تحرك جديد في عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024    أسعار الدواجن واللحوم والخضروات والفواكه اليوم الأحد 19 مايو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 19 مايو    بالطيران المسير.. فصائل عراقية مسلحة تعلن استهداف هدف حيوي في إيلات بإسرائيل    جانتس يطالب نتنياهو بالالتزام برؤية متفق عليها للصراع في غزة    خادم الحرمين الشريفين يجري فحوصات طبية في العيادات الملكية    شكرى يتوجه إلى أثينا فى زيارة ثنائية تستهدف متابعة وتعزيز مسار العلاقات    وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم صاروخي أوكراني استهدف شبه جزيرة القرم    عاجل.. رد فعل مفاجئ ل كهربا عقب مباراة الأهلي والترجي    وسام أبو علي: نسعى للتتويج باللقب في جولة الإياب أمام الترجي    حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 20 مايو 2024 | إنفوجراف    مصرع 6 أشخاص وإصابة 13 فى حادث تصادم أتوبيس على الطريق الدائرى بشبرا الخيمة    ماس كهربائي وراء حريق أكشاك الخضار بشبرا الخيمة    حظك اليوم وتوقعات برجك 19 مايو 2024.. مفاجأة للجوزاء ونصائح مهمة للسرطان    الفنان سامح يسري يحتفل بزفاف ابنته ليلى | صور    نهائي دوري أبطال أفريقيا| بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بأحداث محمد محمود الثانية    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    الكرملين: الإستعدادات جارية لزيارة بوتين إلى كوريا الشمالية    بأسعار مخفضة.. طرح سلع غذائية جديدة على البطاقات التموينية    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    8 مصادر لتمويل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وفقًا للقانون (تعرف عليهم)    انخفاض أسعار الفائدة في البنوك من %27 إلى 23%.. ما حقيقة الأمر؟    تعليم النواب: السنة التمهيدية تحقق حلم الطلاب.. وآليات قانونية تحكمها    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    حملات لإلغاء متابعة مشاهير صمتوا عن حرب غزة، أبرزهم تايلور سويفت وبيونسيه وعائلة كارداشيان    رامي جمال يتصدر تريند "يوتيوب" لهذا السبب    عاجل.. موجة كورونا صيفية تثير الذعر في العالم.. هل تصمد اللقاحات أمامها؟    القومي للبحوث يوجه 9 نصائح للحماية من الموجة الحارة.. تجنب التدخين    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    رامي ربيعة: البطولة لم تحسم بعد.. ولدينا طموح مختلف للتتويج بدوري الأبطال    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون تحقق :لماذا نجح الليبراليون فى ليبيا وفشلوا فى مصر؟
نشر في المصريون يوم 07 - 08 - 2012

كان لافتًا للنظر أن يحرز التيار الليبرالى تقدمًا واضحًا فى انتخابات المجلس الوطنى الليبى (البرلمان) الذى تم تشكيله من 200 عضو برلمانى، وهى أول انتخابات برلمانية بعد انهيار النظام السابق، فى سلسة ثورات الربيع العربى؛ حيث حصل التيار الليبرالى الذى يمثله نحو 37 حزبًا وكيانًا سياسيًا بزعامة محمود جبريل رئيس الوزراء السابق، على 39 مقعدًا من أصل 80 مقعدًا كانت مخصصة للأحزاب، فى حين حصل حزب" العدالة والبناء" برئاسة محمد حسن صوان، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين على 17 مقعدًا فقط، وهو ما يشير إلى توقف قطار التيار الإسلامى فى ليبيا بشكل مفاجئ وغير متوقع، وقد اعتبر المراقبون الليبيون هذا الفوز الساحق لليبراليين والذى تجاوز فى بعض المناطق الغربية والشرقية ال90 % بالإفراز الطبيعى للشارع الليبى، الذى يسعى لبناء دولة مدنية حديثة متقدمة فى مختلف مناحى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقوم على مؤسسات دستورية قوية، وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تظل معها الأغلبية البرلمانية مجهولة، فهناك 120 عضوًا فى البرلمان من المستقلين الذين لا توجد معلومات دقيقة تحدد ما إذا كانوا مدعومين من أحزاب سياسية، أو تحديد دقيق لميول هؤلاء الأعضاء المنتخبين السياسية، لكن يبقى السؤال يطرح نفسه وهو لماذا انحرف قطار الإسلاميين فى ليبيا عن مساره؟! وبات وضع ليبيا مختلفًا عن الجارتين مصر وتونس اللذين وصل التيار الإسلامى فيهما إلى الحكم بفوز ساحق على الأحزاب العلمانية: الليبرالية واليسارية والتى لم تتجاوز نسبة مقاعدها البرلمانية ال20 % فى أول انتخابات برلمانية تلت انهيار النظام البائد.
