فى عام 1979م، كانت المملكة العربية السعودية، والعالم الإسلامى، على موعد مع حادث تاريخى مفصلى، وهو اقتحام الحرم المكى بقيادة جهيمان العتيبى وأتباعه، وما تبع ذلك من تطور للأحداث. نشأ جهيمان العتيبى فى إحدى الهجر تدعى"ساجر" كان ساكنوها قد حاربوا مع الملك عبد العزيز آل سعود بقيادة رجل يدعى سلطان بن بجاد، والذى ألقى القبض عليه وزُج به فى السجن، حيث مات فيه بعد ذلك. من هنا نشأ فى "ساجر" جيل، ورث من جاء بعده الضغينة للنظام الحاكم والتمرد عليه، فكان جهيمان لا يدين بالولاء للنظام الحاكم، خصوصًا أن والده كان صديقًا مقربًا من سلطان بن بجاد. فى هذا التوقيت كُثر الحديث فى مجالس الجماعة السلفية المحتسبة عن تواتر الرؤى، وأن الفترة الزمنية التى هم فيها هى آخر الزمان، وتم تدعيم ذلك الافتراض بالأخبار التى كان يتم التصعيد من خلالها لسيناريو مفترض، ينتهى بخروج المهدى. ومع مطلع القرن الهجرى وتحديدًا فى 1/1/1400 ه، قرروا مبايعة المهدى المنتظر محمد بن عبد الله القحطانى بين الركن والمقام. وتم التجهيز للعملية بإحضار سيارتين مجهزتين لنقل مياه، كانت واحدة مخصصة لنقل الأسلحة والأخرى بالتمر، ويرجع سبب اللجوء لذلك وجود بدروم فى الحرم به بئر يشرب منه أهل مكة، فكان من المعتاد وقوف السيارات تنتظر دورها فى ملء الخزانات. وأدخل السلاح إلى الحرم على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى: بدخول المجموعة الأولى بسلاحها الفردى الذى حملته معها من الخارج، أو حصلت عليه من السلاح الذى تم تخزينه مسبقًا فى الخلوات ببدروم الحرم. أما المرحلة الثانية: فى نفس التوقيت الزمنى تدخل سيارات نقل المياه. وكانت المرحلة الثالثة بدخول الجنائز الوهمية بداخلها الأسلحة محمولة على أعناق أعضاء الجماعة المشاركين فى الاقتحام. وبعد أن سلم إمام الحرم والذى كان وقتها الشيخ "محمد السبيل"، بادروا إلى أخذ الميكروفون، وسط هتافات أتباعهم بالتكبير والحمد، ونجحوا فى السيطرة على الوضع، ليبدأ أحدهم وهو "خالد اليامى" بإلقاء الخطبة التى شرح فيها أهدافهم من اقتحام الحرم، ومبرراتهم حول ذلك. وفى وسط الهرج والمرج ظهر شخص شعره طويل مجعد ونظراته تخترق كل شيء، كان عمره 43 سنة، واسمه "جهيمان العتيبى"، وهو القائد العسكرى والسياسى لجماعة المجاهدين الذين احتلوا الكعبة، ويحيط به ثلاثة مرافقين مسلحين بالرشاشات والمسدسات وخناجر. "جهيمان" الذى يرتدى ملابس بيضاء يسحب الميكروفون من يد الإمام ويدفعه، حيث يحاول الإمام، استعادة الميكروفون، ولكن أحد المرافقين يهدده بخنجر حاد. يتوجه الإمام ومئات من الحجاج إلى الأبواب على أمل الخروج؛ ليكتشفوا أن الأبواب تم إغلاقها بالسلاسل الحديدية. وبعد انقضاء الخطبة بدأت مبايعة محمد بن عبد الله القحطانى (المهدي المنتظر)، بين الركن والمقام، وأول من بايعه "جهيمان"، ثم بقية أفراد جماعته. وأثناء أخذ البيعة بدأ تبادل إطلاق النيران بين الأشخاص المتمركزين على المنابر، وقوات الأمن المتواجدة بالخارج، واستمر القتال بينهم 14 يومًا انتهت بحصر جماعة "جهيمان" فى غرفة تم فتح سقفها، وألقيت عليهم القنابل المسيلة للدموع، لتعلن لحظة استسلامهم، والقبض عليهم، ومن ثم إعدامهم فى ساحات أربع مدن رئيسية فى السعودية. وقد شارك عدد من الإسلاميين فى مصر فى فتنة "المهدى المنتظر"، وكانوا ضحية لهذا المنام منهم: "عبد الله بن عمر" من حى شبرا بالقاهرة، وكان من أكبر قيادات السلفيين فى السبعينيات، ومعظم شيوخ السلفية فى مصر تخرجوا على يديه، وقد وقع فى فتنة "المهدى المنتظر"، وكان من المتواجدين هناك، حيث تم إعدامه من جملة من أعدموا مع جهيمان العتيبى. كما شارك وعاصر هذا الحادث المروع محمد شوقى الإسلامبولى، الشقيق الأكبر لخالد الإسلامبولى الذى اغتال السادات، ثم عاد إلى مصر عقب حادثة الحرم. وقد صرح الإسلامبولى بذلك فى وقت سابق فى أحد منشوراته على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك".