أُحب الأهلي..والأهلي يستحق..ورغم أني لم أعد مهتماً بالكرة منذ سنوات.. أو لم أعد أعطيها أكثر مما تستحق إلا أن أي مباراة للأهلي على بطولة تعيدني سريعاً لسيرتي الأولى..نشأنا على إنتصارات الأهلي وبطولاته .. وعندما كبرنا أدركنا أسباب الانتصار وأسرار البطولة.. ومنذ أيام كان الأهلي على موعد جديد مع بطولة جديدة وكبيرة..قدم في مراحلها الأخيرة أداءاً قوياً وممتعاً..عادة عندما تقترب البطولة من الأهلي أو يشم رائحة كأسها يتحول إلى مارد كبير..حتى جاءت مباراتي الوداد المغربي في نهائي البطولة..مباراة الذهاب بدأها الأهلي متحفزاً ومهاجماً وأحرز هدفاً في بداية المباراة..وبدا وكأن الأهلي سيلتهم الوداد في برج العرب و( يُحلي) به في الدار البيضاء..لكن الوداد لم يكن سهلاً ولا مستساغاً كما تصورنا..كان أهدأ من كل المنافسين..وأذكى من كل المنافسين.. تفكير الوداد كان مختلفاً وتدبيره كان رائعاً.. سحب لاعبوه نفساً طويلاً وتماسكوا و(تمسكنوا) حتى أحرزوا هدف التعادل..أكلوا عليه وشربوا..قيمتك تظهر عندما تحتفظ بمعنوياتك مرتفعة في ظروف صعبة..أنت هش وقابل تماماً للكسر عندما تفتح بابك للاحباط ونوافذك للقلق وتسمح للخوف بأن يضاعف خسائرك..لم يكن الوداد بعد هدف الأهلي الأول في المباراة الأولى محبطاً ولا قلقاً ولا خائفاً..كان فقط منظماً.. وهذا يكفي.. في مباراة العودة إحترم الوداد إمكانات الأهلي وخبراته..إحترام المنافس هو الخطوة الأولى نحو الانتصار عليه..الوداد يدرك أن الأهلي عندما يرى الكأس قريبة يتحول إلى مارد كبير..والكأس كانت قريبة جداً..كانت على منصة التتويج في ملعب المباراة.. لهذا لعب الوداد مدافعاً بعقله وجسده..لو فتح الملعب سيلتهمه المارد..وماضي المارد في نهائي البطولات الكبيرة ساطع ومشهود..ولدى الوداد لاعبين يمتلكون مهارة إحراز الأهداف من هجمات قليلة ومرتدة خاصة في دفاع لا يليق بالمارد وحارس مرمى قد يصلح للحراسة في كل الفرق إلا حراسة عرين المارد .. وبالفعل تحقق للوداد ما أراد..فاز بالمباراة والكأس والبطولة..مشكلة أن تُقيم إمكاناتك بأقل مما تستحق..كارثة أن تُقيمها بأكثر مما تستحق..أن تقيم إمكاناتك وتقدرها بما تستحق هو عين الحكمة..وكانت هذه قيمة الوداد وحكمته.. إدراك الوداد لامكاناته وإعترافه نظرياً وعملياً بأنها أقل من إمكانات الأهلي لم ينفي طموحه المشروع في البطولة..بل كان هذا سر بطولته..أما عن التحكيم في ملاعب أفريقيا فلا يختلف كثيراً عن التحكيم خارج ملاعبها...كلاهما مُر..لكنها معطيات اللعبة..إما أن تقبل وتلعب..أو ترفض وتنسحب..والكبار لا ينسحبون أبداً.. يظل الأهلي في القلب.. ويظل الوداد في العقل..وتظل العبرة لمن يعتبر... د. عبدالله ظهري [email protected] facebook: elbarjal