غير أن هذا المجتمع الليبى القبلى شديد البداوة المتعلق بولاءاته القبلية والعشائرية، ذلك حين تظل القبيلة هى مناط الولاء والبراء، وليس الأيديولوجيا بمفهومها الحديث، يفتح ذراعيه للتيار الليبرالى بديلاً للتيار الإسلامى الذى تحمل العبء الأكبر فى إسقاط نظام القذافى، ونجاح الثورة الليبية، وكان الأنسب للفوز بأصوات الليبيين فى مرحلة الربيع العربى فضلاً عما تشير إليه معطيات الشعب الليبى من أنه شعب متدين شديد المحافظة يعيش فى بيئة اجتماعية صحراوية قادرة على ابتلاع أية ملوثات أيديولوجية قادمة من الخارج، وذلك فضلاً عن أنه لم يكن هناك ما يشير إلى نشاط ليبرالى واسع يعدل نظيره فى الجارتين: مصر وتونس، حيث تعود جذور القوى السياسية الليبرالية فى مصر على سبيل المثال إلى مطلع القرن العشرين، حيث وجدت قوى ليبرالية محافظة تؤمن بالحفاظ على مصالحها الاقتصادية وبقاء الأوضاع الراهنة، كما وجدت اتجاهات أخرى فكرية تؤمن بضرورة التغيير فى البنية الفكرية للمجتمع، وقد كان الدكتور أحمد لطفى السيد من رواد هذا الاتجاه، كما كان هناك اتجاه ثورى وهو الذى قاده سعد زغلول فى ثورة 1919 وكان يهدف إلى التخلص من الاستعمار البريطانى، وإصدار دستور ليبرالى يكون هو المدخل لإحداث التغيير من أعلى إلى أسفل، وإحداث عملية النهضة الشاملة، إلا أن هذا الوفاق الليبرالى الذى استظل بمظلة ثورة 1919 وتوحد حول هدف واحد وهو التخلص من الاستعمار البريطانى لم يدم طولاً، فسرعان ما دب الخلاف وانقسم الوفد إلى جناحين: محافظ يضم أحمد لطفى السيد ومحمد محمود وعدلى يكن، تمثل فى حزب الأحرار الدستوريين، وآخر ثورى يضم سعد زغلول، ومكرم عبيد ومصطفى النحاس وتمثل هذا الفريق فى حزب الوفد، وهكذا بقى التشرذم والانقسام هو آفة التيارات الليبرالية حتى كتابة هذه السطور، وأيًا ما كان الأمر فالحالة الليبية تحتاج إلى دراسة وتمحيص فالصخب الليبرالى فى مصر، وشغبه الكبير فى تونس، وخفوته الواضح فى ليبيا، كل ذلك كان بمثابة المفاجأة التى أبهرت العالم، واستعصت على التفسير.
