مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    التموين: منح مزارعي البنجر علاوة 300 جنيه بأثر رجعي    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    تحذير من كارثة صحية وبيئية في غزة مع تفاقم أزمة النفايات والمياه والصرف الصحي    غياب هالاند، جوارديولا يعلن تشكيل مانشستر سيتي أمام برايتون في الدوري الإنجليزي    المشدد 10 سنوات لمتهم باغتصاب طفلة في مكان مهجور بالمرج    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    إليسا تناشد القضاء اللبناني لاسترداد قناتها على يوتيوب    في الذكرى ال42 لتحريرها.. مينا عطا يطرح فيديو كليب «سيناء»    بفستان أبيض في أسود.. منى زكي بإطلالة جذابة في أحدث ظهور لها    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    هل الشمام يهيج القولون؟    الجيش الأردني ينفذ 6 إنزالات لمساعدات على شمال غزة    الكرملين حول الإمداد السري للصواريخ الأمريكية لكييف: تأكيد على تورط واشنطن في الصراع    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    تنظيم العمل الصحفى للجنائز.. كيف؟    سبب غياب بيلينجهام عن قائمة ريال مدريد لمواجهة سوسيداد في لاليجا    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    الأهلى يخسر أمام بترو الأنجولي فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لسيدات اليد    نائب محافظ البحيرة تبحث مع الصيادين وتجار السمك دراسة إدارة تشغيل ميناء الصيد برشيد    المغرب يستنكر بشدة ويشجب اقتحام متطرفين باحات المسجد الأقصى    عامل يتهم 3 أطفال باستدراج نجله والاعتداء عليه جنسيا في الدقهلية    "أنا مشجع كبير".. تشافي يكشف أسباب استمراره مع برشلونة    تشكيل الزمالك المتوقع أمام دريمز الغاني بعد عودة زيزو وفتوح    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    في اليوم العالمي للملاريا.. أعراض تؤكد إصابتك بالمرض (تحرك فورًا)    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    تشيلي تستضيف الألعاب العالمية الصيفية 2027 السابعة عشر للأولمبياد الخاص بمشاركة 170 دولة من بينهم مصر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    محافظ قنا: 88 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالي    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من صاغوا قانون سحب الجنسية أسوأ من الاحتلال البريطاني
نشر في المصريون يوم 25 - 09 - 2017

شن الكاتب الصحفي عبدالله السناوي هجومًا شرسًا على قانون سحب الجنسية الذي أقرته الحكومة تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب .
وقال "السناوي" في مقال نُشر له ب"الشروق" تحت عنوان "قانون إعدام مدني" : "وقد تعرض زعماء مصريون تاريخيون لهذه العقوبة من بينهم «أحمد عرابى» و«سعد زغلول».
فى ذلك الوقت لم تكن هناك قوانين تنظم الجنسية، فإذا ما تصورنا أن العقلية التى صاغت التعديلات الجديدة خولت النظر فى مصير الزعيمين الكبيرين، فربما كانت أشد تطرفا من سلطات الاحتلال البريطانى، التى لم تسقط صلتهما بالوطن المصرى ولا حكمت عليهما بالإعدام المدنى.".
وإلى نص المقال:
لا توجد حكمة واحدة فى إدخال تعديلات جديدة على قانون الجنسية فى مصر تنطوى على مزالق وأخطار يصعب تجنبها كأن البلد تنقصه أزمات جديدة.
بالتعريف فهو من القوانين المكملة للدستور والشرط الرئيسى لسلامته أن يلتزم النص الدستورى ولا يخرج عليه.
وفق مادته السادسة: «الجنسية حق لمن يولد لأب مصرى، أو لأم مصرية، والاعتراف القانونى به ومنحه أوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه».
هكذا بوضوح الجنسية حق مكفول ولصيق بالإنسان وجزء لا يتجزأ من الحقوق الأساسية للمواطنين والقانون ينظم الاعتراف به ولا يتعدى عليه بأية ذريعة.
أقل ما توصف به التعديلات على قانون الجنسية، التى أقرها مجلس الوزراء تمهيدا لعرضها على المجلس النيابى، بأنها «غير دستورية» وفق إجماع الفقهاء القانونيين.
