نائب محافظ الجيزة يزور مطرانية الأقباط الأرثوذكس بطموه للتهنئة بعيد القيامة المجيد    شاهد| قوات الاحتلال تطلق النار على شخصين حاولا الخروج من ركام منزل مدمر في طولكرم    الإصابة تبعد لاعب بايرن ميونخ عن مباراة ريال مدريد في إياب الأبطال    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    محافظة الجيزة : دعم قطاع هضبة الأهرام بمنظومة طلمبات لتحسين ضخ المياه    25 مليون طن، زيادة إنتاج الخضراوات في مصر خلال 2023    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024.. وقائمة العطلات الرسمية لعام 2024    بالصور.. محافظ الوادي الجديد يزور كنيسة السيدة العذراء بالخارجة    إصابة 9 أشخاص خلال مشاجرة بالأسلحة النارية بمدينة إدفو    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    لأول مرة، باليه أوبرا القاهرة يعرض "الجمال النائم"    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    استشاري تغذية يقدم نصائح مهمة ل أكل الفسيخ والرنجة في شم النسيم (فيديو)    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    أمريكا والسفاح !    السفير الفلسطيني بتونس: دولتنا عنوان الحق والصمود في العالم    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    غرق شاب في قرية سياحية بالساحل الشمالي    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    "حريات الصحفيين" تثمّن تكريم "اليونسكو" للزملاء الفلسطينيين.. وتدين انحياز تصنيف "مراسلون بلا حدود" للكيان الصهيوني    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    صالون الأوبرا الثقافي يحتفل بيوم حرية الصحافة بمشاركة النقيب    رمضان عبد المعز يطالب بفرض وثيقة التأمين على الطلاق لحماية الأسرة المصرية    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    بعد القضاء على البلهارسيا وفيروس سي.. مستشار الرئيس للصحة يزف بشرى للمصريين (فيديو)    دعاء تعطيل العنوسة للعزباء.. كلمات للخروج من المحن    إصابة 8 في انقلاب ميكروباص على صحراوي البحيرة    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توريد 398618 طن قمح للصوامع والشون بالشرقية    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحذيرات من تأثيرات الرشاوى الانتخابية التي هي اخطر بكثير من التزوير .. والحزب الوطني يغير من استراتيجيته من الدفاع إلى الهجوم على المعارضة .. وكاتب يحذر من أزمة قيادة في مصر تدفعها إلى سيناريوهات فوضى وعنف .
نشر في المصريون يوم 31 - 10 - 2005

حفلت الصحف المصرية الصادرة أمس (الاثنين) بأخبار وفعاليات انتخابات مجلس الشعب المقبلة ، وأبرزت وقائع مؤتمر الحزب الوطني في ميدان عابدين الذي دشن فيه الحزب تغييرا ملحوظا في خطابه السياسي وانتقاله من الدفاع إلى الهجوم والرد على المعارضة باتهامات مضادة .. وأبرزت نفي جمال مبارك عقد صفقات مع أية قوة سياسية والمقصود هنا الإخوان .. وتحدثت الصحف عن أزمة في "الوطني" بسبب الخلافات بين المرشحين وعدم التنسيق في الدوائر .. وقالت صحيفة نهضة مصر ان الرشاوى الانتخابية هي اخطر بكثير من تزوير الانتخابات ، وان ملفها الأولى بمراقبة المجتمع المدني .. إلى ذلك اجتمعت الجبهة الوطنية للتغيير لبحث 9 بنود في لائحة النظام الداخلي للجبهة ونظمت