انكماش الاقتصاد السويدي للشهر الثاني على التوالي في أبريل الماضي    جولات مرورية لرئيس حي شرق مدينة نصر لإحكام الرقابة على الأسواق استعدادا لعيد الأضحى    مجلس الشيوخ يوافق نهائيا على دراسة أبو هشيمة عن الشباب والذكاء الاصطناعي ورفعها لرئيس الجمهورية    البورصة المصرية تربح 16.4 مليار جنيه في ختام تعاملات الاثنين    صحة غزة: محطة الأكسجين الوحيدة في غزة مهددة بالتوقف التام خلال ساعات    حزب الله اللبناني ينفذ هجوما جويا بسرب مسيرات على مقر قيادة إسرائيلي شرق نهاريا    حزب السياسي الألماني اليميني المتطرف كراه يمنعه من شغل مقعد في البرلمان الأوروبي    شبانة: كولر غير مقتنع بيوسف أيمن والمعارين ويصر على كوناتي    مصر تحصد 4 ميداليات في بطولة العالم للمواي تاي باليونان    القبض على شخص بحوزته أكثر من مليون جنيه مزيفين في عين شمس    سويسرا تؤكد حضور 90 دولة ومنظمة مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا منتصف يونيو    «يامال وجولر».. مواهب برشلونة وريال مدريد يترقبان الظهور الأول في «اليورو2024»    مصدر حكومي يكشف حقيقة التعديلات الوزارية وتشكيل الحكومة الجديدة    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح آداب ذبح الأضاحي في عيد الأضحى (فيديو)    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    محافظ كفر الشيخ: تحرير 98 محضر مرور وإشغالات من خلال منظومة الكاميرات    سها جندي: نعتز بالتعاون مع الجانب الألماني ونبني على ثمار نجاح المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة    مدرس الجيولوجيا صاحب فيديو مراجعة الثانوية أمام النيابة: بنظم المراجعات بأجر رمزي للطلاب    تشكيل الحكومة الجديد.. رحيل وزير شؤون مجلس النواب    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    رد قوي من أحمد خالد صالح وهنادي مهنى على توقعات ليلي عبد اللطيف بانفصالهما    8 شهداء فى قصف إسرائيلى استهدف منزلا جنوب شرق خان يونس    عرض ولاد رزق 3.. القاضية في أمريكا وبريطانيا ونيوزيلندا.. بطولة أحمد عز    البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    أسترازينيكا مصر ومشاركة فعالة في المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي Africa Health Excon بنسخته الثالثة    الصحة تكشف تأثير ارتفاع درجة الحرارة على المواطنين، وهذه الفئات ممنوعة من الخروج    "ربطتها في باب الحمام وهي ميتة وعملت علاقة أكثر من مرة".. اعترافات سفاح التجمع عن "أميرة"    اليوم.. "ثقافة الشيوخ" تفتح ملف إحياء متحف فن الزجاج والنحت بالجيزة    تحمي من أمراض مزمنة- 9 فواكه صيفية قليلة السكر    فنانون حجزوا مقاعدهم في دراما رمضان 2025.. أحمد مكي يبتعد عن الكوميديا    محطات بارزة في حياة زهرة العلا.. تلميذة يوسف وهبي وأهم نجمات الزمن الجميل (فيديو)    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في إمبابة    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    "حقوق إنسان الشيوخ" تستعرض تقارير اتفاقية حقوق الطفل    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يشيد بإسهامات ندوة الحج العملية لخدمة ضيوف الرحمن    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    وزير الحج والعمرة: المملكة تواصل جهودها لخدمة ضيوف الرحمن خلال موسم الحج    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    لمواليد «برج الجدي».. اعرف حظك هذا الأسبوع    بعد قليل، الحكم في طعن شيرى هانم وابنتها زمردة على حكم سجنهما 5 سنوات    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال الإسرائيلى تعتقل 30 فلسطينيا بالضفة الغربية لترتفع الحصيلة ل 9155 منذ 7 أكتوبر    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    سعر الذهب اليوم الإثنين 10 يونيو 2024 وعيار 21 بالمصنعية في أول التداولات    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    نتائج أولية: حزب الشعب يتصدر انتخابات البرلمان الأوروبى بحصوله على 181 مقعدا    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نكشف أسباب الغلاء الجنوني للخضراوات والفاكهة

فلاحون يائسون وتجار بلا رقيب ومنظومة تموين "مختلة" وراء الغلاء المستمر وتهديد مستقبل الزراعة
تعويم الجنيه يدفع الفلاحين للهروب من الزراعة واللجوء لتغذية المواشي بالمحاصيل بدلاً من بيعها.. و"التموين" تعترف: لدينا خلل!
