"تموين سوهاج": توريد 109 آلاف طن قمح للشون والصوامع    أسعار الحج البري موسم 2024    الصحة الفلسطينية: طواقم الإسعافات حائرة أمام نقل شهداء مخيم شمال غرب مدينة رفح    جامعة الدول العربية تشارك في حفل تنصيب رئيس جمهورية القمر المتحدة    إمام عاشور: أول بطولة أفريقية مع الأهلى عقبال كل سنة.. وشكرا للجمهور العظيم    بديل تشافي.. موعد تقديم هانز فليك كمدرب لبرشلونة    لن يشارك في نهائي كأس الملك.. إيقاف لابورت مباراتين مع النصر (فيديو)    خالد بيبو: الأهلى مر بصعوبات كبيرة فى رحلة التتويج الأفريقى    حسين السيد ل"اليوم السابع": الزمالك استعار لاعب دجلة مجانا وأدفع راتبه من جيبى    وزير الشباب يهنئ منتخب رفع الأثقال البارالمبي على إنجاز كأس العالم بالمكسيك    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم سيارتين على طريق الإسماعيلية بورسعيد    الاحتفال بعيد الأضحى 2024 في الجزائر: تفاصيل الإجازة الرسمية واستعدادات العائلات    مهرجان الطبول ينطلق تحت زخات المطر.. فيديو    الدفاع المدني: الاحتلال تعمد استهداف النازحين في رفح الفلسطينية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الإثنين 27/5/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    قافلة طبية مجانية بمركز التل الكبير بالإسماعيلية ضمن "حياة كريمة".. غدا    هاني رمزي: أخر عشر دقائق من لقاء الأهلي والترجي كانت صعبة    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    الأرصاد ينبه من صواعق رعدية وهطول أمطار خفيفة على محافظة طريف    المكتب الإعلامى بغزة: جيش الاحتلال قصف أكثر من 10 مراكز نزوح تابعة للأونروا    "ليه تزنقي نفسك؟".. نصيحة أمين الفتوى لفتاة تدعو للزواج بشخص محدد    الإفتاء: الإسلام أكرم المرأة وشدد على تحريم التحرش أو التعرض لها بأذى    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يكشف نتائج تجربة دمج الذرة الرفيعة مع القمح في إنتاج الخبز    النائبان التمامي وأبوحجازي يوافقان على خطة التنمية الاقتصادية والاجتما    شيماء سيف تحكي عن موقف كوميدي بسبب تعرضها للمعاكسة    رئيس «الرقابة والاعتماد» يبحث مع محافظ الغربية سبل اعتماد المنشآت الصحية    للحفاظ على سلامتهم.. القومي للتغذية يقدم نصائح للحجاج أثناء أداء مناسك الحج    مراسل إكسترا نيوز: شاحنات المواد الغذائية المقدمة لغزة مساعدات مصرية خالصة    وزير الزراعة: عدد قليل من الدول اقتحمت ملف استصلاح الصحراء.. ورؤية قيادتنا ثاقبة    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    أيهما أفضل الاستثمار في الذهب أم الشهادات؟.. خبير يوضح    تراجع إيرادات فيلم "Kingdom of the Planet of the Apes"    هل يجوز الدعاء بالزواج من شخص محدد؟ أمين الفتوى يرد    رئيس الوزراء الباكستاني يشيد بقوات الأمن بعد نجاح عملية ضد إرهابيين    في ذكرى وفاتها.. تعرف على أعمال فايزة كمال    شقيق زوجة إمام عاشور يثير الجدل بعد تتويج الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    وزارتا الصحة المصرية والكوبية تناقشان مستجدات التعاون فى تصنيع الأدوية    وحدات السكان بشمال سيناء تعقد ندوات توعوية تحت مظلة مبادرة «تحدث معه»    وزير الأوقاف يلتقي بالأئمة والواعظات المرافقين لبعثة الحج    عمرو دياب يرصد تطور شكل الموسيقى التي يقدمها في "جديد×جديد"    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    دعوة للتمرد على قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي.. ما علاقة نجل نتنياهو؟    