* د/ سيف عبد الفتاح: الكل يحسن مسألة المعارضة، لكن الكل لا يحسن مسألة البناء وتسيير السياسات
فيما اعتبر الدكتور سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة نجاح الإسلاميين فى مصر وتونس أو فوز الليبراليين فى ليبيا ليس مشكلة، موضحًا أنه فى حالة الاحتكام إلى الصناديق، يمكن أن يختار الشعب اختيارًا نزيهًا حرًّا بصرف النظر عما ستأتى به نتيجة هذه الصناديق، لكن ظاهرة صعود الإسلاميين بعد الثورات العربية، وهذه ظاهرة موجودة فى شأن كثير من الأمور التى تتعلق بالثورة المصرية من جانب، والثورة التونسية أيضًا، ومن ثم ليبيا وفقًا لما أسفرت عنه نتائج الانتخابات البرلمانية أنها لا تستبعد الدين تمامًا، ربما أن يكون هذا الوضع الذى يتعلق بصعود الظاهرة الإسلامية على تفاوت ما بين هذا الصعود، يعبر عن أن الحكومات السابقة، والحكام السابقون كانوا يمارسون نوعًا من الاستبعاد لهذه القوى عن عمد، لأنهم حاولوا محايدة هذه القوى بكل طريقة، وهذا أثر فى اختيار الشعوب لمثل هذه القوى فى الدول التى حدثت فيها ثورات فى مثل هذا السياق، لكن بعد ما تقوم بعض القوى الإسلامية بممارسة السياسة على نحو مباشر فى إطار تعرض بعضها للحكم، والمشاركة فيه سوف يكون ذلك مؤثرًا على طبيعة هذه القوى وعلى حجم التأييد الخاص بها، لأنها غالبًا ما ستفتقد العناصر التى تتعلق بما يسمى البراءة السياسية، وتعودها على أن تكون فى المعارضة، لأن المشاركة فى الحكم وممارسته مسألة كاشفة لقدرة هذه التيارات على القيام بشكل حقيقى بالإدارة وعملية التسيير لمسألة البناء والتنمية، ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن اعتياد هذه القوى على المعارضة، ربما يكون أمرًا سلبيًا، فى حجم هذه القوى خاصة عندما تتعرض إلى سياسات مباشرة فى تسيير الأمور التى تتعلق بهذه البلاد وبناء السياسات، وتطبيقها على الأرض، هذا التفاوت ربما يحدث من طبيعة ما يسمى بالمجلس الانتقالى الذى قاد البلاد فى الفترة الانتقالية، مشيرًا إلى أن الفترة الانتقالية التى مرت بها ليبيا سمحت لتيارات كثيرة من هذه المرحلة الانتقالية أن تحاول ما يمكن تسميته باستقطاب كتل تصويتية داخل هذا البلد، والمجلس الانتقالى المدنى شكل ساحة جيدة لمثل هذه القوى السياسية، أما التجربة المصرية على سبيل المثال فوجود المجلس العسكرى لم يسمح للطاقات السياسية أن تعبر عن نفسها بالشكل المناسب، وهذه المسألة أثرت على خيارات الناس فى هذا الإطار، وأيضًا شكل المرحلة الانتقالية ومن يقوم على تسيير المرحلة الانتقالية فى ليبيا أيضًا أثر فى هذا الإطار، كما أنه جرى خطأ كبير فى استبعاد القوى الإسلامية من الممارسة السياسية الحقيقية التى تتعلق بشاكلة الحكم، لأن عملية الحكم عملية كاشفة لقدرة هؤلاء على البناء، فالكل يحسن مسألة المعارضة، لكن الكل لا يحسن مسألة البناء وتسيير السياسات، فالمسألة هنا ترتبط بقدرة هذه القوى السياسية على أن تنتقل من مسألة المعارضة إلى حالة تتعلق بالبناء وتطبيق السياسات التنموية الحقيقية ومواجهة المشاكل والتحديات التى تتعلق بهذه الشعوب.
* د/ يسرى العزباوي: تخوف من تكرار تجربة مصر وتونس، وإشكالية التيار الليبرالى المصرى أنه ليس وحدة متجانسة
الدكتور يسرى العزباوى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أرجع فوز الليبراليين فى ليبيا إلى مجموعة عوامل إقليمية منها فوز الإسلاميين من قبل فى مصر وتونس، ولم يحرزوا خطوات توافقية تقدمية على المستوى السياسي، مما انعكس سلبًا على الشعب الليبى من فكرة سيطرة التيار الإسلامي، لافتًا إلى ضعف التيار الدينى فى ليبيا؛ من حيث إنه ليس بقوة تيار الإسلام السياسى فى مصر أو تونس، كما أن فكرة الولاء للعشيرة والقبيلة لها مفعول السحر فى ليبيا، كما أن الجماعات الإسلامية فى ليبيا أكثر تشددًا من الموجودة فى مصر وتونس، مما أدى إلى التخوف من فكرة سيطرة الإسلاميين فى ليبيا، كما أن فكرة التيار الليبرالى تمثلت بالأساس فى العقل الليبى فى الحفاظ على الوحدة، خوفًا من انقسام ليبيا إلى دولتين على الأقل، ومن هنا كانت فكرة وجود تيار له قبول عام بشكل واسع شكل ضمانًا لفكرة الوحدة الليبية، وتم استغلال ذلك فى الانتخابات مما أدى لفوز التيار الليبرالى، كذلك عودة النخب المثقفة من أوروبا وغيرها من البلدان العربية بعد الثورة إلى ليبيا استطاعت أن تؤثر بشكل عقلانى أكثر انفتاحًا لا يحمل مفردات التيار الإسلامى المتشدد الموجود فى ليبيا ولا التيار العلمانى المتطرف، بالإضافة إلى عوامل أخرى خاصة بطبيعة الدولة الليبية الخاصة بالارتباط القبيلة والعشيرة، صعب جدًا أن نتحدث عن تيارات ليبرالية منظمة فى الوطن العربى بأكمله بما فى ذلك مصر، فهى تيارات غير منظمة على الإطلاق، عبارة عن أفراد داخل كل دولة فهى نخبة بالأساس تتحدث عن الليبرالية، ليست مؤدلجة، ليس لها قوة تنظيم التيارات الدينية، كما أن التيار الإسلامى فى ليبيا ليس لديه الخبرة السياسية فضلا عن التنظيمية الموجودة لدى جماعة الإخوان المسلمين فى مصر؛ فهو يفتقد خبرة القدرة على تلقى ضربات ثم الاستجابة مرة أخرى، كما أن التيارات التى فازت فى الانتخابات الليبية كانت جزءًا من المجلس الانتقالى الذى استطاع أن يدير المرحلة الانتقالية بنجاح، وتوفر لديها الالتزام بخطوات المرحلة الانتقالية، عكس التجربة المصرية، فضلا عن عدم وجود قوة أخرى تنازعها فى اختصاصاتها وحاولت هد قواها مثل المجلس العسكرى فى مصر وتونس.
وحدد العزباوى إشكاليات التيار الليبرالى المصرى فى أنه ليس وحدة متجانسة، فهو منقسم على ذاته، ومتشتت إلى مجموعة من الأحزاب ليس لها تأثير فى الشارع، مازالت قابعة فى مقراتها، التى تتمركز فى القاهرة فقط، بالإضافة إلى أنها أحزاب نخبوية تضم مجموعة من المثقفين يتحدثون باسم الليبرالية، لم يستطيعوا التوحد فى حزب، أو تشكيل تأييد سياسى معين، أو إعداد كوادر تنضم إليهم أو تقتنع بأفكارهم، فضلاً عن عدم قبول الشعب المصرى لفكرة التحزب بالأساس، فعدد الذين ينتمون إلى أحزاب لا يتجاوزون المليونين، بما تشكل نسبته 2 % من المجتمع على الرغم من وصول عدد الأحزاب إلى 65 حزبًا، كذلك هناك أمور تتعلق بطبيعة التنظيمات نفسها؛ من حيث إنها قوالب جامدة مازالت تسير على النمط الغربى دون محاولة تطعيم ذلك بخصائص وتقاليد المجتمع المصرى، وأيضًا افتقداها للمال السياسى الذى كان يتولى الإنفاق على هذه التيارات من قبل طبقة الأعيان والأثرياء، كذلك فكرة تشويه الليبرالية واستخدامها من منظور خاطئ بعد الثورة.