حركة كفاية وجبهة المعارضة مظاهرة "حقك علينا يا مصر" .. وإعلان عبود الزمر تأسيس حركة معتقلون من اجل التغيير إذا لم تفرج الحكومة عن المعتقلين السياسيين قبل العيد .. وانتقاد المؤسسات الدينية (الرسمية) واتهامها باحتكار الدين ورفض الإصلاح والحرية .. فيما نشرت روز اليوسف مقالا وحوارا ل "منتصر الزيات" في عدد اليوم هاجم فيهما الإخوان بمرارة ، وعلق فشله المتوقع في الانتخابات في رقبتهم !! .. وشهدت مؤسسة أخبار اليوم فوضى وبلطجة تهدد بتغييرات صحفية جديدة في المؤسسة .. وبلغ اجر القمص زكريا بطرس في الحلقة الواحدة في برنامجه (المتطرف) على قناة الحياة (المشبوهة) 20 ألف دولار بحسب صحيفة الفجر .. نبدأ جولتنا اليوم من الوفد التي أشارت إلى اجتماع الجبهة الوطنية للتغيير بمقر الوفد ، بحضور رؤساء الأحزاب والقوي السياسية الأعضاء بالجبهة . وكانت الجبهة الوطنية قد أصدرت لائحة النظام الداخلي . وتضم اللائحة 9 بنود . يتضمن البند الأول تأسيس الجبهة من الأحزاب والقوي والحركات السياسية الآتية: أحزاب: الوفد والتجمع والناصري والعمل وجماعة الإخوان المسلمين وحركة كفاية والتجمع الوطني للتحول الديمقراطي وحزب الوسط تحت التأسيس ، والكرامة تحت التأسيس والتحالف الوطني والحملة الشعبية من اجل التغيير (الحرية الآن) . ويشمل البند الثاني أجهزة الجبهة وهي اللجنة العامة ولجان المحافظات والنوعية والمنسق العام والمتحدث الرسمي والسكرتارية العامة . ويتناول البند الثالث اللجنة العامة التي تعد الهيئة العليا للجبهة وتختص برسم السياسة العامة للجبهة ، وإقرار وضع البيان السياسي ودستور الجهة ، وإقرار اللائحة الداخلية للجبهة ، واتخاذ القرارات السياسية التي تصدرها الجبهة ، وتحديد علاقات الجبهة بالداخل والخارج واتخاذ القرارات اللازمة في هذا الخصوص ، وضم أعضاء جدد للجبهة. وتتخذ قرارات الجبهة بالتوافق . كما تتضمن البنود الأخرى ، لجان المحافظات وتشكل في كل محافظة لجنة للجبهة يطبق في شأنها جميع الأحكام الواردة في هذا النظام في حدود المحافظة ويجوز للجنة المحافظة ، تشكيل فروع لها في المراكز والأقسام كما توجد لجان توعية وتضم اللجان السياسية والتنظيمية والتنسيق والإعلام .. وتختار اللجنة العامة المنسق العام ويختص بالدعوة لاجتماعات اللجنة العامة وإدارة جلساتها ، وتمثيل الجبهة لدي الجهات الأخرى داخليا وخارجيا. ويختص المتحدث الرسمي الذي تختاره اللجنة العامة ، بإعلان وجهة نظر الجبهة وفقا لقراراتها التي تتخذها ويذيع البيان الصادر عنها ويحل محل المنسق العام في حالة غيابه . وتعمل السكرتارية العامة تحت إشراف المنسق العام للجبهة ووفقا لقرارات اللجنة العامة . وتقوم السكرتارية العامة بمتابعة تنفيذ قرارات اللجنة العامة واللجان النوعية والإعداد لاجتماعات اللجنة وتتابع عمل لجان المحافظات. كما تقوم بحفظ محاضر الجلسات وإدارة الأجهزة الإدارية والمعاونة . ونستمر مع موضوع الجبهة حيث قال "عبد الحليم قنديل" في صحيفة العربي : " أعظم خيانة لفكرة الجبهة الوطنية أن تصور كأنها مجرد تحالف انتخابي ، فلم تكن الجبهة كذلك في فكر الذين بادروا إليها ، وقد كان لي مع غيري من قادة حركة كفاية شرف المبادرة بالاتصالات الأولي ، وكان لاستجابات د. نعمان جمعة ودور د. عزيز صدقي فضل لا يُنكر في منع انهيارات مبكرة ، غير أن ذلك لا