أداء خاشع، صوت رقيق،عبق رمضاني خالص،إحساس صادق،نسمات رمضان تغلف صوته،أرواحنا تشتاق لهمساته،دموعنا تنسكب لآهاته،قلوبنا تطمئن لسماعه مبتهلا :يارب.. لم يكن الشيخ نصر الدين طوبار منشدًا تقليديًا، ولكنه كان من طراز فريد؛ حيث خلق لنفسه طريقًا وأسلوبًا متفردًا، مستغلًا ما وضعه الله في صوته من ضراعة وخشوع، جعلته أحد أهم رواد فن الإنشاد الديني في مصر والعالم الإسلامي كله. من الأصوات التي تضرب على أوتار القلوب وتحلق في رحاب السماء والخشوع . ولد الشيخ طوبار عام 1920 بالمنزلة بمحافظة الدقهلية، وفى طفولته اكتشف والده جمال صوته فقرر تحويله من المدرسة الخديوية إلى المدرسة الأولية ليتعلم اللغة العربية ويحفظ القران الكريم. وبعد أن حفظ القران الكريم ذاع صيته في مدن وقرى محافظة الدقهلية ونصحه كل من استمع إليه أن يتقدم لاختبارات الإذاعة ليخرج صوته إلى الملايين وبالفعل تقدم إلى اختبارات الإذاعة ولكن المدهش أن اللجنة لم تختره وتكرر هذا معه لست مرات متتالية ولكنه لم ييأس ثم تقدم بعد ذلك واختارته اللجنة في مجال الإنشاد الديني. ذاع صيت الشيخ حتى أنشد على قاعة ( ألبرت هول ) بلندن وذلك في حفل المؤتمر الإسلامي العالمي. سافر الشيخ طوبار إلى العديد من الدول العربية والأجنبية وأعجب بصوته كل من استمع إليه وقد كتبت عنه الصحافة الألمانية ( صوت الشيخ نصر الدين طوبار يضرب على أوتار القلوب ). وقد كرمته كل الدول التي زارها إعجابا وتقديرا لصوته العذب. يعتبر طوبار أول من أنشد ابتهالا مخصوصا لأبطال حرب أكتوبر إبان فتره الحرب عام 1973 " سبح بحمدك الصائمون" و " انصر بفضلك يا مهيمن جيشنا". كان الشيخ الراحل يعتبر الشيخ الشعشاعي أخا روحيا له وغالبا ما كان الشيخ يبتهل في الفجر وراء قراءة الشيخ الشعشاعي . قدم الشيخ "نصر الدين طوبار" ما يقرب من مائتي ابتهال؛ منها "يا مالك الملك"، و"مجيب السائلين"، و"جل المنادي"، و"السيدة فاطمة الزهراء"، و"غريب"، و"يا سالكين إليه الدرب"، و"يا من له في يثرب"، و"يا من ملكت قلوبنا"، و"يا بارئ الكون"، و"ما بين زمزم"، و"من ذا الذي بجماله حلاك"، و"سبحانك يا غافر الذنوب"، و"إليك خشوعي"، و"هو الله"، و"يا ديار الحبيب"، و"قف أدبا"، و"طه البشير"، و"لولا الحبيب"، و"كل القلوب إلى الحبيب تميل"، و"بحق طاعتك" وقد ظل الشيخ علامة مميزة لرمضان ،يملأ المساجد بأعذب الابتهالات،ويحي موات القلوب بأرق الدعوات،حتى هام بصوته المسلمون،وعشقوا اللغة العربية لبراعة نطقه بها سهلة ميسورة،وحفظ الناس الأشعار والمدائح حبا في طريقته وحسن صوته وجمل طلعته،حتى صعدت روحه الطاهرة إلى ربها في السادس من شهر نوفمبر عام 1986. فرحم الله الشيخ الذي حببنا في رمضان وربطنا بسيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.