فجأة غادر أحمد شفيق، المرشح الخاسر فى انتخابات الرئاسة، القاهرة فجر الثلاثاء 26 يونيه إلى أبو ظبى، وقيل إنه سيقضى يومين بالإمارات، ثم يذهب للسعودية لأداء العمرة، وبعدها يعود لمصر لتأسيس حزب جديد. اليومان أصبحا 22 يومًا لحظة كتابة هذه السطور صباح الثلاثاء 17 يوليو، وليس هناك مؤشر على عودة قريبة له رغم أن أبو ظبى ليست مصيفًا بل إن سكانها يهربون منها خلال الصيف؛ بسبب شدة الحر فيها وفى بلدان الخليج عمومًا. من الضرورى أن يعود شفيق، وألا يمكث طويلا هناك بصحبة الجنرال عمر سليمان، نائب المخلوع، وآخرين من رموز النظام السابق، عودته مهمة لنفسه ولمساره السياسى إن كان يريد مواصلة العمل العام؛ لأن هناك بلاغات مقدمة ضده وتتهمه بالتورط فى أعمال فساد، عليه أن يدافع عن نفسه وعن سمعته ليكون جديرًا بقيادة حزب جديد، بل كان واجب عليه أن يطالب النائب العام بسرعة التحقيق معه فى تلك البلاغات قبل انتخابات الرئاسة حتى لو فاز يكون حينها رئيسًا نظيفًا لا تلاحقه اتهامات، ولا تطارده شبهات، ولا تحوم حوله شكوك، لكنه اكتفى فقط بتبرئة نفسه من خلال تصريحاته الدعائية وتفنن هو وحملته التى تنتمى للفلول فى توجيه الاتهامات الكيدية لمنافسه وللحزب والجماعة التى ينتمى إليها، بينما هذا المنافس- الرئيس محمد مرسى- صفحته بيضاء من غير سوء. كان شفيق يمارس لعبة الهجوم لإشغال الخصم، وهو هجوم مضلل اعتمد على أكاذيب مصطنعة، لذلك لم يصمد طويلاً مثل اتهامه للإخوان بقتل الثوار فى معركة الجمل، وهذا كان مثيرًا للسخرية منه، وقد سقطت هذه الهلاوس التى لم تكن لائقة بمرشح كان قاب قوسين أو أدنى من منصب الرئيس.. من استدعتهم المحكمة شهدوا ببراءة الإخوان، بل تحدثوا عن دورهم فى الدفاع عن ميدان التحرير، وفى مواجهة بلطجية النظام السابق الذين روعوا المتظاهرين المسالمين وسفكوا دماءهم. إذا كان شفيق يطلق مثل هذه الوقائع المختلقة وهو مجرد مرشح، فما بالنا لو كان قد صار رئيسًا وامتلك السلطة؟، هل كان سيؤتمن جانبه من تلفيق الاتهامات للخصوم للتنكيل بهم كما كان يفعل النظام السابق؟، لذلك من رحمة الله بالثورة وبمصر وبالمخدوعين الذين انتخبوه أنه لم يفز؛ لأنه كان خديعة تم صنعها برعاية أجهزة الدولة العميقة للقضاء على الثورة، وإعادة مصر إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير. هل يعود شفيق أم يظل بالخارج؟ ومتى تفتح كل ملفاته حسب البلاغات المقدمة ضده؟ فلا يمكن أن يكون جديرًا بمواصلة العمل السياسى إذا كان جادًا أو راغبًا وليس مدفوعًا من الأجهزة إلا إذا كان طاهر اليدين من أى شبهة فساد. وتقديرى أنه لن يكون قادرًا على القيام بأى دور سياسى، فهو استفاد كمرشح رئاسى من ظروف خاصة خدمته كثيرًا فى تحقيق تلك النتيجة، هذه الظروف تزول شيئًا فشيئًا الآن بالشعبية التى يحققها الرئيس مرسى مما يجعله يعود إلى حجمه الطبيعى المتواضع شعبيًا وسياسيًا وفكريًا. ثم هناك عمر سليمان الذى أتوقع أن يتم الدفع به الفترة القادمة فى محاولة جديدة من النظام السابق للسطو على الثورة، خصوصًا بعد زوال قانون العزل السياسى، وربما يجرى المفاضلة الآن بين الاثنين لكى يرسو العطاء على واحد منهما ليكون رأس حربة الفلول للعودة تحت العنوان المفضل وهو "مواجهة الإخوان" بدعم من أراجوزات الدولة المدنية ومدعى الثورية الأفاقين، وغالبًا سيكون سليمان هو الخيار الأرجح بعد أن احترقت ورقة شفيق. وأتصور أن محاولات إفشال الرئيس مرسى لن تتوقف لتهيئة البيئة لسيناريو عودة سليمان بالزعم أن الإسلاميين أخفقوا فى البرلمان والرئاسة، وبالتالى يتم تصدير نائب المخلوع باعتباره مرة أخرى هو المنقذ، لكن مثل هذا التخطيط لن يكتمل إن شاء الله بفضل وعى المصريين، ويقظة ووحدة القوى الثورية الوطنية الحقيقية التى ستظل تقاتل من أجل الحفاظ على الثورة وحلم مصر الجديدة. [email protected]