فلاحون: الحكومة تفرض علينا البيع بأسعار زهيدة و"سايباها للتجار ع البحري"!
بائعو الخضراوات: لم نعد نحتمل الخسارة وكثير منا غيّر نشاطه لأن "محدش بيشتري"!
تضج الأسواق بالسلع التي لا تجد مَن يشتريها فقد أصبحت غالبيتها وكأنها فقط "للفرجة"، والجميع يتلفت يمينًا ويسارًا بحثًا عن الأقل سعرًا، لم يعد المهم قيمة غذائية أو ما تشتهي الأنفس بل أصبح الأهم كم أملك وماذا يشتري، وأصبحت الأفواه خاوية والبطون جائعة، الجميع يشكي ويئن بعد أن وصل الحال إلى السلع الاستهلاكية البسيطة ومن بينها المحاصيل الزراعية الأساسية التي نكشف في هذا التحقيق عن السبب الحقيقي وراء ارتفاع أسعارها المتزايد بجنون.
أجمعت كل الأطراف في هذا التحقيق على أن غياب الدولة والرقابة هو السبب الرئيسي وراء غلاء الأسعار وتحكم رأس المال والاحتكار.. وهو ما لم تنفه الحكومة واكتفت بالتأكيد على أنها فترة انتقالية تحتاج إلى إعادة هيكلة.
الفلاحون: "إحنا معجونين"
"الأرض بتتكلف ياما خدمة وكيماوي ومية وجاز.. كله غلي"، كلمات قالها المزارع فؤاد محمد شريف، تعبر عن مدى معاناة الفلاح في أرضه، مضيفًا: التاجر بياخد طن الأرز ب"2500 جنيه ويبيعه ب5000 جنيه وأحيانًا ب7 و8 آلاف" على الجاهز من غير تعب أحسن من اللي زرع وتعب وراعى طول السنة، إحنا لغاية المغرب واقفين بنراعي الأرض".
وأكد فؤاد أن الحكومة هي التي تحدد سعر البيع للفلاح، مضيفًا: "لن نستطيع أن نرفع السعر، والتاجر بيخزن الأرز في مخازن أسفل منازلهم حتى يستطيع أن يتحكم في زيادة سعره دون رقابة من الحكومة".
ورأى فؤاد أن الحل يكمن في أن تشتري الحكومة محصول الأرز من الفلاح بعد أن ترفع سعره لترضي الفلاح وتضع الزائد في الجمعية الزراعية ويتم توزيعه من خلالها كما كان يفعل الرئيس الراحل عبدالناصر.
وأشار فؤاد إلى أنه في العام الماضي كان يتم بيع طن الأرز ب1700 جنيه، وكان التاجر يقوم ببيعه بمبلغ 3000 جنيه.
وصرخ فؤاد قائلاً: "نروح لمين ونشتكي لمين نقيب الفلاحين فلاح زينا مش في إيده حاجة، وأعضاء مجلس الشعب اللي جرينا معاهم أيام الانتخابات علشان يساعدونا من ساعة ما نجحوا ولا بنشوفهم".
وأكد أنه ترك زراعة الأرز منذ ثلاث سنوات لأن لم يعد يتحمل الخسارة التي يجنيها من وراء زراعته.
وأضاف مزارع آخر يدعى "محمد"، أن الحكومة رفعت سعر الكيماوي من 100 جنيه إلى 150 جنيهًا في الجمعية الزراعية، موضحًا أن أسعار المبيدات والرش زادت بنسبة 100% وبعض المبيدات ارتفع سعرها 200%.
وأشار محمد إلى أن الفلاح يدرس تكاليف الإنتاج لمحاولة توفير هامش ربح، خاصة مع التزاماته التي يجب سدادها من إيجار وأجرة عاملين وكيماويات ومبيدات ومستلزمات الزراعة، ولا يستطيع تأخير السداد، فبمجرد نمو المحصول يجب بيعه، وبالتالي يضطر إلى بيع المحصول بأي سعر، الأمر الذي يستغله التاجر ويشتري بسعر بخس حتى يبيعه فيما بعد بسعر أحيانًا ضعفين ومرة أخرى ثلاثة أضعاف.