* د/ ياسر كاسب: التيارات الليبرالية تتحرك فى الأوقات الضائعة، ومصابة بالتشرذم والطمع السياسى
الدكتور ياسر كاسب خبير النظم السياسية والشئون البرلمانية قال: أسباب إخفاق التيار الليبرالى فى مصر كانت مقدمة لترتيب وتنظيم التيار الليبرالى فى ليبيا، فى ظل مجتمع عشائرى قبلى، كانت الفرصة أكبر للتيار الإسلامى، لكن التجربة فى مصر ألقت بظلالها على ليبرالى ليبيا مما جعلهم يعيدون ترتيب أوراقهم بشكل أفضل، مشكلة التيار الليبرالى فى مصر أنه منقسم بشكل كبير، لا يوجد لديه بما فى ذلك حزب الوفد بما لديه من تاريخ طويل وخبرة سياسية والقدرة على التنظيم بشكل جيد، التيارات الليبرالية كثيرة العدد، ونسبتها كبيرة بالمقارنة بالتيار المحافظ أو التيار ذى المرجعية الدينية، لكنه متشتت إلى عدة تيارات بشكل مبالغ فيه، ولا يوجد تيار جامع لكل هذه التيارات على الرغم من كثرة عددها، كما أنه لا يميل إلى فكرة الائتلافات أو التحالفات، حتى ما قام به من تحالفات فى الفترة الماضية شابها نوعا من الطمع السياسى بشكل واضح من قبل تيارات معينة، وتكاد تكون الرؤية غير واضحة بالمرة لكل الأحزاب الليبرالية بما فى ذلك حزب الوفد ذو التاريخ العريض فى الحياة السياسية، مستبعدًا حدوث نوع من التوافق فى الفترة القادمة حتى على النظام الانتخابى، لافتًا إلى أن التيارات الليبرالية تتحرك فى الأوقات الضائعة، فلا تستطيع عمل تنظيم أو تكتل، فضلاً عن إشكالية الانقسام حول من سيقود التيار ويصل إلى مقعد الرئاسة، ولا توجد شخصية القائد نتيجة التضارب الكبير فى التصريحات والتناقض فى المواقف، والخلافات على طبيعة التنظيم أو التيار، كما أن هناك نوعا من التصنيفات للأحزاب داخل التيار الواحد، مما يفقده القدرة على التنظيم وتحديد الأهداف، مستنكرًا فشل الدكتور البرادعى فى قيادة التيار الليبرالى، وتجميع تياراته العديدة فى تيار واحد، حتى حزب الدستور الذى كان أملاً لتجمع مثل هذه التيارات ضربته المشكلات المزمنة، فالمشكلة ليست فى التيارات ذات المرجعية الدينية، وإنما تكمن فى التيارات الليبرالية؛ لأنها غير قادرة على التنظيم حتى هذه اللحظة. وليس لها قواعد شعبية، وتتعامل مع الشارع من خلال التصريحات والبيانات الصحفية الخارجة من المكاتب والمقرات.
* د/ كمال مغيث: تدخل العسكرى تحت زعم مساندة الثورة، وتفرق دم التيار الليبرالى سبب الفشل
من جانبه أشار الدكتور كمال مغيث المفكر الليبرالى أن تاريخ التيار الليبرالى فى مصر طويل، حيث بدأ مع محمد على باشا، لكنه تنازعته مدارس شتى بين القومية والوفدية والناصرية والليبرالية العامة والعلمانية الماركسية اليسارية، تفرق دمه بين القبائل، وتفاقمت الخلافات بين هذه التيارات والمدارس، ومن ثم لم يستطيعوا الاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية، وإن كانوا قد اتفقوا على روشتة واحدة وهى الدستور أولاً، وقد ثبت صحة هذا الرأى مؤخرًا، لافتًا إلى أن توزعهم بين تيارات متعددة يمثل جزءًا من الأزمة، أنه فى ليبيا أزالوا النظام عن بكرة أبيه، وبالتالى أصبح الصراع على المكشوف بين الليبراليين والإسلاميين، لكن الثورة المصرية لم تنجح بشكل كامل، والمجلس العسكرى الذى تدخل بشكل كامل تحت زعم مساندة الثورة والثوار، لكنه كان فى حقيقة الأمر يحافظ على النظام القديم.
