دخل الدكتور مرسى سباق الرئاسة بمشروعه (النهضة إرادة شعب)، وهو مشروع حالم بأن تكون مصر ضمن أقوى عشرين دولة من الناحية الاقتصادية وما يستتبعها خلال فترة زمنية وجيزة. وكم نأمل أن يحصل هذا لمصر بين عشية وضحاها، فالمصريون جميعًا توّاقون إلى غد يرون فيه مصرهم تمارس دورها الريادىّ على المستويين الإقليمى والعالمى، بعد مدة قزم فيها دورها، وتطاول عليها من هم دونها فى المكانة والتاريخ والمكان. بيد أن هذه النهضة يلزمها عمل تربوى يأخذ بأيدى أفراد الشعب المصرى نحو الانخراط الفعال فى هذا المشروع، إذ من الواضح أن مشروعًا كهذا أكبر وأوسع من قدرات وإمكانيات أى فصيل من الفصائل أو أى مؤسسة من المؤسسات، مهما بلغ عددها ومهما كانت قدراتها، ومن ثم يعد المجتمع المصرى كله هو الحامل الحقيقى لهذا المشروع وغيره من مشاريع التنمية الحالمة. والتربية التى أقصدها هنا تقوم على عدة أسس يجب أن نعمل على غرسها فى المجتمع المصرى ليتفاعل مع هذا المشروع: وأول هذه الأسس هو: الخوف من الله عز وجل ومراقبته فى السر والعلن وإخلاص العمل له وحده، وهو أساس لا تصلح الدنيا والآخرة بغيره، وقد عمل الرسول صلى الله عليه وسلم على غرسه فى نفوس المسلمين عندما أخذ يعمل لتأسيس الدولة الأولى، ويضع المعايير لقوتها ونهضتها. والأساس الثانى: حب الوطن وتعميق الانتماء إليه فى نفوس المصريين جميعًا، واليقين بأن العمل من أجله يصب فى مصلحة الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والمصريين فى الداخل والخارج. أما الأساس الثالث: فهو إتقان العمل، ولا أقول مجرد العمل، بل المطلوب فى المرحلة القادمة إتقان العمل والتفانى فيه، حتى تنهض البلاد بسواعد أبنائها على اختلاف تخصصاتهم، فمصر فى حاجة إلى جميع أولادها مهما كانت تخصصاتهم ومهما كانت وظائفهم، مصر تحتاج إلى العامل كما تحتاج إلى العالم، ذلك أن كل واحد منهما يخدمها ويحقق لها شيئًا يعجز الآخر عن القيام به. والأساس الرابع هو: التقارب ونبذ الخلافات، أو بعبارة أخرى(الوحدة وعدم التشرذم)، قال تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)، فليس الفشل وحده هو النتيجة الحتمية للتشرذم والتفكك، بل يضاف إليه الانهيار التام وذهاب الريح، ولعل الأمر بالصبر فى هذا السياق يشير إلى المتطلب الرئيسى فى هذه المرحلة وهو الصبر الجميل الذى يجب أن يتحلى به كل شرائح المجتمع بداية من الرئيس والمسئولين، وانتهاءً بالشعب والمواطنين، وهو إن حدث سيترتب عليه عون من الله تعالى لمصر ومعية منه جل شأنه لأهلها، بما يؤذن بالنصر فى أى معركة، والنجاح فى أى مشروع. على أن هذه الأسس وغيرها مما تضيق المساحة عن ذكره تحتاج إلى عمل دؤوب ومخلص تقوم به مؤسسات الدولة الفاعلة فى موضوع التربية والتثقيف، وعلى رأسها الأزهر الشريف عبر معاهده وجامعته العريقة، ووزارة الأوقاف عبر علمائها ومشايخها من خلال المساجد وغيرها، ووزارة التربية والتعليم عبر مدارسها ومدرسيها، ووزارة التعليم العالى عبر جامعاتها ومعاهدها وبمعاونة علمائها ومفكريها، وكذلك وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمنظورة. ومن ثم فإن هذه المؤسسات تحتاج إلى مزيد من العناية والرعاية والضبط وكذلك الإصلاح من جانب مؤسسة الرئاسة والحكومة، حتى يؤتى مشروع النهضة وغيره من المشاريع الحالمة أكله فى وقت قريب بإذن الله رب العالمين.