وصرح "حسين" مزارع آخر قائلاً: "شيكارة الكيماوي بجبها ب150 جنيهًا والفدان بكلّفه ب 7 أو 8 شكاير، والفلاح مكسور والتاجر فاهم إننا محتاجين الفلوس وممكن لو رفضنا نبيع لتاجر يبعت تاجر تاني علشان يشتري بنفس السعر".
وصرخ قائلاً: "حسوا بالفلاح إحنا معجونين مش كلام إنشا وخلاص، كل حاجة بقت الطاق طاقين وفي النهاية الحمد لله إنها بتبات متعشية".
تربية المواشي بالمحاصيل
وكشف مزارع آخر، "على الله القط"، عن معلومة خطيرة وهي أنه في بعض الأحيان يلجأ إلى إطعام المواشي بالمحاصيل التي يزرعها، ثم يبيع المواشي بعد ذلك، خاصة مع ارتفاع أسعار اللحوم، بالإضافة للديون التي تراكمت عليهم وفي ظل غياب الرقابة على الجميع.
"التجار .. ع البحري"
"العديد من العربات الدبابة كما يطلقون عليها، محملة بالعشرات من أجولة البصل وغيرها محملة ب"البطاطس"، وعربات أخرى أصغر حملت عليها خضراوات وفاكهة، عمال يحملون أجولة، وآخرون يفرغونها، الحركة دائبة ومستمرة، ورجل يرتدي "سروالاً أبيض وفانلة بيضاء يعلوها صديري مخطط"، يجلس في مدخل السوق يدون الوارد إلى السوق والخارج منه.. كان ذلك حال سوق "الساحل"، والذي لا يقل أهمية أو انتشارًا عن سوق العبور وسوق أكتوبر فهو السوق الأقرب إلى الجيزة بضواحيها وبعضا من ضواحي القاهرة.
قال الرجل ذو الصديري، والذي رفض ذكر اسمه، إن السبب الأساسي في ارتفاع الأسعار هو عدم مراقبة الحكومة على كبار التجار والذين يقومون بتوريد محاصيلهم إلى سوق العبور وغيره من الأسواق، مؤكدًا أن الرقابة يجب أن تكون على الفلاح والتاجر معًا، وتراقب الأسعار، مشيرًا إلى أنهم في سوق الساحل قد يضطرون إلى الشراء من سوق العبور لبعض السلع الغذائية التي قد تنقص من السوق لأي أسباب عارضة.
وأضاف مدون السوق أن الفلاح يرفع سعر محصوله؛ بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والضرائب التي يدفعها والإيجار والعمالة والنقل إلى الأسواق، فيجب أن يحصل على ربح نظير زراعته ومراعاته للأرض التي يزرعها والمحاصيل التي يجنيها في النهاية.
وأشار "الحج حسين"، تاجر تجزئة، إلى أن أزمة الأرز كانت بسبب الغرامات التي فرضتها الحكومة على المزارعين لحرق "قش الأرز"، وكذلك استخدام الأرز لحصة مياه كبيرة كلها أمور دفعت بعض الفلاحين إلى ترك زراعته.
وأكد الحج "محمد"، تاجر تجزئة، أن السلعة قد يتغير سعرها في اليوم أكثر من 3 مرات، فمثلا قد يباع الليمون في الساحل ب"5جنيهات"، ويكون في العبور ب"6 جنيهات"، فيتم رفع سعره، وقد يحدث اختلاف في الأسعار؛ نتيجة للإقبال على شرائها فتقل في السوق، مما يؤدي إلى ارتفاع سعرها؛ فالسوق يعمل بشعار "العرض والطلب"، أي كلما قل المنتج زاد سعره وكلما زاد المنتج قل سعره".
وقال الحاج محمد كمال، مورد "بصل" إلى سوق العبور وسوق الساحل وأكتوبر، إنه بسبب ارتفاع أسعار البنزين و"الجاز" والسماد والمبيدات تزيد تكلفة إنتاج المحصول، وبالتالي يزداد سعر البضاعة التي نبيعها، مضيفًا أنه في ظل السوق الحر أصبح الجميع يحدد السعر الذي يرتضيه دون رقيب متسائلاً: "هو معقول الغلبان يأكل كيلو البصل ب10 جنيهات".
وأضاف الحج شعبان صادق "عمدة سوق الساحل": "التاجر بيشتري من الفلاح ويجي يبيع بيضيف كل المصاريف اللي صرفها، ونقل ومشال لازم الأسعار تزيد".