عميد الدراسات الأفريقية: "البريكس وأفريقيا" يبحث دور مصر المحوري في التكتل الدولي    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    الأحوال المدنية تستخرج بطاقات الرقم القومي للمواطنين بمحل إقامتهم    ترحيل زوج المذيعة المتسبب فى مصرع جاره لأحد السجون بعد تأييد حبسه 6 أشهر    قتل خطأ وتعاطي مخدرات.. إحالة مطرب المهرجانات عصام صاصا إلى المحاكمة    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل برنامج المستشار المالي الآلي للاستثمار    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    اعرف قبل الحج.. الركن الثاني الوقوف بعرفة: متى يبدأ والمستحب فعله    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    وداعًا للأخضر.. واتساب يتيح للمستخدمين تغيير لون الشات قريبًا    وزير الأوقاف: التعامل مع الفضاء الإلكتروني بأدواته ضرورة ملحة ومصلحة معتبرة    أستاذ الصحة العامة: 1.5 مليار شخص حول العالم يعانون من ضغط الدم    النائب أيمن محسب: الدفاع عن القضية الفلسطينية جزء من العقيدة المصرية الراسخة    شاومينج ينشر أسئلة وإجابات امتحانات الدبلومات الفنية على تليجرام.. والتعليم تحقق    الرئيس الفرنسي يتوجه إلى ألمانيا في زيارة دولة نادرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر - جنوب إفريقيا .. والديمقراطية
نشر في المصريون يوم 15 - 02 - 2018

عندما قرر العالم منح دولة جنوب إفريقيا شرف استضافة أول بطولة لكأس العالم في القارة السمراء عام 2010 لم يكن ذلك هباءً، ولم يكن لحسابات تصويتية في مجلس الفيفا فقط، بل تكريماً وتقديراً لهذه الدولة، ولشعبها، لعدة أسباب منها:
1- إنهاء نظام الفصل العنصري القاسي وغير الإنساني بشكل سلمي رائع، وبتوافق مجتمعي نادر، فقد خرجت جنوب إفريقيا بعد تجربة ظالمة مريرة دولة متماسكة، ومجتمعاً متصالحاً، رغم وحشية "الأبارتهيد"، والتمييز، ودماء الأبرياء.
2- تكريم المناضل التاريخي نيلسون مانديلا الذي قاد كفاح شعبه نحو استعادة حقوقه الوطنية كاملة، وإقرار المساواة التامة بين السود والبيض، وقيادته نصالاً سلمياً بإنجاز مصالحة وطنية طوت صفحة الماضي، وتسامت عن الثأر والانتقام، لذلك خرجت جنوب إفريقيا من مستنقع التمييز، ومن اللحظة الفارقة في تاريخها أكثر عافية وقوة وتماسكاً وتلاحماً، وأقل أحقاداً وكراهية مجتمعية وإنسانية.
3- الديمقراطية الناشئة في هذا البلد، والتجربة تسير قدماً للأمام، وتؤكد ترسخها، وتجذرها، واعتمادها نظام حكم لا تلاعب به، ولا تراجع عنه، ولا تحويله إلى مسرحية عبثية، أو واجهة شكلية لحكم مستبد مثل كثير من بلدان القارة التي تقاوم حركة التاريخ، ومنطق التغيير، وضرورات الإصلاح الديمقراطي، وإذا سألت عن الديمقراطية الأولى المستقرة في إفريقيا كلها، فإنها موجودة في دولة جنوب إفريقيا دون منافس، وهنا مربط الفرس، إذ أن الخميس 15 فبراير 2018 يوم حاسم للديمقراطية في هذا البلد حيث تقرر عقد اجتماع للبرلمان لحجب الثقة عن الرئيس جاكوب زوما، أي طرده من المنصب، أي إقالته وفقاً للدستور والقانون، لا وفق انقلاب عسكري، ولا أساليب أخرى غير ديمقراطية تُدخل الدولة والشعب في نفق مظلم، الجلسة ستنعقد فيما لو لم يكن قد بادر من نفسه قبلها واستقال طوعاً استجابة لقرار حزبه الحاكم "المؤتمر الوطني الإفريقي" بضرورة التخلي عن منصبه.
زوما متورط في قضايا فساد، وعلاقات مشبوهة مع رجال أعمال، وهذا لا يمر في الديمقراطية، وثقافة الشفافية، والرقابة والمحاسبة الحزبية والبرلمانية والمجتمعية والمدنية الحقيقية، وهناك سابقة مماثلة حيث تعرض الرئيس السابق ثابو مبيكي لنفس المصير عام 2008، فقد طلب منه حزبه "المؤتمر الوطني" الاستقالة من الرئاسة، واستجاب وخرج من السلطة، وبقيت جنوب إفريقيا، وانتعشت الديمقراطية، وتواصل التداول السلمي للسلطة.
