قال لي وهو مبتسم كعادته: يعني أيه معنى كلمة ((عِزِين))؟!.. قلت له: عِزِين أو عِزُون؛ جمع عِزْوَة... قال: معقول؟... قلت: إيوه... ومعناها في الآية يعني ((مجتمعين))... لفظ عزين يا سيدي مشتق من العزوة؛ وهي الجماعة من الرفاق... قال: آآآه... قلت: الآية الكريمة التي جاءت فيها كلمة (عزين) والآية التي قبلها من سورة المعارج آيتان تصفان حال المكذبين للنبي محمد صلى الله عليه وسلم... يقول الله جل وعلا: ((فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ)). قال: آه... وبالمرة يعني أيه ((مُهْطِعِين))؟!.. قلت: يعني مُسْرِعين... ومعنى الآيتين: أي: ما الذي جعل هؤلاء المشركين من قومك أيها النبي حواليك مسرعين إلى التكذيب بك، محيطين بك عن يمينك وشمالك جماعات جماعات... قال: يا سلام! مهطعين يعني مسرعين... وعزين يعني جماعات أو مجتمعين... فقلت: نعم... ولكني أريد أن أزيدك حول المعنى اللغوي للفظين الكريمين.. وحول المفهوم الذي تصوره الآيتان الكريمتان... أولا: لفظ ((مهطعين)): مهطعون أي مسرعون خائفون مادون أعناقهم ينظرون في ذل وخشوع... هطع في اللغة العربية أي أقبل مسرعا خائفا... أو مد عنقه صوب رأسه... وأهطع فلان: أي نظر في ذل وخشوع، أو أسرع... فهو مهطع... والجمع مهطعون ومهطعين... وقد ورد لفظ ((مهطعين)) في القرآن الكريم ثلاث مرات... منها التي بين أيدينا... والثانية ما ورد في سورة إبراهيم في وصف أهل النار والعياذ بالله: ((... مهطعين مقنعي رؤوسهم...)). والثالثة ما جاء في سورة القمر في وصف حال الناس عند الحشر ليوم الحساب: ((مهطعين إلى الداع...)). فسبحان من جمع كل هذه المعاني في لفظ واحد... عبر به أكمل تعبير وأجمله عن حالة هؤلاء المشركين التعيسة لدى تكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم... وعن حال أهل النار وعن حال أهل المحشر... فسبحان من هذا كلامه... ثانيا: لفظ ((عزين)): عزون: جمع عزوة؛ وهي الجماعة من الرفاق، أو العصبة من الناس يكون اعتزاؤهم وانتسابهم إلى واحد.. ويقال في الجمع عزون وعزين؛ من عزاه إلى أبيه: أي نسبه إليه... والاسم: العزوة والعزة... فكأن المشركين المكذبين للنبي صلى الله عليه وسلم مجتمعون في هذا التكذيب إلى نسب واحد أو أصل واحد... وهذا ما يتكرر اليوم طبق الأصل؛ إذ يجتمع الغرب والشرق وجميع الحاقدين على المسلمين، والكارهون للإسلام... يجتمعون على المسلمين كأنهم في اجتماعهم عليهم عزون؛ يرجعون لنسب واحد وأب واحد... فالمجرمون اليوم جميعا (عزين) ضد الإسلام... وما أشبه اليوم بالبارحة!... فسبحان من هذا كلامه... فاللهم اشرح صدورنا لحب كتابك... وأنر عقولنا لإدراك معانيه..