في تأكيد جديد على تصاعد حدة الأزمة السياسية في العراق، شهدت مدينة النجف في 19 مايو اجتماعا ضم قيادات التيار الصدري والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني وبعض أطراف التحالف الوطني الشيعي لبحث الموقف إزاء رئيس الوزراء نوري المالكي بعد انتهاء "مهلة أربيل" التي طالبته بإدخال إصلاحات قانونية ومؤسسية ووقف استئثاره بالسلطة وإلا سحبت الثقة منه. ورغم أن السياسيين المشاركين في اجتماع النجف لم يكشفوا عما انتهوا إليه من قرارات، إلا أنهم أكدوا أن سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي قيد النقاش. وقال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال مؤتمر صحفي مشترك مع قياديي القائمة العراقية والتحالف الكردستاني إن اجتماع النجف جاء مكملا للاجتماع الذي عقدته الكتل السياسية العراقية في أربيل مؤخرا، مضيفا " اتفقنا على شيء يحتاج اللمسات الأخيرة عليه فقط" وأضاف الصدر "ما دمت موجودا فلا تخافوا على مصالح الوطن"، وحول أسباب عدم مشاركة ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي في اجتماع النجف، قال الصدر:"إن الائتلاف لم يرغب في الحضور، ونحن لم ندعه أيضا". ومن جانبه، قال رئيس مجلس النواب القيادي في القائمة العراقية أسامة النجيفي إن اجتماع النجف وضع اللمسات الأخيرة المكملة لاجتماع أربيل لعد تجاهل المالكي للمهلة الممنوحة له. وأشار النجيفي إلى أنه ستكون هناك اجتماعات لاحقة ستحدد مستقبل العملية السياسية في البلاد، قائلا:" كل الخيارات مفتوحة في العملية الديمقراطية، وحدة العراق تمثلت في اجتماع النجف، كل الطوائف العراقية حاضرة لإنجاز ما يريده الشعب العراقي". وتابع أن احتمال سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي ما زال قيد النقاش بين القوى السياسية. وكانت مدينة أربيل بإقليم كردستان شهدت في 28 إبريل الماضي اجتماعا خماسيا منح رئيس الوزراء نوري المالكي مهلة أسبوعين لتطبيق إصلاحات قانونية ومؤسسية، وإلا سحبت الثقة منه. وشارك في الاجتماع الخماسي زعيم كتلة العراقية إياد علاوي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني ورئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، حيث دعوا جميعا إلى حل الأزمة السياسية العراقية، مشددين على ضرورة الالتزام بالأطر الدستورية التي تحدد آليات القرارات الحكومية وسياساتها. وهدد الزعماء السياسيون المشاركون في الائتلاف الحاكم في العراق خلال الاجتماع الخماسي أيضا بالتصويت على حجب الثقة عن حكومة المالكي ما لم توقف سياسة التسلط في اتخاذ القرار خلال 15 يوما. وبعد انتهاء مهلة أربيل، أعلن النائب عن قائمة العراقية وليد عبود المحمدي أن الكتل السياسية مصرة على تصحيح مسار العملية السياسية وتنفيذ الإصلاحات الحكومية حتى لو تطلب الأمر سحب الثقة من المالكي واستبداله بشخصية أخرى من التحالف الوطني. ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن المحمودي قوله إن انتهاء مهلة الخمسة عشر يوما المحددة في اتفاقية أربيل تحتم على المالكي البدء في تصحيح مسار العملية السياسية وإعطاء عهود ومواثيق، أو أن يتم سحب الثقة منه واستبداله بشخصية أخرى من داخل ائتلافه "التحالف الوطني الشيعي". ورغم أنه ليست هناك صعوبة في الحصول على النصف زائد واحد في البرلمان العراقي لسحب الثقة من المالكي في حال تشكلت تحالفات جديدة داخل مجلس النواب، إلا أنه بالنظر إلى أن حكومة المالكي تشكلت في أعقاب انتخابات 2010 غير الحاسمة بتوافقات إقليمية ودولية معقدة، فإن تلك التحالفات الجديدة قد لا ترى النور بسهولة. صحيح أن هناك اعتراضات على سياسات المالكي داخل التحالف الوطني الشيعي من قبل زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم وعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية السابق وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلا أن إيران تدعم المالكي بقوة ضد خصومه الشيعة، كما أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حريصة على استمرار المالكي على الأقل حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية نهاية العام الجاري لتجنب دخول العراق في دوامة الفراغ السياسي. وبصفة عامة، يجمع كثيرون أن العامل الإقليمي والدولي هو الذي يرجح كفة المالكي على خصومه السياسيين، ولذا فإن الأزمة السياسية في العراق في طريقها للتصعيد أكثر وأكثر.