ضرب شعره ( جل) ووقف يلتقط صورة ( البرومو) التي تروج لبرنامجه التليفزيوني..أدرك أن للميديا قانونها الخاص..قانون الميديا هو قانون السوق، عرض وطلب، مبادئ العلم وأسسه ومنهجيته وموضوعيته عليه أن يتركها على باب الاستوديو..لن يسمح له بالدخول إذا تحدث بمنطق العلم أو حاول أن يكون على الحياد أو تجرأ وانتقد مايفعله الحاكمون بأمرهم..قرر أن ينحاز للاقوياء والمسيطرين ويوظف علمه لخدمتهم..كل يوم على صفحات صحف فقدت مصداقيتها وعلى شاشات فقدت مشاهديها يلوي عنق العلم والمنطق والواقع والبراهين لينتج إستنتاجات معلبة ومجهزة في مصنع أولياء نعمته..الاستنتاج الأكبر الذي توصل اليه هو أن الانحياز لأهل السلطة والمال هو خيار إستراتيجي وأن الرهان على الأقوياء هو جوهر الحكمة وخلاصتها..وكل صباح وفي قاعات الدراسة لا يجد مشقة ولا يعدم حيلة في خداع طلابه، يملك القدرة على إقناعهم أن التحليل الموضوعي والمنطقي سيصل بهم إلى ذات النتيجة التي توصل هو إليها وتشكلت على أساسها مواقفه..لا يدرك أن الواقع يفضح الأكاذيب ولو بعد حين..ولا يدرك أنه يوماً ما سيصبح القصة والعبرة التي يتداولها أهل العلم وطلابه عن الأستاذ الذي نحر علمه على أعتاب دنيا زائلة وأخضع ضميره لمنطق السوق...وضرب شعره ( جل) !! د. عبدالله ظهري