هكذا تكون الدولة ذات قيمة وتأثير ونفوذ في محيطاتها الإقليمية والقارية والدولية، وبسبب الديمقراطية والحكم الرشيد فإن جنوب إفريقيا هي الصوت المهم المسموع في القارة بأسرها حالياً، ولها وزنها في العالم كله، ومن ضمن التقدير الدولي كان إسناد مونديال 2010 إليها، ولو تقرر أن يكون للأفارقة مقاعد دائمة في مجلس الأمن فإن جنوب إفريقيا على رأس الدول المرشحة للحصول على مقعد، ولو أُسندت الأولمبياد للأفارقة لأول مرة في تاريخهم سيكون نصيب جنوب إفريقيا في استضافتها كبيراً.
أين مصر من مشهد جنوب إفريقيا؟.
في المونديال كانت هي والمغرب تنافسان جنوب إفريقيا، وحصلت مصر على الصفر الكبير والشهير الذي دخل أسوأ صفحات تاريخها، لم يكن هناك مجال للمقارنة بين ملفات الاستضافة، لم تكن في صالحنا، ولم تكن هناك مقارنة في ملفات الديمقراطية، والحريات، والتنمية الشاملة، لم يكن هناك شيء بارز في مصر يمكن للعالم أن يستند عليه للتفاعل معها والتصويت لها، كانت البلاد في حالة جمود.
ورغم أن مصر أحد كبار إفريقيا، ولها تاريخ محترم في دعم حركات التحرر الوطني في القارة، وكان صوتها مسموعاً ومؤثراً ونافذاً وقت أن كانت جنوب إفريقيا معزولة تماماً، ولا دور لها في شؤون إفريقيا، إلا أن إزالة إرث الفصل العنصري سريعاً، والنهوض الأسرع، والدخول في حزام الديمقراطيات، والتطور على هذا الطريق، جعل جنوب إفريقيا تجذب الاهتمام والأضواء، وجعل العالم يتعامل معها كمدخل لإفريقيا، مصر كانت الأكثر استحقاقاً لهذه المكانة، لكن التاريخ وحده لا يكفي لتقييم الدول، ووضعها في الموقع اللائق بها، ماذا عن الحاضر؟، وما هي خطط المستقبل؟، هذان هما السؤلان الغائبان عن مصر منذ عقود. وقد جاءت ثورة 25 يناير لأجل مصر جديدة تحدث قطيعة مع مصر التي شاخت، لكن سارت الأمور في مسار معاكس، فالديمقراطية الوليدة تعطلت، والحريات التي انفجرت جرى تقييدها، والحلم الجميل صار كابوساً مزعجاً، وإذا كنا وصفنا عهد مبارك بالجمود فإنه مقارنة بمصر اليوم كان أفضل بدرجة، مصر الراهنة تحيا في حالة من القلق وعدم اليقين.
الدول تُبنى بناءً جاداً وحقيقياً ومستديماً بالديمقراطية، ولا شيء غيرها، والدول تكتسب صورة مشرقةً، وسمعة باهرةً، واحتراماً عالياً في الخارج بنظامها الديمقراطي، وحكم دولة القانون.
الديمقراطية تجعل المجتمعات أكثر تصالحاً وسلاماً، وتجعل الدول أكثر قوةً وتماسكاً وتقدماً.
وهذا ما تنبهت له جنوب إفريقيا، فنجحت، وشقت طريقها، وصارت قائدة في قارتها، وهذا ما لا تريد قوى الحكم التقليدية في مصر أن تقتنع به حيث تتجاهل التاريخ والواقع والمنطق، وتصر على السير في طريق الأحادية السياسية، والحكم الفردي.
وقد واتت البلاد فرصة مهمة في صنع انتخابات رئاسية تنافسية جادة هذا العام لإعادة استئناف مسار الديمقراطية الذي أعقب يناير، لكن تم تبديدها لتكون عملية شكلية لنظل ندور في نفس الحلقة من نمط الحكم الفردي، أو الحكم الأبوي، وكأن مصر في الألفية الجديدة وبعد حراكات وانتفاضات وثورات عظيمة ليست مؤهلة بعد لتكون صاحبة ديمقراطية على غرار أي دولة في الغرب، أو جنوب إفريقيا.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.