* حسين عبد الرازق: اختلاف الصورة فى ليبيا سببها توحد التيارات الليبرالية فى قائمة موحدة، وانقسام الإسلاميين بين ثلاث تنظيمات
يؤكد حسين عبد الرازق عضو المجلس الرئاسى لحزب التجمع، أن هناك عاملا مهما أدى إلى اختلاف الصورة فى ليبيا عن مصر وتونس، وهو أن الليبيين شاهدوا عن قرب تجربة تيار الإسلام السياسى فى مصر وتونس عندما صعدوا إلى السلطة، وشعروا بالقلق، ومن ثم اختاروا أن يصوتوا للقوى الليبرالية، سواء كانت قومية أو ليبرالية بالمعنى الشائع أو يسارية، مضيفًا أن المجموعة التى خاضت الانتخابات فى قائمة موحدة مع جبريل كانت تجمع عددًا كبيرًا من الأحزاب والقوى وبالتالى خاضت المعركة موحدة، بينما كان الإسلاميون على الجانب الآخر موزعين بين ثلاثة تنظيمات مختلفة، كذلك عكس الوضع فى مصر تحديدًا أنه لم تستطع القوى الليبرالية أو القوى المدنية أن تتوحد وخاضت الانتخابات متفرقة سواء فى الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، بالإضافة إلى أنه فى خلال الفترة الانتقالية والحكومة المؤقتة استطاع أن يكتسب ثقة ومصداقية الشارع، وكذلك علاقاته الخارجية القوية كانت أحد العوامل المهمة على أساس أن فوزه سوف يساعد ليبيا فى الحصول على الدعم الأوروبى، والعالم الخارجى بشكل عام.
* السعيد كامل: تجربة الإسلاميين فى مصر وتونس ليست كافية للتأثير فى ليبيا، والبرادعى خذل التيار الليبرالى، وأدى إلى تشرذمه
أوضح السعيد كامل رئيس حزب الجبهة الديمقراطية أن مشكلة الليبراليين الأساسية تكمن فى عدم وجود قيادة تستطيع جمع التيار الليبرالى فى كيان واحد كى يستطيع المنافسة، لافتًا إلى أن ميزة القيادة توفرت فى التيار الليبرالى الليبى بوجود وزير سابق الذى استطاع أن يجمع التيارات الليبرالية فى كيان واحد، واستطاع أن يحصل على الأغلبية، منبهًا أنه من البساطة حدوث ذلك فى مصر لو أن هناك قيادة سياسية واعية استطاعت أن تجمع شتات التيارات الليبرالية، وأن توقف نزيف الأصوات وتفتيتها فى الانتخابات جراء الانقسامات وعدم التوحد فى كيان سياسى واحد، والالتفاف حول قيادة واحدة، فسوف يكسر حاجز ال50 % لأن الشعب المصرى شعب وسط والتيار الليبرالى فى مصر معتدل وليس متطرفًا، فهو مرتبط بعادات وتقاليد الشعب المصرى، وليست الليبرالية المستقاة من الغرب بكل سلبياتها، مؤكدًا أن مشكلة التيار الليبرالى فى مصر أنه تعلق بشخصية مثل الدكتور محمد البرادعى كقيادة له من قبل الثورة، ولكنه فى الحقيقة خذل التيار الليبرالى والمدنى لم يؤد الدور الذى كان ينبغى أن يقوم به، وتخلى عن الدور القيادى وبالتالى تشتت القوى الليبرالية إلى عدد من الأحزاب وأدت إلى النتيجة التى رأيناها فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ووقع التيار واستبعد رئيس حزب الجبهة الديمقراطية أن تكون تجربة تيار الإسلام السياسى فى مصر وتونس قد ألقت بظلالها على الأوضاع الليبية، فالتجربة لم ليست كافية لتستفيد منها الدول الأخرى بحيث يمكن تصديرها إلى الخارج، لكن بالطبع كان لها انعكاساتها فى الداخل، وكان ذلك واضحًا فى الانتخابات الرئاسية.
* باسل عادل: القياس مختلف فى ليبيا، وتركيبة الإسلام السياسى حديثة التكوين
فيما أشار المهندس باسل عادل عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار إلى أن تركيبة الإسلام السياسى فى ليبيا حديثة التكوين، ومن ثم فحالة ليبيا ليست شبيهة بالجارتين: مصر وتونس، موضحًا أن عمق الإسلام السياسى الموجود فى مصر الممتد إلى أكثر من ثمانين عامًا، فضلاً عن اقترابه من الناخبين والشعب، وكذلك اقترابه من الحالة السياسية، حتى وإن كان مطرودًا منها، لكنه كان دائمًا واضحًا فى الصورة، مضيفًا أن الجماعات المسلحة والتركيبة القبلية الموجودة بليبيا والتى ارتبطت بالتسليح وحماية العصبيات وتأمين العائلات خلال الثورة، لعبت دورًا كبيرًا فى اختيار الليبراليين، حيث كان الاختيار على أساس عشائرى وقبلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.