موجة من الجدل الواسع تفجرت في أعقاب قرار الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم بتعريب التعليم في المدارس الرسمية للغات، والمعروفة بالمدارس التجريبية، في المرحلة الابتدائية، بهدف "تقوية اللغة العربية". ووفق النظام الجديد، فإنه سيتم تدريس مادتي العلوم والرياضيات باللغة العربية، بدلا من الإنجليزية، فضلاً عن إلغاء منهج المستوى المتقدم للغة الإنجليزية، على أن تستمر تلك المدارس في نفس مناهجها التعليمية خلال المرحلتين الإعدادية والثانوية. ومن المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ بدءًا من العام الدراسي بعد المقبل. واعترض أولياء الأمور على تطبيق النظام الجديد، مطالبين بالإبقاء على تدريس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية بالمرحلة الابتدائية، في الوقت الذي أثار فيه القرار، حالة من الغموض بشأن مصير أساتذة هاتين المادتين، لم يخفوه في رد فعلهم الغاضب على القرار. "أروح فين.."، يتساءل رضا مدرس "الماس" بمدرسة رمسيس التجريبية لغات بباب الشعرية، قرار تعريب المدارس التجريبية، واصفًا إياه بأنه "غير حكيم الغرض منه خصخصة التعليم". وأضاف في تصريح إلى "المصريون": "أبنائي في المدرسة التجريبية لأنني لا استطيع أن ادفع مصاريف مدارس اللغات أو المدارس الإنترناشيونال، فماذا أفعل الآن، بجانب أنني مدرس" ماس"، فإلى إلى مكان سيتم نقلي، هل سيتم تحويلي إلى المدرسة الإعدادية، وهل سيستوعب تلاميذ المرحلة الإعدادية المصطلحات التي سيتعاملون معها لأول مرة؟". في المقابل، قال الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، إن "هناك سوء فهم جماعي، ونحن الآن نقوم بتقديم نظام تعليمي جديد لأبنائنا، حيث نقوم بتعليمهم لغتهم الخاصة واللغات بطريقة حديثة". وأضاف ل"المصريون": "الدراسة في المدارس الخاصة والدولية ستبقى كما هي بدون تغيير، موضحًا: "سنطبق اللغات بالنظام الجديد على طلاب الصف الأول الابتدائي لعام 2019 وبالنسبة لجميع الطلاب بجميع المراحل سيتم استكمال تعليمهم على النظام السابق". واستدرك قائلاً: "ما نقوم به هو استبدال عفش قديم بجديد وهو شكل آخر بإدخال اللغات في الإعدادي وليس الابتدائي حتى يتمكن الطلاب من معرفة لغتهم الأم بنظام صحيح سليم". في السياق، قال طارق نور الدين، معاون وزير التربية والتعليم السابق، إنه "لا أحد ينكر أن تدريس المواد باللغة الإنجليزية مطلوب لتلبية مطالب التوظيف الحالية كسياسة تعليمية مرنة تتناسب مع متطلبات الواقع، إلا أن تدريس المواد وخاصة العلوم والرياضيات باللغة العربية في مصر لا يشكل عائقًا أمام التفوق العلمي". وأضاف ل"المصريون": "أعتقد أنه لو تم تدريس المواد وخاصة الرياضيات والعلوم في المرحلة الإعدادية باللغة العربية، سوف يشجع الأطفال على البقاء في المدارس بدلاً من التسرب والعكس صحيح؛ فهناك دراسات عالمية لمنظمات مثل اليونسكو والبنك الدولي تؤكد أن التلاميذ يتعلمون بشكل أسرع وأفضل وبحماس عندما تدرس لهم العلوم بلغتهم المتداولة". وشدد على أنه "لابد من أخذ عبرة من ماليزيا، التي طبقت الرياضيات والعلوم باللغة الإنجليزية عام 2003 ثم عادت مرة أخرى إلى تدريسها بلغتها الأم بعد ما أسفرت التجارب عن تدن في مستوى التحصيل". غير أنه لم يخف اعتراضه على قرار الوزير بشأن تدريس الرياضيات والعلوم في المرحلة الإعدادية باللغة الانجليزية، بدعوى أنه "سوف يستطيع أن يحقق من خلاله مستوى متقدم في اختبار الرياضيات العالمي (TIMSS) والذي تقيمه الرابطة الدولية لتقييم التطور التعليمي، فهذا الاعتقاد غير صحيح شكلاً ومضمونًا، لأن جميع الدول المشاركة في هذا الاختبار جميعها تدرس تلك المواد بلغتها الأم، باستثناء سنغافورة ومع ذلك تحقق مراكز متقدمة" . وأشار إلى أن اليابان "تقوم بتدريس كل المواد باللغة الأم، بما فيها الرياضيات والعلوم ومع ذلك تحتل مراكز متقدمه في اختبار "TIMSS" مثلها مثل سنغافورا، في المقابل فإن الولاياتالمتحدة نفسها التي تدرس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية دائمًا في مراكز متأخرة في تلك الاختبارات". يذكر أن المدارس التجريبية انطلقت بموجب القرار رقم 2 لسنة 1979 لوزير التعليم والثقافة والبحث العلمي، وبدأت التجربة بعدد محدود من المدارس في محافظة القاهرة، وكانت بالفعل تقدم خدمات تعليمية متميزة بتكاليف أقل من مثيلاتها الأجنبية والخاصة. وتتولى الحكومة مسؤولية إدارتها وهي تحمي أولياء التلاميذ من استغلال أصحاب المدارس الخاصة، خاصة مع وجود بند يحدد الزيادة السنوية للمصاريف بحد أقصى قدره 10 في المائة. ولاقت التجربة، في البداية، نجاحًا كبيرًا وتمكنت من كسب ثقة أولياء التلاميذ الذين تهافتوا على إلحاق أبنائهم بها. في المدارس التجريبية، يدرس التلاميذ اللغة الإنجليزية بداية من المستوى الأول الابتدائي والفصل لا تزيد سعته عن 25 تلميذًا، كما شعر الأولياء بالثقة في هذه المدارس لأنها تخضع لإدارة الحكومة.