حنفى: يخفض استهلاك الكهرباء بنسبة 50%.. والدمرداش: لن يوفر أموالاً للدولة على مدار ثماني سنوات، سعت الحكومة لإقرار قانون تقنين مواعيد فتح المحلات التجارية وإغلاقها، بدعوى توفير مليارات الجنيهات، والحث على تفعيل البيئة الإنتاجية، متأسية في ذلك بتطبيقه في كثير من الدول، وسط رفض من قبل أصحاب المحلات التجارية خوفًا من تعرضهم لخسائر جراء ذلك. وتعود فكرة غلق المحلات إلى عام 2012، عندما حاول الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء وقتها، تطبيق القرار لترشيد استهلاك الكهرباء، حيث كانت الحكومة تعانى من أزمة كبيرة في تغطية استهلاك الكهرباء، إلا أنه لم يتحرك عمليًا لتنفيذه، حتى أعيد الحديث عن الفكرة مجددًا في العام الماضي في إطار مشروع قانون بمجلس النواب. وفي الشهر الماضي، وافق مجلس النواب خلال جلسته العامة برئاسة الدكتور على عبدالعال، بشكل مبدئي، على مشروع قانون "المحال العامة" المقدم من الحكومة، الذي يعمل على تقنين الأوضاع الحالية، بأن يتم منح مهلة لتقنين أوضاع المحلات غير المرخصة، في إطار ضم الاقتصاد غير الرسمي. وترتبط مواعيد إغلاق وفتح المحال – وفق القانون الجديد - باشتراطات خاصة تتناول النشاط والمساحة والمنطقة، فالرخصة تتضمن تحديد مواعيد الإغلاق والفتح من خلال المركز التابع للوحدة المحلية، والمواعيد مرتبطة بما هو مبين في الرخصة استنادًا إلى نوع النشاط وإلى المنطقة الواقع فيها المحل، وما إذا كانت منطقة سكنية أو تجارية أو سياحية. وينص القانون الجديد فى مادته ال21 على أنه "للوزير المختص بعد موافقة وزير الداخلية وأخذ رأى المحافظ المختص أو رئيس الجهاز المختص بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، تحديد مواعيد فتح وغلق المحال العامة من النوع الأول". وتحديد مواعيد لإغلاق المحلات معمول به فى العديد من الدول، وتعد ألمانيا من أوائل الدول التي قامت بتحديد مواعيد ثابتة لإغلاق المحال التجارية من أجل ترشيد استهلاك الكهرباء. وحددت الساعة العاشرة مساء لإغلاق المحلات، باستثناء بعض المحال التجارية، وهو الأمر الذي تطبقه كندا والولايات المتحدة. كان المهندس محمد حنفى، خبير الصناعة أكد في دراسة مدعومة بالأرقام، أن غلق المحلات التجارية فى تمام الساعة ال9 مساء فى موسم الشتاء وفى 10 مساء فى موسم الصيف، سيجعل مصر تلحق بدول العالم التى سبقتنا فى تطبيق هذا القرار، وتلقب بالدول الديمقراطية المتقدمة. وأوضح أن "حجم استهلاك المحلات التجارية يصل إلى 10.238 مليون كيلووات سنويًا، 90% منها يتم استهلاكه بعد المغرب من الساعة 6 إلى الساعة 1 مساء، أى خلال 7 ساعات، في حين أن تطبيق قرار الغلق فى تمام ال9 يعنى العمل لمدة 4 ساعات، ما سيؤدى إلى خفض استهلاك الكهرباء بنسبة 50%، بما يوفر 5100 مليون كيلووات فى السنة أى بنسبة 3.6% من الاستهلاك، كما سيوفر من الدعم ما يقرب 450 مليون جنيه". وأشار حنفى إلى أن "توفير 50% من استهلاك المحلات للكهرباء سيؤدى إلى توفير 4.3% من استهلاك الوقود المستخدم فى توفير تلك الكمية من الطاقة، أى ما يعادل مليار متر مكعب غاز طبيعى بمقدار 550 مليون جنيه"، لافتًا إلى أن تلك الكهرباء التى تم توفيرها يمكن استخدامها فى وقت الذروة لتشغيل المحطات بكامل قدرتها والاستغناء عن تخفيض الإجمالى وقطع التيار عن بعض المناطق السكنية والصناعية التى تتحمل خسائر كبيرة أثناء قطع التيار الكهربائى. وقال حنفى إن إغلاق المحلات فى الساعة ال9 يتبعه