يعنى أن الصورة الأولى للجبهة بأطرافها الراهنة ليست مرشحة لانهيار ، إنها مجرد خط على الرمل ، والتباس توقيت إعلانها الأول بموسم الانتخابات البرلمانية ربما يشجع على انهيارات لاحقة ، وربما يصور البعض أن مقياس النجاح أو الفشل في الانتخابات هو المحك ، وهذا تصوير خاطئ ربما تزوير فاضح للقصة كلها ، فالقاصي والداني يعرف أن الانتخابات المصرية لا تستحق الصفة ، وأنها متاهة هائلة وموسم بيزنس لا موسم سياسة ، وأن البرلمان تحسنت بنيته أو ساءت أكثر بلا دور حقيقي في نظام محكوم بسلطات الرئيس، فليست القصة في برلمان أفضل حتى لو كان ذلك ممكنا، وهو بالقطع غير ممكن بدواعي التزوير المنهجي الحادث لفكرة الانتخابات قبل إجراءاتها ، ليست القصة الآن في برلمان أفضل بل في رئيس أفضل ، وهذا هو محك الفرز الحقيقي، فقد ألحقت الجبهة الوطنية بصفتها كلمات من أجل التغيير، التغيير إذن هو الهدف والمحك ومقياس النجاح أو الفشل، وليس من عاقل في مصر يتصور أن التغيير ممكن بانتخابات رئاسية أو برلمانية على الطريقة التي جرت وتجرى بها ، وهو ما قد يستعيد السؤال مجددا بعد هوجة الانتخابات البرلمانية الوشيكة، فإذا كان طريق الانتخابات قد انسد ، وهو مسدود بلا ريب بحكم الرئيس وعائلته ونظامه وحزبه الناهب، فلا يجب أن نخدع النفس ولا أن نخادع الغير، ولا أن نتصور أننا بصدد إعادة اختراع العجلة أو اكتشاف البخار مجددا، فلا طريق جدي للتغيير في مثل ظروف مصر الآن بغير تعبئة الناس بالتظاهر والاعتصام والإضراب السلمي ، وبوضوح أكثر: ما من طريق مفتوح للتغيير بغير العصيان السياسي سبيلا لعصيان مدني ، وهذا هو التحدي المطروح حتى لا نهرب منه وراء أوهام انتخابية لا محل لها من الإعراب السياسي، فالطريق لانتخابات نزيهة حقا يبدأ بإنهاء الديكتاتورية وإطلاق الحريات العامة أولاً ، وبديهي أن أطرافا في الصورة الراهنة للجبهة الوطنية قد لا تجد نفسها متحمسة ولا مستعدة لسلوك العصيان السلمي ، ربما لأن عصمتها ليست في يدها ، وربما لأنها احترفت سلوكا سياسيا ساكنا في محل مختار بالقرب من مخافر الأمن العام، وربما لأن بنيتها على قدر من التهالك والجزع وجفاف الروح يجعلها أقرب للخروج من التاريخ لو تغيرت مشاهده ، المعني: أن الجبهة الوطنية بصورتها الراهنة قابلة للتجاوز وربما لإعادة التأسيس ، وربما تكون أيام ما بعد الانتخابات حاسمة ، فسوف تتساقط أوراق وتتداعى أطراف، وسوف تزّْورّ وجوه وتتولى عن شطر القبلة الأولي ، وسوف يستعاد السؤال عن القبلة التي ترضاها ، سوف يستعاد السؤال بالتأكيد عن مدى بطلان حكم الرئيس وعائلته تمديدا فتوريثا، وسوف يستعاد السؤال باليقين عن مدى قبول واستعداد أطراف بعينها لسلوك العصيان السلمي، وربما يحين وقتها موعد افتراق الطرق، وبالطبع لا نبشر بفُرقة ، بل باجتماع على خريطة الطريق الذي لا طريق غيره ، ونضع الأطراف كلها أمام سؤال التغيير باستحقاقاته، فلم يعد من محل لترف في إضاعة المزيد من الوقت الحرج ، ولا لمماحكات ومراهنات خابت وتخيب للمرة الألف ، فمصر اللحظة إلى واحد من مصيرين، إما جبهة للغضب السياسي تنتهي بطريق العصيان السلمي الراشد إلى تغيير يبدأ من الرأس، أو أن يسبقنا الغضب الاجتماعي الأعمى إلى انفجار طافح بالدم لا قدر الله بحمم السياسة الجوفية ، وبوضوح أكثر: إما جبهة سياسة تخلع بالغضب المشروع رئيسا بلا شرعية ، أو أن تنزلق مصر لغضب اجتماعي موبوء طائفيا قد يذهب بسلامة البلد مع الرئيس الذاهب . والى صحيفة الأهرام حيث تساءل "محمد السيد سعيد" متي يكون عندنا انتخابات سياسية؟ .. مؤكدا أن الغالبية العظمي ممن خاضوا التجربة يعرفون أن المعايير الحاسمة في الانتخابات البرلمانية هي الخدمات والعصبيات .‏ وقال ان الانتخابات البرلمانية في مصر هي مباراة بين أشخاص والطريقة التي يرتبطون بها بالكتل التصويتية المتحكمة في الدائرة ،‏ وبجهاز الدولة‏ ،‏ وليست بين أفكار أو أحزاب سياسية‏ .‏ هذه النوعية من الانتخابات تنتج في أفضل الأحوال‏-‏ نوابا للخدمات وليس نوابا يحملون رسالة سياسية أو يمثلون المصالح العامة للأمة ولا حتى المصالح السياسية العامة للدائرة والمنطقة والمحافظة التي فازوا فيها‏ .. وبهذا المعني فالانتخابات البرلمانية في مصر ليست انتخابات سياسية‏ .‏ واستغرب الكاتب ممن ينازعون هذا الاستنتاج‏ .‏ ولديهم أن كل الانتخابات سياسية .‏ وهم يرون أن مصر لا تختلف في ظاهرة نواب الخدمات عن بعض الديموقراطيات الأقدم بما في ذلك الولايات المتحدة‏ .‏ فحتى لو لم تجر الانتخابات سوي علي الخدمات وحتى لو لم يمثل النائب سوي مصالح دائرته فالمنافسة تظل سياسية لأن النواب ينتمون إلى أحزاب شتي متنافسة‏ ،‏ ونتائج الانتخابات إما تثبت السلطة بطبيعتها وشكلها وأشخاصها أو أن تؤدي إلى تغييرهم‏ .‏ ورد الكاتب على الذي يقول بأن ظاهرة نواب الخدمات في مصر لا تختلف عن التجربة الأمريكية ، بأنه يخطيء فهم أبجديات السياسة .‏ فتمثيل النواب الأمريكيين لمصالح دائرتهم لا يعني أنهم لا يتحدثون في الشأن السياسي ولا يتعاملون مع القضايا السياسية‏ .‏ أما في حالتنا فنواب الخدمات نادرا ما يناقشون التشريعات حتى أكثرها أهمية ولا يشاركون إلا نادرا في الوفاء بالوظيفة الرقابية للبرلمان .‏ بل وأكثرهم لا يشارك في أية مناقشة طوال سنوات وجوده بالمجالس البرلمانية ،‏ ومشاركتهم في النقاش حول أية قضية لا يكشف عن مستوي مقبول من الجدية أو الرصانة والاحترام الواجب لمعني البرلمان أو للمباديء الديموقراطية .‏ وأكثريتهم الساحقة تصوت كما تؤمر‏.‏ ولا يتردد أحد أهم الأصوات في البرلمان في التصريح للصحافة بأن الترشح والتصويت لرئاسة البرلمان هو قرار رئيس الحزب الذي هو رئيس الدولة‏!‏ أما الفارق الأهم علي الإطلاق برأي الكاتب ، فهو في معني أن النائب يمثل مصالح دائرته .‏ ففي النموذج الأمريكي لا يقوم النائب بنوع الخدمات التي يقوم بها النائب في مصر‏ .‏ فظاهرة نواب الخدمات في مصر ليست غير امتداد وتوسع في ظاهرة‏"‏ الواسطة‏" ،‏ أي في ظاهرة الحصول علي مصالح فردية أو جماعية بصورة استثنائية وخارج إطار القانون في أغلب الحالات .‏ أما المقصود بتمثيل المصالح في النموذج الأمريكي فهو التفاوض حول الحصول علي نصيب للولاية أو للدائرة كلها من الاستثمارات والموارد العامة‏،‏ وليس لفرد أو قرية أو جماعة ما بعينها .‏ ويعرف النائب الأمريكي أن رفاهية دائرته أو ولايته ومنطقته لا تتحدد فقط بل لا تتحدد أساسا بالحصول علي نصيب أكبر من الموارد العامة بل بالسلامة العامة للاقتصاد والمجتمع‏،‏ وهو أمر يدور في محيط الأفكار والأيديولوجيات والبرامج السياسية والحزبية .