استمعت أثناء جولات القنوات التليفزيونية على الفضائيات على قناة دريم إلى مداخلة تليفونية من المستشار القانونى شوقى إبراهيم، يعلق فيها على حكم الناس على ما أصدرته المحكمة الدستورية العليا من بطلان ما يسمى بقانون العزل، فهو يؤكد أنه ليس من حق أحد مهما كان أن يعلق على أحكام المحكمة الدستورية العليا لأن حكمها هو الحقيقة..! والحق أننى لا أوافقه على تلك العصبية التى يتميز بها أشباهه فى مختلف الدواوين الحكومية من أعلى موظف إلى أقل واحد فيهم، فالبعض يعطى لنفسه الحق بالقطع فى الموضوع الذى أمامه وأن ليس لصاحب الحاجة الحق فى مراجعته حتى وصل الأمر إلى التجار والبائعين، فالبعض يظن أن ليس من حق المشترى أن يراجعه مع أن القانون يعطى للمستهلك الحق فى ذلك..! ولكن - ما الحيلة وقد أراد الفراعنة والطغاة تطبيعنا على أن تقبل كل حكم ولو كان ظالمًا، فلا حق لنا فى الاعتراض..! إن القول بأن حكم الدستورية العليا لا تعقيب عليه مردود على من يروج له، فليس هناك حكم يتصف بهذه الصفة، إلا الحكم الإلهى، فالله وحده لا معقب لحكمه، فعدالته سبحانه وتعالى مطلقة، فالعدل اسم من أسمائه الحسنى تعالى ربنا وتباركت أسماؤه..! يقول عز من قائل "أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (الرعد : 41) أما البشر حكامًا أو قضاة أو محكومين مهما كانوا مشهورين بالعدالة، فكل أحكامهم مهما بلغت من بالعدالة، فهى نسبية لأن عدالتهم بالنسبة لعدالة الله تعالى نسبية، ناهيك أن الأنبياء وهم من أكثر البشر عدالة وحفظا وعصمة، ومع ذلك فإن حكامهم نسبية وإن كانت أقرب إلى الحق عما عداها من أحكام غيرهم الناس.. ! يقول عز من قائل " وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِى الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ* فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ" (لأنبياء: 78 - 79) وأنا لن أطيل، فى ذلك كثيرا ولكن سآتى بمثال آخر من سيرة واحد من الخلفاء الراشدين شهد له القاصى والدانى بالعدالة، بل لقبه الذى لا ينطق عن الهوى بالفاروق وما فى اللقب من بيان قاطع أنه يفصل بين الحق والباطل فى المسألة فلا يترك فيها لأحد من بعده من الناس قولا، إنه الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وأنا لا أطيل، فقط أذكر، بقصته مع المرأة التى عارضه وهو الخليفة وهو يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكم الإلهى فى المهور، فرجع عن حكمه، وقال: كل الناس أصابت إلا أنت يا عمر، أو قال فى رواية أخرى: أخطأ عمر وأصابت امرأة. لماذا رجع عمر عن حكمه؟ لأن المرأة استشهدت بحكم إلهى، فلا معقب لحكمه سبحانه وتعالى. يقول عز من قائل " وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً" ( النساء :20 ) ليس هناك حكم لا معقب له - مهما علت عدالته – إلا حكم الله سبحانه وتعالى، فعدالته كما نعلم يقينا عدالة مطلقة، فلا معقب لحكمه.