأني تزوجت في سن صغيرة عرفيًا، فنصحتني بالذهاب إلى محكمة الأسرة لرفع دعوى إثبات نسب ابنتي، لجلب حقها، ومازالت الدعوى منظورة حتى الآن". الولد للفراش وقال الدكتور إبراهيم شاهين، الخبير القانونى: "تعددت خلال الفترة الأخيرة الحالات التي ينكر فيها بعض الآباء نسب أطفالهم، ولا تجد الأم أمامها إلا خوض الطريق القانوني لإثبات نسب طفلها، فمن الناحية القانونية، نجد أن القانون المصري لم يتطرق لموضوع النسب إلا في المادة "15" من المرسوم لقانون رقم 25 لسنة 1929، وقد نص على ما يلي: "لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد، ولا لولد زوجة أتت به بعد سنة من غياب الزوج عنها، ولا لولد المطلقة والمتوفَّى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة". وأضاف "الطفل ينسب ل"الفراش" حتى لو كان نتيجة زواج عرفي أو علاقة غير شرعية، لكن تجربة إثبات المرأة لنسب طفلها إلى من ينكره تمر بالعديد من الإجراءات، ووفقًا للقانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة، تبدأ إجراءات إثبات نسب الطفل من خلال لجوء المرأة إلى مكتب تسوية المنازعات في محكمة الأسرة التابعة لها، وإن لم يحدث الصلح بين الطرفين، تحال القضية إلى المحكمة بعد 15 يومًا من خلال تقديم المرأة عقد زواج عرفي أو رسمي". وتابع: "في حال لم يكن هناك زواج تقدم المرأة شهادة شهود لتأكيد علاقة الزواج، أو من خلال إثبات الإقامة مع الزوج، أو عن طريق شهادة الشهود عن مكان كانا يتلاقيان فيه، أو قرينة تثبت اختلاءهما ببعضهما داخل غرفة مغلقة، وتحتكم المحكمة إلى تلك القرينة، فالنسب يثبت بالزواج ولو لم يكن ثابتًا في أية ورقة، بأن كان شرعيًا محضًا. واستطرد: "أما في حالة الزواج العرفي، فلا يشترط في إثبات النسب تقديم عقد الزواج العرفي، بل يكفي أن يثبت بالبينة حصوله وحصول المعاشرة الزوجية في ظله، باعتبار البينة الشرعية هي إحدى طرق إثبات النسب، كما أنه ليس بلازم أن يشهد الشهود بحضور مجلس ذلك العقد العرفي، بل يكفي أن يشهدوا بعلمهم بحصوله لأن الشهادة بالسمع جائزة، وتطلب المحكمة حضور المدعي عليه (والد الطفل) وإن لم يحضر يتم إخطاره مرة ثانية، وإذا رفض المدعى عليه الحضور، تطلب المرأة من المحكمة تحليل الحمض النووي DNA وهو طلب غير ملزم، وإذا ثبت من خلال التحليل أنه الأب، تحكم المحكمة بإثبات النسب، وإذا رفض المدعى عليه إجراء التحليل، يكون للقاضي سلطة تقديرية في إثبات النسب". أزمات نفسية واجتماعية بينما حذر الدكتور خالد بدر، أستاذ علم النفس الاجتماعي في كلية الآداب جامعة القاهرة من أن "قضايا إنكار النسب أصبحت تمثل خطورة شديدة على سلوكيات الأطفال، وخاصة في محاولة الأم إثبات نسب طفلها قد يؤدي إلى إصابته بأزمة نفسية تجعله شخصًا غير سوي في المستقبل؛ لاتصاف المشكلة بالعار، فيتولد لديه شعور بالدونية والعقد النفسية نتيجة عدم اعتراف المحيط الواقع به بالطفل. وأضاف "حتى بعد صدور حكم بإثبات النسب يظل الطفل يشعر بالوصم طوال عمره، وهو ما يؤثر عليه في كل مراحل حياته، وتجعله مصابًا بالاغتراب وعدم القدرة على الاندماج مع أقرانه. في السياق ذاته، أوضح الدكتور يسرى عبد المحسن، أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة، أن "مشكلات إنكار النسب متشعبة فقد يكتشف الزوج أنه مصاب بالعقم ويحاول رفع قضية إنكار نسب نتيجة شكه في الأطفال، ويزداد الأمر مع الأشخاص الشكاكين بطبعهم، حيث إنه من الوارد أن يكون ذلك الشخص طبيعيًا جدًا لكن تصرفات الشخص المقابل هي التي تدفعه للشك". وتابع: "في هذه الحالة، لا يعتبر الشك مرضًا نفسيًا، بل أمور عارضة جراء تعاملنا مع الواقع بالمجتمع، وهو يختلف من شخص لآخر، على حسب البيئة التي يعيش فيها، وهناك من يصاب بمرض عضوي، وهو ما نطلق عليه "ضلالات الشك" وهى بمعنى اليقين التام والراسخ والمعتقد الثابت، أن هناك مؤامرة ما تدبر ضده، أو يوجد خيانة زوجية، أو مثلًا اتفاق أحد الأشخاص ضده، وأن اليقين التام بتلك الأمور". وأشار إلى أن "كل هذه التصرفات تكون نتيجة خلل عقلي بسبب تغيرات في كيميا المخ، ولا يمكن تصحيحه بالحجة أو المنطق أو حتى الواقع، وأنه لابد من العلاج الدوائي، بل ويتطلب الأمر أحيانًا الخضوع إلى جلسات بالكهرباء".