‏ نبقى مع الأهرام لنطالع مقال "عبد المنعم سعيد" الذي خصصه لمناقشة شعار (الإسلام هو الحل) الذي يطلقه الإخوان في دعايتهم الانتخابية .. حيث قال : " القول إن الإسلام هو الحل يعني أن الإسلام يقدم حلولا لكل المشكلات والمعضلات التي نواجهها‏ ،‏ فإذا ما واجهتنا مشاكل في التعليم والصحة والطاقة وكل الأمور التي تدخل في أمور دنيانا فإن الاختلاف في التعامل معها يتوقف علي عوامل متعددة منها المصالح والأهواء والاعتقاد في كفاءة حل من الحلول اعتمادا علي اعتبارات آنية أو اعتبارات بعيدة المدى .‏ هنا فإن أنصار الحل الإسلامي سوف يكونون واحدا من الاتجاهات ،‏ وحلا من الحلول ،‏ فهل يكون الخلاف وقتها سياسيا معهم أم دينيا مع الإسلام‏ ،‏ وساعتها فإن الفتنة تقوم لأنه لا مساومة ولا تفاوض ولا مراجعة لأمر يري البعض أنه ثابت من ثوابت الملة وصحيح الدين‏ ،‏ وتحل الفتوى القائمة علي التفسير للنصوص محل التشريع القائم علي ترجيحات النفوس وقدراتها العقلية والفكرية .‏. وهكذا يرى الكاتب أن رفع شعار الإسلام هو الحل هو فتنة بين المسلمين ، وفتنة مع شركاء في الوطن يعتقدون في المرجعية الأخلاقية والروحية للأديان السماوية ولكنهم لا ينتمون للدين الإسلامي وبالتأكيد لحركة الإخوان المسلمين‏.‏ وأضاف الكاتب : "أعرف‏ ،‏ ويعرف الكثيرون ،‏ أن شعار الإسلام هو الحل شعار جذاب له فاعلية سياسية عظمي لما
للإسلام من هوي في الأفئدة وتمكن في الوجدان‏ ،‏ ولكن إذا كنا انتقدنا احتكار الحزب الوطني الديموقراطي لشعارات الهلال والجمل والنخلة وطريقته في الحصول عليها بما لها من دلالات دينية ،‏ فإن النقد واجب أيضا لكل القوي السياسية التي تقحم الدين ليس في شكل رمزي وإنما في شكل موضوعي في عملية إنسانية بالدرجة الأولي‏.‏ وإذا كان القول الذائع صدقا لدي الجميع أن المطلوب الآن تطوير الدستور المصري لكي يكون معبرا عن دولة ديموقراطية تعددية يختلف فيها الناس ، ويختارون بين اجتهادات عدة‏ ،‏ فإن الخروج الآن بشعار الإسلام هو الحل وطرحه خلال الانتخابات البرلمانية هو نوع من الرجوع بعملية التطور وجرها إلي الخلف ،‏ فإذا كان الإسلام كما يراه الإخوان المسلمين هو الحل فما هي الحاجة إلي الدستور‏! .‏ إن مستقبل وجود الإخوان المسلمين في النظام السياسي سوف يرتبط إلي حد كبير بقدرتهم علي أن يكونوا جزءا من السياسة الدنيوية التي يدفع فيها الناس بعضهم بعضا حسب علمهم بأمور دنياهم ،‏ وعليها يتوقف أن يكونوا جزءا من حل المشكلة الديموقراطية أو أن يكونوا هم المشكلة الديموقراطية ذاتها‏! .‏ نعود إلى صحيفة العربي مجددا لنختتم فيها جولتنا مع مقال رئيس تحريرها "عبد الله السناوي" الذي أكد أن هناك أزمة قيادة في مصر تكاد تدفعها إلى سيناريوهات فوضى وعنف ، والأزمة أخذت تتجلى أمام عيوننا فيما يشبه الكوارث ، وتتمدد في بنية الدولة المصرية من الرئاسة العليا إلى أصغر إدارة حكومية ، وتطحن في طريقها أجيالا من الموهوبين ، وتبدو الصورة محزنة ومقلقة بمصائر مرعبة ، فلا يعقل مع التراجع المأساوي في كفاءة إدارة الدولة المصرية أن نتطلع إلى مستقبل أو نأمل في غد . وقد توحي هذه الصورة وعلى غير الحقيقة أن مصر قد عقمت عن إنجاب قيادات قادرة على الإبداع والخلق وتتمتع باحترام الرأي العام ، يبدو الأمر مثيرا للحيرة والتعجب عندما تنظر في مستويات أداء أغلب الوزراء الحاليين ، وأغلب القيادات السياسية ، وأغلب القيادات الرياضية ، وأغلب القيادات الثقافية والفنية . شيء من الإحباط يصيبك عندما ترى أن مقادير مصر في أيد غير كفؤة وغير أمينة من أعلى السلطات إلى أدناها ، كأن العطب ضرب مؤسسات الدولة كلها ، وكأن الترقي إلى المستويات العليا في إداراتها مرهون بالفساد وأخلاقيات البلطجة . وخاطب السناوي القارئ قائلا : لعلك تسأل أين الدولة المصرية من أحداث العنف الطائفي في الإسكندرية؟ وأين القيادات السياسية والمحلية؟. ثم يصيبك اليأس من أن يكون أقصى ما في وسع الرئاسة المصرية في معالجة الفتن الطائفية وتداعياتها الخطرة على مستقبل البلاد هو دعوة البابا شنودة وشيخ الأزهر لإصدار بيان مشترك ، وأن يلحقه تصريح لرئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف مؤيدا ومباركا، كأن الحكومة غير موجودة ، أو الدولة جرى شطبها من وقائع الحياة اليومية ، أو تحولت إلى مراقب عام لما يحدث في مصر . ونبه الكاتب إلى ما يحدث على خريطة الرياضة المصرية من انفلات وصل إلى حد إطلاق الشتائم من فوق منصة الفضائيات ، والتهديد ب نتف ذقن فلان أو تربية علان دون أن يصدر عن وزارة الشباب موقف صارم من هذه التجاوزات التي لا تمت للرياضة بصلة ، وتكاد تدعونا إلى رثاء الروح الرياضية في مصر ، بل رثاء الرياضة نفسها، بل رثاء مصر كلها ، ففي عصور الانحطاط تتدهور القيم العامة في المجتمع إلى حد الاعتداء العلني على القانون وعلى المجتمع ، وفى عصور الانحطاط تبدو الدولة المصرية مراقبا عاما لما يحدث ، الأطراف المتنازعة ترفع تقارير لرئاسة الدولة بتجاوزات تحدث ، ثم لا يكون هناك رد فعل أو موقف أو حتى تعليق من هذه الرئاسة ، كأنها غير معنية بالدلالات الخطرة لانفلات أعصاب وألفاظ قد يؤدى إلى صدامات شوارع بين جماهير متعصبة لأندية كرة قدم . وأضاف السناوي : يمكنك أن تسأل ولا تجد إجابة أبدا: أين الدولة المصرية؟، وأين رئيسها حسنى مبارك؟، وأين حكومتها؟، وأين قانونها؟ . لا أحد هناك ولا أحد هنا ، والبلد لا يعرف من يحكمه . كأن القانون في إجازة ، وكأننا فعلا في أزهى عصور البلطجة، والظاهرة باليقين قد تتجلى أمام عيوننا، وعلى مرأى من العالم كله، عنفاً ودماً أثناء انتخابات مجلس الشعب، فمع غياب احترام القانون ، وتراجع هيبة الدولة، ليس هناك ما يردع البلطجة والمحرضين عليها من المضي في العنف إلى نهايته، قد تسقط ضحايا، والبداية حدثت فعلا في الشرقية بسقوط قتيلة على مذبح الانتخابات، وقد يتصادم سلاح، وقد يروع مواطنون، والدولة مكتفية بدور المراقب العام، تتابع من بعيد، أو تنضم في بعض الحالات إلى طرف ضد آخر في لعبة البلطجة العمومية، أو تفرض حمايتها على بلطجية الحزب الوطني بالخصوص . ومن المثير للاستغراب والأسى أن وزارة الداخلية تعترف علنا ولأول مرة في تاريخها بمراقبة شخصيات عامة ، وقد تصح فعلا الإجراءات القانونية في بعض الحالات بإذن من السلطات المختصة ، غير أن تصريحا تليفزيونيا خطيرا لوزير الداخلية اللواء حبيب العادلي قال فيه: اللي خايف ما يتكلمش يعنى أن المراقبة تشمل شخصيات عامة بغير إذن من السلطات القانونية ، وأن كل ما هو مطلوب من هذه الشخصيات ألا تتكلم ، ففي الصمت أو قلة الكلام على الهواتف ما يضمن الأمن الشخصي ، وهو كلام خطير لا يليق بدولة تنسب نفسها لقيم سيادة القانون ، ولعله الوجه الآخر للبلطجة التي أخذت تنهش في البلاد .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.