اختفى من الشارع الأسيوطي "البوسطجي"، بعدما كان يوميًا ينتظره الآلاف من الأهالي للطمأنينة أو لانتظار التعيينات، فكل منهم ينتظره لأمر ما، لكنه محبوب دائمًا في جموع القرى والمدن ولكن يخاف منه من يتلقي جواب للحجز أو الغرامات أو جوابات الفصل. ففي الميادين والشوارع الرئيسية يكون هناك صندوق يتم جمع الجوابات داخله، ويمر مسئول البريد على الصناديق ويأخذ ما بداخلها من جوابات وتسكينها بأماكنها. في البداية يقول إبراهيم محمد رمان "بوسطجي" على المعاش، يحكي لنا المشقة التي كان يتحملها والده من قبل، فكان الحمار هو الوسيلة الوحيدة في التجميع والتوزيع، فكان يجوب القرية بالحمار طوال اليوم لتوزيع الجوابات. وأضاف: "عندما تعينت استلمت دراجة في أوائل السبعينيات كانت هي المواصلة الوحيدة التي نعتمد عليها في توزيع البوسطة، فالجميع كان ينتظرنا بفارغ الصبر خاصة أهالي المسافرين في الخارج فكان أغلبهم بالسعودية والكويت وكانوا يعتمدون علي إرسال جوابات لطمأنة أهلهم بصفة دورية". وتابع: وكانت الخطابات الجميع ينتظرها ناهيك عن شريط الكاسيت المسجل لصوت المغترب يرسلونها تحت اسم "خطاب مسجل بعلم الوصول، وينتظر الأهالي هذا الشريط على أحر من الجمر وبعدها يدفعون مبالغ كثيرة حلاوة الوصول ناهيك عن الهدايا التي يجلبها لنا المغترب في أول إجازة له وكانت أيام رزق". وأوضح أننا كنا نعتمد على شيخ البلد في معرفة الأسماء لتوفر علينا مشقة البحث خاصة أسماء الشهرة، مضيفًا أنهم كانوا يجدون أموالا في الأظرف وأخطاء في العناوين ما يجعل الخطابات ترجع مرة أخرى". وأشار عم إبراهيم إلى أن هناك طرائف كانت تحدث منها ذات مرة كان يجد داخل صندوق أموالاً استمرت أكثر من أسبوع بعدها اتضح أن واحد من القرية كان يدخر يوميته في الصندوق على سبيل أنه صندوق مؤمن وتم استرداد المبلغ لصاحبه. وأضاف أنه خدم في المدينة أكثر من سنة وكان العمل أكثر صعوبة ولكن كنا نعتمد علي المكوجي والحلاق في معرفة المواطنين لصعوبة العناوين وزخم السكان ولكنها كانت أفضل في المرتبات والبدلات والتحيات. وأوضح رمان أن هناك موظفين كثيرين تم توزيعهم للقطاعات المختلفة للبريد بعد انتشار الموبايلات والكمبيوتر واختفت المراسلات الورقية حيث تم تدريبهم علي أعمال أخرى منها الطوابع ودفاتر التوفير وأصبح الاعتماد الكلي على المرتب واختفى "البقشيش".