كشفت مصادر قضائية مطلعة أن الحكومة لا تزال تجري تعديلات على مشروع قانون السلطة القضائية، في الوقت الذي لم تتوصل فيه بعد إلى اتفاق مع نادي القضاة حول طريقة اختيار أعضاء مجلس القضاء الأعلى. وطرحت الحكومة فكرة اختيار خمسة أعضاء لعضوية المجلس بالأقدمية والتعيين وانتخاب عضوين فقط من محكمتي النقض والاستئناف، مثلما كان معمولاً به في فترات سابقة، وهو ما رفضه القضاء جملة وتفصيلاً. ولفتت المصادر إلى استمرار الخلافات حول تبعية نادي القضاة إلى مجلس القضاء الأعلى أو وزارة العدل، الأمر الذي يفسر على أنه محاولة لتفريغ استقلال القضاء من مضمونه واستمرار سيطرة جهات تنفيذية عليه ، وهو ما يتحفظ عليه القضاة بشدة. وربطت المصادر بين اشتراط المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة ضرورة عرض مشروع قانون السلطة القضائية على مجلس الهيئات القضائية قبل إحالته إلى مجلس الشعب، ووجود مخاوف متنامية داخل النادي من إمكانية تلاعب الحكومة في نصوص معينة في مشروع القانون ، واستغلال أغلبيتها النيابية في مجلس الشعب لتمرير قانون يخدم مصالحها. ويأتي ذلك بعد أن ترددت أنباء في السابق عن قيام وزارة العدل باستفتاء مجلس الهيئات القضائية على القانون بشكل ودي، وهو ما رفضه القضاة جملة وتفصيلاً . من جانبه، أوضح المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض أن هناك حالة من الالتباس داخل الدوائر الحكومية حيال مشروع السلطة القضائية، خصوصًا فيما يتعلق بالنقاط الخاصة بموضوع انتخاب بعض أعضاء مجلس القضاء الأعلى وتبعية نادي القضاة لأي من الجهات وفيما يخص استقلال النادي ماليًا. وأشار مكي إلى أن إصرار المستشار زكريا عبد العزيز على ضرورة عرض مشروع قانون السلطة القضائية على مجلس الهيئات القضائية يأتي انسجامًا مع الدستور الذي يلزم الحكومة بعرض القانون على المجلس بعد خروجه من مجلس الوزراء. وألمح إلى وجود حالة من الضبابية حول مسألة عرض التعديلات على نادي القضاة قبل إرسال مشروع القانون إلى مجلس الشعب، في ظل عدم ورود إشارة واحدة من الحكومة بهذا الشأن، مؤكدًا أن نادي القضاة سيظل على موقفه ولن يقدم تنازلات للحكومة حيال إصرارها على الاحتفاظ بالأغلبية المعينة داخل مجلس القضاء الأعلى. في سياق متصل، انتقد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض تعمد الحكومة فرض السرية على التعديلات التي تدخلها على مشروع القانون، مشيرًا إلى أن قانون السلطة القضائية ونصوص الدستور تنص على عرض هذا المشروع على مجلس القضاء الأعلى قبل عرضه على مجلس الوزراء وإحالته إلى كل من مجلسي الشعب والشورى. وأضاف مكي أن طريقة اختيار أعضاء مجلس القضاء الأعلى وتبعية نادي القضاة هي أبرز نقاط الخلاف حاليًا بين النادي والحكومة، مشددًا على أن القضاة لن يقبلوا تبعية ناديهم إلى مجلس القضاة الأعلى؛ فهذا النادي منتخب ومن الطبيعي ألا يتبع جهة على غير رغبة القضاة الذين انتخبوا أعضاءه، ولأن الدستور ينص على استقلالية القضاء وهذا يخالف تبعية النادي لمجلس القضاء الأعلى، على حد قوله. وأوضح أن القضاة سيرفضون مبدأ تعيين مجلس القضاء الأعلى حتى لا يحدث الشقاق بين النادي والمجلس لكونه غير منتخب ولا يعبر عن جموع القضاة، لافتًًا النظر إلى أن الحكومة لو كانت لديها رغبة جادة في عرض مشروع القانون على القضاة، فستقوم بطرحه على اللجنة المشتركة المشكلة من النادي ووزارة العدل.