فى القضايا بالغة الخطورة والحساسية، كمسألة الجنسية، لا يصح أن تمضى الأمور باستعجال فى إجراء، أو خفة فى صياغة، فالنتائج السياسية فادحة.
بنص البيان الرسمى لمجلس الوزراء تقر التعديلات سحب الجنسية من «كل من اكتسبها عن طريق الغش، أو بناء على أقوال كاذبة، أو بعد صدور حكم قضائى يثبت انضمام صاحب الجنسية إلى أى جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أى كيان، يهدف للمساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعى، أو الاقتصادى، أو السياسى».
هناك فارق جوهرى بين الجنسية الأصلية والجنسية المكتسبة والخلط بينهما خطأ فادح.
شأن ما توصف عادة بالقوانين سيئة السمعة الصياغات فضفاضة، فلا انضباط فى مفاهيم، وكل جملة معلقة على تأويلات لا نهاية لها.
أسوأ ما فى تلك الصياغات الفضفاضة إطلاق عموم الاتهام، الذى قد يسقط الجنسية، على أمور بالغة التناقض.
لا نكاد نعرف من هو المخاطب بالقانون.
قد يقال إن القصد محاربة الإرهاب وجماعاته والمحرضين عليه.
غير أن النص المنسوب رسميا إلى مجلس الوزراء لم يشر بحرف واحد إلى الكيانات الإرهابية، ولا إلى الإرهاب نفسه.
بافتراض أن الإرهاب هو المستهدف بالتشريع العقابى الجديد، فالأمر يحتاج إلى نقاش مستفيض فى إستراتيجية مكافحته ومدى كفاءتها فى مواجهة أخطاره ولماذا لم نتمكن حتى الآن من تقويض قدرته على التمركز والضرب فى الوجع من حين لآخر؟
فيما هو متواتر من كلام فإن المواجهة تستلزم مجمل قدرات الدولة والمجتمع وأن تشمل الجوانب الفكرية والاجتماعية والسياسية، كما الأمنية والقانونية، غير أن الكلام لا يغادر منصاته ولا شىء يطرح على المجتمع سوى التشديد العقابى، حتى باتت هناك تخمة قوانين وإجراءات دون أن تسفر عن حسم المواجهة، رغم التضحيات الهائلة التى دفعت أثمانها.
السؤال ضرورى هنا: هل استطلع رأى المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، الذى شكل حديثا، فى تعديلات قانون الجنسية، أم أنه قرأها فى الصحف؟
إذا كانت الإجابة بالنفى، وهذا أرجح، فالمعنى أننا ننشئ مؤسسات بلا أدوار ونتحدث عن استراتيجيات المواجهة دون أن نعنيها فعلا.
وبافتراض أن النصوص الفضفاضة فى التشريع المقترح تستهدف كل فعل سياسى، أيا كانت شرعيته الدستورية والقانونية، إذا رأت جهة ما أن فيه مساسا بالنظام العام للدولة، أو تقويضا للنظام الاجتماعى، أو الاقتصادى، أو السياسى، فإننا أمام أسوأ قانون فى التاريخ المصرى الحديث كله يكاد أن يكون قانونا للإعدام المدنى.
الجنسية مسألة وجود وسحبها إعدام مدنى.
ذلك يستدعى التدقيق والتروى حتى لا يروع المجتمع بقوانين متفلتة من أى قيد دستورى أو إنسانى ويساء إلى سمعة مصر فى عالمها بأكثر مما هى عليه الآن.
إثارة المخاوف على هذا النحو لا تساعد البلد على التماسك الوطنى الضرورى فى مواجهة أزماته المستعصية وتعمق من مشاعر الإحباط واليأس من أى مستقبل.
من المؤكد أن المحكمة الدستورية العليا وفق فقهاء القانون سوف تسقط هذه التعديلات، إذا ما أقرها مجلس النواب، عندما تعرض عليها، كما أسقطت من قبل قوانين مشابهة وصفت بأنها «سيئة السمعة» مثل «قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى»، الذى انطوى على عبارات فضفاضة سوغت العزل السياسى دون أن تذهب إلى الإعدام المدنى.