بدء إيقاف وسائل النقل العام والمترو الذى يستهلك 500 مليون كيلووات سنويًا من الساعة ال11 مساءً، أى توفير ساعتين يوميًا بنسبة 10% من التشغيل، بما يعنى توفير استهلاك كهرباء المترو والسولار لأتوبيسات النقل الجماعى، كما سيؤدى إلى توقف الحركة اعتبارًا من الساعة الحادية عشرة مساء، ما يتيح الإمكانية لتكثيف النشاط الأمنى وزيادة الأكمنة لمراقبة الميكروباص و"التوك توك" غير المستوفى لمستندات التسيير وسهولة مطاردة الخارجين على القانون. واقترح حنفى بعض الإجراءات التى يمكن اتخاذها مع قرار غلق المحلات، وهى تغريم (مضاعفة السعر للكهرباء) للمحل الذى يترك إضاءة خارجية بعد الموعد المحدد، وتشديد الرقابة على الباعة الجائلين، وعلى الإنارة العامة للطرق (صباحًا)، والمبانى العامة وعقاب المسئول بالجهة التى تترك إضاءة أو تكييفا يعمل بعد مواعيد الانصراف، وتشديد الإجراءات والعقوبات على سرقة التيار. وفيما يتعلق بالمنشآت السياحية والمطاعم، اقترح أن يتم تحديد مواعيد غلقها وكيفية أداء الخدمة بها بشكل منفصل (وسوف تؤدى عملية تنظيم تشغيل وسائل النقل الجماعى إلى حل الجزء الأكبر منها). أما بالنسبة للمدن والقرى ذات الطبيعة الخاصة، فينظم عملها محافظ كل منطقة (مثل شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم والأقصر والساحل والإسكندرية صيفا)، لافتًا إلى أن مقولة غلق المحلات تمنع التجمع والتفاعل واختلاط الأفكار وتسهل السيطرة على الناس فهو غير مفهوم. وقال أمجد عامر، خبير التنمية المحلية واستشارى تطوير المناطق العشوائية، إن "تحديد مواعيد إغلاق المحلات التجارية لا يمكن تطبيقه فى مصر، لعدم وجود أجهزة رقابية لديها إمكانية إلزامها بتطبيق القرار، ولا يمكن إجبار أصحاب المحلات على تنفيذه تفاديًا لإثارة مشاكل وأزمات". وأوضح ل"المصريون"، أن "الحل يكمن فى تقنين الوضع من خلال إصدار رخصة خاصة لفتح المحلات التجارية فى الفترة المسائية، على أن الرخصة مواعيد فتح المحل وإغلاقه، وهو ما سيوفر مليارات الجنيهات للدولة، من خلال رسوم التراخيص التى يتم تحصيلها". وأضاف: "نحن نتحدث عن 500 مقهى على الأقل فى كل مدينة فى دولة بها 4414 مدينة، ما يعني دخول أموال ضخمة إلى الصناديق الخدمية، فى مقدمتها صندوق التنمية المحلية، الذي يقترض منه ملايين الشباب المصرى لإقامة المشاريع الاستثمارية". وشدد على "ضرورة إصدار رخصة تحدد المساحة التى تستحوذ عليها المحال فى الشوارع، خاصة فى الشوارع الرئيسية والمزدحمة على أن تتم معاقبة من يخالف ذلك بدفع غرامة 5000جنيه، ومعاقبة مالك المحل بالسجن عند تكرار الأمر وفقًا للقانون، كما يجب إصدار قانون يجرّم جلوس الأطفال على المقاهى أو نزول "الشيشة" لهم". وقال شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إن إغلاق المحال التجارية يتم تطبيقه فى كل الدول المتقدمة على مستوى العالم، لحض المواطنين على التفكير فى العمل والإنتاج، ويستخدم كإجراء تنظيمي، ففي جميع دول العالم المتقدمة لا توجد محلات تجارية تعمل 24 ساعة وهناك مواعيد لغلقها. مع ذلك، أشار ل"المصريون" إلى أن "إغلاق المحلات فى العاشرة مساء لن يوفر الأموال للدولة، إذ أن الحديث عن توفير المليارات من خلال تقليص حجم الاستهلاك فى الطاقة أمر غير صحيح، فالدولة لا تدعم الكهرباء للقطاع التجارى كما خفضت من حجم الدعم للقطاع العام، ومن مصلحة الدولة أن تستخدم المحلات التجارية الكهرباء نظرًا لأنها تدفع أكثر من تكلفة الإنتاج".