عشية رحيل شاعرنا الكبير "عبد الرحمن الأبنودى" فى 21/4/2015 وحتى اليوم, تبارت الحكومة المصرية فى إطلاق التصريحات الوردية بخصوص اتخاذ ما يلزم لتخليد ذكرى رحيل هذا الشاعر المصرى الكبير, الذى استطاع بإبداعه الشعرى أن يحول الانكسار والشعور المهين بعار هزيمة يونيو 1967 إلى روح جديدة سرت فى جسد الأمة المثخن بالجراح، حين غنى من كلماته "عبد الحليم حافظ" موال النهار، و"محمد حمام"، "يا بيوت السويس"، ليدشن بذلك بدايات تيار هادر وعفى، يرفض الهزيمة، يؤمن بحتمية الانتصار، وضرورة التصدى لتيار جَلد الذات، الذى تزعمه الراحلان "أحمد فؤاد نجم، والشيخ إمام" بأغانيهما اللاذعة والمريرة "بقرة حاحا – خبطنا تحت بطاطنا.. إلخ"، والتى كان لها تأثير سلبى على الروح المعنوية للجيش والشعب معًا فى لحظة فارقة فى تاريخ مصر. ماذا فعلت حكومتنا السنية - من أفعال لا أقوال - لتكريم "الخال" الكبير؟!. 1- بتاريخ 2/6/2015 بعد رحيل "الأبنودى"، عُقد بديوان عام محافظة الإسماعيلية مؤتمر موسع، برئاسة الفريق "مهاب مميش" رئيس هيئة قناة السويس، و"يس طاهر"، محافظ الإسماعيلية، ولفيف من الأكاديميين والخبراء وفى وجود الإعلامية "نهال كمال" زوجة الراحل الكبير حيث تقرر الآتى: • إقامة منارة ثقافية كبيرة بالإسماعيلية لحفظ تراثه الشعرى والأدبى لخدمة منطقة القناة وسيناء فى الحاضر والمستقبل. • إقامة تمثال كبير "للخال" بميدان الزهراء المطل على مجرى قناة السويس. • أن يبدأ التنفيذ بعد ثلاثة أشهر على الأكثر، ليكون المشروع جاهزًا للافتتاح مع الافتتاح العالمى لمشروع قناة السويس الجديدة. النتيجة: انتهى الأمر على "مفيش" وطلع "فنكوش". 2- أعلن "حلمى النمنم"، وزير ثقافة مصر السابق، أن وزارة الثقافة بصدد تخصيص جائزة سنوية باسم "الأبنودى" تمنح لشعراء العامية الشباب. النتيجة: انتهى الأمر على "مفيش" وطلع "فنكوش". 3- حين علمت الإعلامية "نهال كمال"، أن جامعة "الأوتونوفا" الإسبانية تدرس لطلابها أشعار "الخال"، خاطبت الوزير "النمنم"، لتحثه على مخاطبة وزارتى التربية والتعليم، التعليم العالى وغيرهما من الجهات المختصة بوضع وتطوير المناهج التعليمية, لاتخاذ ما يلزم نحو تدريس شعر الراحل الكبير لطلاب أقسام اللغة العربية بالجامعات المصرية، وتدريس كتاباته النثرية مثل رائعته "أيامى الحلوة"، وقصصه التى كتبها للأطفال ضمن موضوعات القراءة المقررة على طلاب المدارس المصرية، وكلاهما مكتوب باللغة العربية الفصحى. النتيجة: انتهى الأمر - أيضًا - على "مفيش" وطلع "فنكوش". هذه هى أفعال حكومتنا التى لا تعرف أقدار وقامات رموز الوطنية المصرية وفى الطليعة منهم أمير شعراء العامية المصرية، الوطنى الكبير "الخال"، الذى كان يقول عن نفسه: إن مكانه يكون على الدوام فى المكان الذى تكون فيه مصر. "الأبنودى" يا حكومة، دافع عن الجيش المصرى بعد هزيمة يونيو 1967، لإيمانه بأن من هزم فى الحرب هو قيادته العسكرية فقط وليس الجيش الذى عموده أبناء هذا الشعب، ولذلك لم يشارك "الخال" بأشعاره وأغنياته وكتاباته النثرية فى "التريقة والتنكيت والتبكيت" على الجيش والحط من شأنه، بل كان يقف معه فى ذات خندق الدفاع عن هوية الوطن واستعادة أراضيه المحتلة، حتى أن "عبد الناصر" كان يتصل بنفسه بالإذاعة المصرية لإذاعة أغانى وأشعار "الأبنودى" لرفع معنويات الشعب والجيش معًا. لهذا من حقنا وقبل مغادرة تلك الزاوية، أن نتساءل مع الشعب: هل ستنفذ الحكومة المصرية ما سبق وتعهدت به بخصوص تكريم شاعرنا "الأبنودى" ليظل قدوة لشبابنا من حيث العطاء والتضحية فى سبيل الدفاع عن الوطن! أم أن حكومتنا كعادتها (آفتها النسيان) على رأى عمنا صاحب نوبل "نجيب محفوظ"؟!.