دأبَ بعضُ أهل الفن على السخرية من الإسلاميين بشكل فجٍّ غير مقبول، ومؤخرًا تهكَّمت إحدى الفنانات على رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، بل أهانه بعضهم إهانة سافرة بكل وقاحة دون خجل أو حياء!!، ولا نفهم سر هذا العداء المبدئى الذى يكنُّه معظم الفنانين للإسلاميين، ولعل سبب ذلك شعور نفسى عميق لدى هؤلاء الفنانين بأن أغلب ما يقدمونه للناس يتناقض مع قيم الإسلام وأخلاقه وفضائله ومثُلِه العليا!! وقد أدّى الهجوم الحاد للفنانة إلهام شاهين على الإسلاميين وانتقاصها من قدرهم إلى غضب الشيخ (عبد الله بدر) فانتقدها علانية بأسلوب أكثر حدة، ورفض أن تقحم نفسها فى شأن الإسلام؛ لأنها بحسب كلامه لم تقدم للمجتمع سوى العرى والرذائل والتحريض على الفسق والفجور!! والواقع أن غالبية الشعب المصرى تتفق مع مضمون كلام الدكتور (عبد الله بدر) وإن اختلفت مع أسلوبه الحاد وكلماته القاسية، ومن حق (إلهام شاهين) أن تغضب لكرامتها، وتدافع عن نفسها، ومن الطبيعى جدًا أن يغضب لها ويتضامن معها زملاؤها الفنانون، لكن هذه هى حقيقة نظرة المجتمع المصرى لمعظم الفنانين؛ بسبب الإسفاف والابتذال والسُخف والعرى والانحلال الذى يقدمونه، وليسمحوا لى بأن أذكِّرهم بهذين الموقفين: 1. الأول: قبل عدة سنوات حينما تكلم الفنان (محمود حميدة) فى تصريحات إعلامية عن وضع الممثل فى وجدان المصريين، فأكد أن الممثل ليس محل تقدير أو احترام، رغم هالة النجومية التى تُصنع حوله، وذكر أن المشخصاتى (أى الممثل) كان إلى عهد قريب مردود الشهادة لا تؤخذ بشهادته فى المحاكم. 2. الثانى: قبل نحو عامين أعرب الفنان (عادل إمام) عن رفضه التام لاحتراف ابنته التمثيل؛ حتى لا تؤدى مشاهد القبلات والأحضان.. وغيرها!! ولما احتجوا عليه بأنه يمارس ذلك مع زميلاته الممثلات أجاب: إنهن اخترن هذا المجال برغبتهن، ويوافقن على أداء مشاهد القبلات والأحضان ويقبضن ثمن ذلك، وكل واحدة حرة فيما تقبله لنفسها، لكنه لا يرضى ذلك لابنته، وقد أثارت كلماته تلك آنذاك استياء زميلاته فى الوسط الفنى، لكنه أصر على كلامه لأنه يعبر عن قناعته واعتقاده، وهو نفس قناعة غالبية المصريين. هذه إذن هى حقيقة نظرة الشعب المصرى للفن والفنانين، وقد ساهم فى تأكيدها وترسيخها فى النفوس أن معظم ما يقدم باسم الفن والإبداع فيه عدوان صارخ على عادات المجتمع وأخلاقه ومبادئه وقيَمه وأعرافه!! وقد حذرت عدة رسائل دكتوراه من الدور الخطير الذى تلعبه الأعمال الفنية (من أفلام ومسلسلات ومسرحيات وأغانى) فى نشر السلوكيات المنحرفة والأخلاق المبتذلة والكلمات السوقية الهابطة بين الناس، وأكدت هذه الدراسات العلمية خطورة المحتوى القيمى الذى تسوِّقه هذه الأعمال الفنية، وأثرها بالغ السوء فى تدمير القيم الدينية، والهبوط بالذوق العام، ونشر الانحلال والفساد الأخلاقى فى المجتمع. وأنا لست مع الشيخ (عبد الله بدر) فى الأسلوب القاسى الذى تحدث به والكلمات الجارحة التى استخدمها، وهى مع ذلك قد وصفت واقع الحال ولم تضف جديدًا، لكن ما أفهمه أن الإسلام لا يدعو إلى الغلظة والقسوة، قال تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران: 159)، ومؤكَّد أن هذا لم يفُتْ الشيخ (عبد الله بدر)، وأُدرِكُ أنه لم يكن فى مقام الدعوة، وإلا لاختار أعذب وأرق الألفاظ، بل كان فى موقف انفعالى يدافع فيه عن الإسلاميين ضد التهكم الشديد والسخرية اللاذعة والكلام السافل من بعض الفنانين وتطاولهم البذىء على التدين وتعديهم على القيم والأخلاق. ولعل أهل الفن قد تأكدوا بعد لقائهم برئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، أن الإسلاميين لاسيما الإخوان لا يعادون أبدًا الفن الراقى الذى يمتع الروح ويسمو بالنفس الإنسانية وينفع الناس وينهض بالمجتمع، وإذا كان فنانو مصر حريصين حقًا على خدمة وطنهم والمساهمة الفعالة فى مسيرة نهضته فعليهم الارتقاء لمستوى المسئولية، واستشعار نبل وأهمية رسالة الفن الراقى ودوره المحورى فى بناء منظومة القيم، وصناعة ثقافة عظيمة تسمو بالأخلاق وتحفظ عادات المجتمع وتقاليده، وليسمح الفنانون بهذه التساؤلات: 1. هل من حق الفنانين والممثلين التعدى على أخلاق المجتمع باسم الإبداع وحرية التعبير؟ 2. لِمَ يقوم صناع الدراما بحشر المشاهد الجنسية الساخنة وبث لقطات العرى الفاضحة فى أغلب الأعمال الدرامية؟ 3. ما الداعى لِلَّعب على أوتار الشهوات وإثارة الغرائز الكامنة فى النفس البشرية، ونحن نعلم واقع مجتمعنا البائس وتأخر سن الزواج وارتفاع نسب العنوسة والطلاق؟!، ثم ألا يعرف أهل الفن أن ما يرسخ فى أذهان المشاهدين لاسيما الشباب والمراهقين والأطفال هو الصورة وليس الفكرة، فمن يشاهد الفيلم أو المسلسل لا تبقى فى ذاكرته مع الوقت سوى المشاهد المؤثرة، وغالبًا ما تكون مشاهد جنسية مثيرة؟!. [email protected]