شهد له الجميع بعبقريته، وأحدث طفرة كبيرة في عالم الموسيقى، جعلت نجوم الغناء يتسابقون على الغناء من ألحانه، وغنى له نجوم الطرب في مصر والوطن العربي، ولا زالت ألحانه تتردد على أسماع الملايين حتى يومنا. لم يكن الملحن الراحل، بليغ حمدي، مجرد رقم في عداد الملحنين، لكنه كان موهبة نادرة، استطاع بحسه الموسيقي أن يهدي المكتبة الموسيقية العربية أروع الألحان. في كتابه "بليغ.. عبقري النغم" للكاتب المؤرخ أبوالحسن الجمال، الصادر عن قطاع الثقافة بأخبار اليوم، يتناول قصة حياة الموسيقار العبقري، حيث يتناول حياته ونشأته، فقد ولد في القاهرة في 7 أكتوبر 1932، لأب يعمل أستاذا للفيزياء في المدارس الثانوية ثم عمل موجهاً بوزارة المعارف إلى توفاه الله سنة 1946. وقد عشق بليغ الموسيقي منذ صغره، حيث كان ينصت لأصدقاء والده من الموسيقيين الكبار مثل الشيخ درويش الحريري ومحمد القصبجي وزكريا أحمد الذين كانوا يترددون على منزله ويتجاذبون الحديث في شئون الموسيقى الغناء والمسرح الغنائي، وقد حصل على الشهادة الابتدائية ثم الثانوية، وفي المدرسة الثانوية تعرف على أصدقائه الذين كانوا نواة لفرقة "ساعة لقلبك" التي عمل فيها بليغ مطربًاً إلا أن التقى بمحمد حسن الشجاعي، مستشار الموسيقى والغناء بالإذاعة المصرية الذي أقنعه بالعمل ملحناً، لأنه خلق ليكون ملحنًا. لم يترك بليغ مطربًا في مصر والعالم العربي إلا ولحن له أعظم أغنياته، فقد لحن لأم كلثوم أعظم الألحان التي بدأت مع أغنية "حب إيه"، ثم "أنساك"، وبعيد عنك"، و"كل ليلة وكل يوم"، و"سيرة الحب"، و"فات الميعاد"، وألف ليلة وليلة"، وكانت آخر أعماله لها "حكم علينا الهوى"، ولم تقدمها في حفلة على المسرح لمرضها ووفاتها. أما بداية أعماله مع عبدالحليم حافظ ، فكانت مع لحن "تخونوه"، ثم لحن له أغان "خايف مرة أحب"، و"خسارة خسارة"، مرورًا بالأغاني الطويلة مثل "موعود"، و"زي الهوا"، وأي دمعة حزن لا"، "حاول تفتكرني"، أما آخر أغانيه فهي أغنية "حبيبتي من تكون". ويتحدث المؤلف عن ألحان بليغ للمطربة وردة التي عشق صوتها قبل أن يراها، حيث أحضر له عازف الكمان أنور منسي، أسطوانة لها تغني فيها أغنية "يا ظالمني" لأم كلثوم ثم كانت المحطة الأولي في ألحان فيلم "ألمظ وعبده الحامولي"، لحن لها أغنية "يا نخلتين في العلالي"، وفجأة اختفت وسافرت إلى بلادها الجزائر وتزوجت أحد السياسين وأنجبت، والتقاها بليغ بعد عشر سنوات في مسقط رأسها الجزائر، وكانت المناسبة العيد القومي العاشر لتحرير الجزائر سنة 1972. ثم تجدد الود وأقنعها بالمجيء إلى مصر، ووافقت وضحت في سبيل هذا بكل شيء، وقدمت أغنية "والله زمان يا مصر" مرورًا بالأغاني العاطفية والوطنية والاجتماعية وأغاني الأطفال. ثم تناول المؤلف بعد ذلك رحلة بليع مع أعلام الغناء الآخرين من أمثال: شادية، ونجاة، وفايزة أحمد، وصباح، ومحمد رشدي، ومحرم فؤاد، ووديع الصافي، وغيرهم. وكان بليغ فارس الأغنية بلا منازع، وقد أدرك العديد من المناسبات والأحداث الوطنية، وفرح مع أفراح مصر وحزن عندما حدثت نكسة 1967، وكون مع عدد من المطربين والملحنين أبدعت أعظم الكلمات والألحان منها أغاني موال النهار، وفدائي. وفي حرب أكتوبر كان أول من يدخل الأذاعة وقدم ألحانًا رائعة منها: بسم الله، وعلى الربابة باغني، وخطوة واحدة، عاش اللي قال، ويا قمر خدني لحبيبي ..وغيرها من الألحان الذي لم تغادر وجدان الشعب ... وتناول الكتاب قصة مقتل المطربة المغربية سمير سميرة مليان واتهام بليغ بمقتلها وهروبه خارج مصر، وكانت هذه المحنة هي النقطة النهاية في حياة بليع والتي قضت عليه، وسببت له الآلام والمرض الذي تمكن من جسده ثم يعود ليثبت براءته، ويعيش بعدها بضع سنوات يصارع المرض اللعين حتى انتصر عليه في النهاية وهو بعيد عن مصر في إحدى مستشفيات باريس وذلك يوم 12 سبتمبر 1993.