تزايدت وتيرة عمليات العنف والإرهاب في مصر خلال السنوات الأخيرة، حتى بات مشهد الدماء مألوفًا لدى المصريين، لكن العملية الأخيرة التي استهدفت مسجد الروضة بمدينة بئر العبد بالعريش الذي أسفر عن سقوط أكثر من 300 شهيد خلال صلاة الجمعة أمس أثار موجة من الاستنكار على نطاق واسع، خاصة وأن هذا الرقم من الضحايا غير مسبوق في تاريخ الهجمات الإرهابية في مصر. ووفق مصادر متطابقة، فإن الهدف من وراء العملية الإرهابية أسباب دينية وعقدية بحتة, ولا تتعلق بالعوامل السياسية والاجتماعية، والتي عادة ما كانت السبب الرئيس خلف العمليات الإرهابية التي تنفذها الجماعات الإرهابية. العملية الإرهابية, أثارت المخاوف من انتقال النموذجين العراقي واللبناني إلى مصر, عن طريق استهداف مساجد السنة من قبل الشيعة والعكس, وهو ما حدث بالأمس باستهداف أحد مساجد الصوفية بشمال سيناء على يد جماعات جهادية سبق لها القيام باغتيال أحد أكبر مشايخ الصوفية في نفس المكان قبل أكثر من عام, وحذرت من إمكانية استهداف الصوفيين مرة أخرى. وقال علاء أبو العزايم, شيخ الطريقة العزمية في مصر, إن "مصر للأسف, انتقلت لها بعض أفكار الجماعات المتطرفة, والتي لا تحترم التعدد الذي فرضته الشريعة الإسلامية في اتباع المشايخ والأفكار, وحتى في تنفيذ اوامر الدين, ما أدى إلى استهداف كثير من أبناء الصوفية في شمال سيناء منذ عام 2016 وحتى الحادثة الأخيرة بمسجد الروضة ببئر العبد". وأضاف أبو العزايم ل"المصريون"، أن "الأشخاص الذين يقومون بهذه الأعمال, يعتنقون "عقيدة الكره" وليس العقيدة الإسلامية السمحة، والتي تحث علي التآخي والتعدد, وتحرم القتل والسلب والنهب دون سبب يذكر, وفي السياق نفسه, فإن بعضًا من مرتادي الطرق الصوفية يتطرفون في توجيه النقد للجماعات السلفية في المنهج والفكر, وهو ما أدى إلى ترسيخ عداوة بين الطرفين, ترتب عليها التكفير من قبل الأكثر تطرفًا من مرتادي السلفية الجهادية إزاء الجماعات الصوفية". من جهته, قال خالد الزعفراني, الباحث في الحركات الإسلامية, إن "العقائد المنتقلة حديثًا إلى مصر, مختلفة تمامًا عما سبق من أفكار ومعتقدات تخص الديانة الإسلامية, حيث ترتبط بشكل أكبر بأصحاب العقيدة الإسلامية في سوريا والعراق ولبنان وغيرها من الدول العربية, والذين تأثروا بشكل كبير بالصراع الطائفي الإسلامي في بلدانهم, ونقلوا نفس نوعية الفكر والعقيدة إلى مصر في آخر سنتين, وهو ما نراه جليًا في الحادث الأخير". وأضاف الزعفراني ل"المصريون"، أن "كل أطراف التيارات الإسلامية في مصر, أصبحت في عداوة كبرى, وينشر أعضاؤها منشورات علنية تتمنى القتل والموت لأعضاء التيار الآخر, وهو ما يؤدي بالضرورة إلى انتقال هذه المنشورات من الواقع الافتراضي إلى الواقع العملي". وأوضح أن "الأمر لن يتوقف على السلفيين والصوفيين فقط, وإنما سينتقل إلى بقية الفئات من أبناء التيارات الإسلامية، والتي تسببت السياسة بالأساس في تأصيل "عقيدة الكره" بداخلهم".