فى رأيى الخاص أن المهازل والصراعات التى حدثت داخل الهيئات الإعلامية الجديدة هى نتاج طبيعى للعشوائية التى صاحبت إصدار القرارات الجمهورية الخاصة بتشكيلها والتى سيطرت عليها المجاملات والمحسوبيات والمواءمات السياسية ومجاملات بعض الأجهزة العليا للمتعاونين معها الذين قدموا لها خدمات جليلة . ولعل أكبر دليل على صدق كلامى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان لديه اعتراضات على الكثير من الأسماء التى تضمنتها تلك التشكيلات ورفض اعتمادها عدة مرات وكان يقول دائما لمن يقدمون له قائمة التشكيلات : " أنتم ما عندكمش غير الأسماء دى .. عايزين ناس جديدة لها فكر متطور ", واستمر الحال على ما هو عليه منذ شهر يناير الماضى , وجاءت الأحداث الأخيرة الخاصة بتفجيرات الكنيستين فى طنطا والأسكندرية لتعجل من إصدار قرارات تشكيل الهيئة القومية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام . وللأسف تم اعتمادها بنفس الأسماء التى سبق أن اعترض عليها الرئيس وهو الأمر الذى يؤكد عشوائية الإختيار ومحاولة كل جهة نافذة أن تخرج لسانها لباقى الجهات لتؤكد لهم أنها صاحبة نفوذ وتفعل ما يحلو لها وأن لها دور فى اتخاذ القرارات لدى مؤسسات الرئاسة . وأتصور أن هذه الطريقة التى عفى عليها الزمن أدت وسوف تؤدى إلى المزيد من التخبط والكوارث فى كافة الأوساط الإعلامية . فى هذا السياق أشير إلى أن هناك عوار قانونى يشوب تشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث بسبب تعارض اختيارات بعض الأسماء مع القانون رقم 106 لسنة 2013 في شأن حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة والذى أصدره الرئيس السابق المستشار عدلى منصور ونص فى المادة 2 منه على أن المقصود بكلمة تعارض المصالح " كل حالة يكون للمسئول الحكومي أو الشخص المرتبط به مصلحة مادية أو معنوية تتعارض تعارضاً مطلقاً أو نسبياً مع ما يتطلبه منصبه أو وظيفته من نزاهة و استقلال و حفاظ على المال العام أو تكون سبباً لكسب غير مشروع لنفسه أو للشخص المرتبط " . كما أن المادة (3) من نفس القانون تنص على أنه " في حالة قيام إحدى حالات التعارض المطلق يتعين على المسئول الحكومي إزالة هذا التعارض إما بالتنازل عن المصلحة أو ترك المنصب أو الوظيفة العامة ، فإذا كان التعارض نسبياً تعين على المسئول الحكومي الإفصاح عن هذا التعارض و اتخاذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوع ضرر للمصلحة العامة ، وفقاً للإجراءات و الضوابط المبينة في هذا القانون " . ورداً على من يقول إن القانون المشار اليه يختص بالمسئولين الحكوميين ولا ينطبق على أعضاء الهيئات الإعلامية اقول له : هناك ما يسمى بالمواءمات السياسية لأن مبدأ التعارض فى المصالح هنا متوافر ومكشوف للجميع , كما أن وجود هؤلاء الأشخاص فى رئاسة أو هيئات مكاتب أو حتى مجرد أختيارهم كأعضاء من الأساس يتعارض بشكل صريح وواضح مع مصالحهم وبقاءهم فى مناصبهم . ولذلك أرى أن المخطىء الأساسى فى هذه الإختيارات هى الجهات التى قامت بترشيح أعداد ليست بالقليلة من الأعضاء الذين توجد لديهم شبهات لتعارض المصالح ؟ وهو ما يكشف عن وجود جهل بالقوانين واللوائح لدى المسئولين فيها ؟ . وحتى لا يتهمنا أحد بترديد كلمات انشائية أو شعارات رنانة , نشير الى بعض الوقائع والأسماء ومنهم مجدى لاشين رئيس قطاع التليفزيون ونادية مبروك رئيس قطاع الإذاعة وغيرهما , – مع كامل تقديرنا واحترامنا للجميع – وهم بحكم مناصبهم الحالية يوجد تعارض بينها وبين عضوية تلك الهيئات , حيث أن تعيين لاشين فى المجلس الأعلى للإعلام أعطاه قوة ونفوذ تجاه أية محاولات لإبعاده عن رئاسته للتليفزيون دون رغبة منه , حيث أنه يملك الكثير من الصلاحيات كعضو بالمجلس الأعلى للإعلام لوضع العراقيل أمام الهيئة الوطنية للإعلام التى يترأسها خصمه اللدود حسين زين . ولعل السؤال الذى يطرح نفسه : لو عرضت إحدى القضايا المهمة على المجلس الأعلى للإعلام فهل سينحاز لاشين للمجلس أم للهيئة لكونه ما يزال تابعا لها بصفته رئيس قطاع التليفزيون ؟ ولأى الجانبين سوف ينحاز ؟ . أما بالنسبة لنادية مبروك والتى يطلقون عليها حاليا داخل مبنى ماسبيرو ( ثلاثة فى واحد ) حيث أنها الوحيدة التى تظهر فى المشهد بثلاثة وجوه لكونها ما تزال رئيسة للإذاعة وتجمع بين عضوية اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين وعضوية الهيئة الوطنية للإعلام . وفى هذا السياق نشير إلى أننا رغم احترامنا وتقديرنا للإعلامى حمدى الكنيسى، رئيس اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين، والذى تم اختياره عضوا بمجلس إدارة الهيئة الوطنية للإعلام , إلا أننا نؤكد أن كلامه غير صحيح فيما يتعلق بتصريحاته حول عدم وجود تعارض بين منصبه الجديد المكلف به وبين قانون إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام الذى نص على أن : "يكون ممثل نقابة الإعلاميين من غير أعضاء مجلس إدارتها"، حيث قال الكنيسى إن نقابة الإعلاميين ليس لها مجلس إدارة حتى الآن وما تم تشكيله هو لجنة مشرفة على التأسيس، لافتًا إلى أن رئاسته لتلك اللجنة لا تحرمه من عضوية الهيئة الوطنية للإعلام " ولهذا نسأل : لماذا يتجاهل الكنيسى أن وجوده فى الهيئة الوطنية جاء بصفته ممثلاً لنقابة الإعلاميين فكيف تم ترشيحه من جانب نقابة لا وجود لها على أرض الواقع ؟! , وألم يكن من الأفضل للكنيسى بما له من تاريخ إعلامى كبير أن يبتعد عن دائرة الجدل حتى ولو كان موقفه قانونيا – كما يقول - ؟ أم أن العضوية جاءت بمثابة تعويض له عقب الفشل فى ايجاد ثغرة قانونية تمكن أعضاء اللجنة التأسيسية الحالية لنقابة الإعلاميين من الترشح فى الإنتخابات القادمة لمجلس النقابة ؟ على الجانب الآخر نسأل : ما الموقف القانونى لبعض أعضاء الهيئات الذين لم يؤدوا اليمين الدستورية مع زملائهم أمام مجلس النواب يوم 12 أبريل الحالى ومنهم الكاتب الصحفى عبدالقادر شهيب والكاتب الصحفى جمال شوقى شاروبيم ؟ وهل سيتم منحهما الفرصة لأداء اليمين فى الجلسات القادمة للبرلمان إسوة بما يحدث مع أعضاء مجلس النواب فى مثل هذه الحالات ؟ أم أن شهيب وشوقى قد رفضا قبول الترشح من الأساس وسيتم استبدالهما بعضوين آخرين ؟!! .