استسهال سحب الجنسية، دون إجراءات منضبطة ودستورية، تطور تشريعى خطير.
إذا ما أدين أحد ما بحكم قضائى فى جريمة إرهابية فهناك عقوبات قانونية بالتبعية مثل إدراج اسمه على قوائم الإرهاب ووضعه تحت مراقبة الشرطة والتحفظ على أمواله.
إحدى مشاكل القانون الجديد أنه يتعامل مع سحب الجنسية باعتبارها عقوبة أخرى بالتبعية دون أن يكون هناك فى مصر قانون ينظم وضع «عديم الجنسية».
كما أن إسقاط الجنسية يسقط فى الوقت نفسه ولاية الدولة على مواطنيها وحق ملاحقة مرتكبى الجرائم فى الخارج وفق القوانين الدولية.
إذا لم يكن المتهم من مواطنيك فبأى حق تلاحقه؟
وإذا ما أسقطت الجنسية عن مواطن يقضى محكوميته فى السجون، فبأى حق تحبسه؟
التعقيدات السياسية لا تتوقف عند هذا الحد، فباليقين تؤذى تعديلات قانون الجنسية بفداحة كل فرصة لجذب الاستثمارات الأجنبية، أو تحسين صورة البلد فى عالمه، التى تضررت بقسوة.
بالإضافة إلى ذلك كله فهناك سؤال افتراضى: إذا ما سحبت الجنسية عن شخصيات لها حضور دولى، سواء كانت فى السجون الآن، أو قد تتهم فى المستقبل، فقررت دولة أخرى لأية أسباب تراها أن تمنحهم جنسيتها، فماذا يحدث؟
سوف تطالب بتسلم مواطنيها الجدد، الذين منحتهم جنسيتها للتو، استنادا لقوانين دولية، ومصرية أيضا.
وفق المادة الثانية والستين من الدستور المصرى فإنه «لا يجوز إبعاد أى مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه».
وقد تعرض زعماء مصريون تاريخيون لهذه العقوبة من بينهم «أحمد عرابى» و«سعد زغلول».
فى ذلك الوقت لم تكن هناك قوانين تنظم الجنسية، فإذا ما تصورنا أن العقلية التى صاغت التعديلات الجديدة خولت النظر فى مصير الزعيمين الكبيرين، فربما كانت أشد تطرفا من سلطات الاحتلال البريطانى، التى لم تسقط صلتهما بالوطن المصرى ولا حكمت عليهما بالإعدام المدنى.
الإبعاد مجرم دستوريا، لكنه يجوز المنع من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة فى جهة معينة بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة.
فلسفة الدستور غابت عن القانون المقترح، كأنهما خصمان لدودان.
الأول، ينتسب إلى العصر الحديث وقيمه.. والثانى، أقرب إلى العصور الموغلة فى القدم، حيث كان بوسع القيصر الرومانى، قبل التطور الذى لحق بالإمبراطورية من حيث شيوع الفكر القانونى واتساع شبكات الطرق، أن يعتبر نفسه هو القانون، يضعه بالهوى ويحكم به أثناء نظر القضايا.
بتلخيص ما يصعب حصر حجم الضرر السياسى من جراء التعديلات المقترحة.
بذات القدر فإن آثاره الاجتماعية سلبية، حيث يمثل ردة عما حصلت عليه المرأة المصرية المتزوجة بأجنبى من حق منح أبنائها الجنسية، وقد كانت تلك معركة طويلة ومشرفة لكل الذين دعموها.
مشروع القانون الجديد يحذف عن أولادها البالغين حق اكتساب الجنسية ولا يمنعها عن القصر، وذلك إخلال جسيم بقاعدة المساواة يهدد استقرار الأسرة.
النزعة الضيقة والرجعية تكاد أن تكون الملمح الرئيسى لتشريع فضفاض فى عباراته ويجمع بين مراكز قانونية ليست واحدة.
فى ذلك التشريع المقترح كل كلمة ملغمة وكل معنى فضفاض، وكل خطر ماثل، ويصعب أن يمر بلا أثمان باهظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.