ودلل عمدة الساحل قائلاً: "قفص الطماطم" 20 كيلو، ب70 جنيهًا من الفلاح ويتكلف في نقله ومشاله 15 جنيهًا يقف كدة ب85 جنيهًا يقف الكيلو ب"4.25" من تاجر الجملة طيب لما توصل لتاجر التجزئة وبعد كده البائع، توصل للمستهلك بكام؟!".
وأشار "عمدة الساحل"، إلى أنه منذ ارتفاع سعر اللحمة إلى "120 جنيهًا" في الأسواق العادية والأماكن الراقية إلى 140 جنيهًا، قاطعها وأصبح يأكل "فراخ" بدلاً منها هربًا من الارتفاع الجنوني لسعر اللحوم.
سوق "دار السلام"
أكد عم "محمد" بائع الخضار أنه يشتري بضاعته من سوق الساحل والعبور، وأنه يلتزم بالسعر التي تحدده الوزارة، و"مايقدرش يعلي السعر عن جيرانه البائعين؛ لأن الناس دائمًا تقبل على الأرخص"، مشيرًا إلى أن ارتفاع الأسعار بسبب النقل والمشال والإيجار والكهرباء.
وأضاف عم "محمد" أن الإقبال على الشراء أصبح ضعيفًا؛ بسبب ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أن الأسعار قد تختلف من مكان لآخر؛ بسبب إيجار المحلات والضرائب، وإن كان الإقبال على الفاكهة حاليًا ضعيفًا جدًا.
ووافقه الرأي عم "محمود" الفكهاني فهو يبتاع بضاعته من العبور والساحل، مشيرًا إلى أن الأحياء الراقية تبيع بسعر أغلى، مؤكدًا أن هناك فاكهة سعرها غالي مثل التفاح والإقبال عليها ضعيف، منهيًا كلمته: "مفيش حاجة هتقل طول ما الدولار في العالي".
وقال عم "حامد" العطار: "الأسعار مش موحدة في السوق، لأن ممكن تاجر يكون جايب بضاعة قديمة في السوق ومخزنها لو كان بيبعها 10ج ممكن ينزلها 8ج مع السعر إللى ماشي في السوق أما إللي جايب جديد فغصب عنه يغلي لأنه أصلا جايب البضاعة غالية مش رخيصة".
وأضاف "حامد": "لأنه لا توجد رقابة على السوق فالتجار يتحكمون في الأسعار كما يشاءون والحكومة مشغولة بالضرائب والكهرباء وبس"، مشيرًا إلى أن "السعر الذين يقومون برفعه غصب عنهم، والسوق عرض وطلب".
"عطوة" جزار متخصص في اللحمة الجملي والتي يستوردها من السودان "صاحية" ويقوم بذبحها في مصر، مضيفًا أن الأسعار مختلفة فهو يبيع القاعود ب70 ج، في المهندسين ب85 ج، مؤكدًا أنها تختلف حسب المكان، وأن الإقبال عنده لم يتأثر كثيرًا بعكس بائعي اللحوم "الجاموسي"، مشيرًا إلى أن انتشار عربات الجيش التي تبيع "اللحمة" أثرت عليهم جدًا، فالناس دائمًا ما تبحث عن الأقل سعرًا، ولفت عطوة إلى أن مراقبة الحكومة للأسواق تكون على المخالفات فقط وليس الأسعار.
سوق "الطالبية"
"كيلو السمك جايباه النهاردة ب 24 جنيه، وببيعه ب 25 جنيه"، قالتها أم محمد، بائعة سمك تفترش الأرض في مدخل سوق الطالبية بمنطقة الهرم، مؤكدة أن ربحها بسيط إلا أنها لابد أن تستمر من أجل أسرتها التي تعولها.
وقالت "أم محمد"، إنها كانت بائعة خضراوات لمدة 10 سنوات، إلا أنها تركتها من أجل الارتفاع الجنوني في الأسعار، خاصة مع خسارتها المستمرة والديون التي تراكمت عليها، فالزبائن عزفوا عن الشراء ومن يشتري يبتاع كمية بسيطة وباقي الخضار يتلف من ركنته، مؤكدة: "لم أجد حلاً إلا الهروب منها".
وترجع "أم محمد" السبب إلى الثورة، مؤكدة أنه منذ الثورة والحال أصبح سيئًا، ووجهت رسالة إلى الرئيس السيسي قائلة: "أنت استلمت البلد وكيلو اللحمة كان ب65 جنيه دلوقتي ب 120 جنيه، رجع سعرها تاني".
وتؤكد "أم محمد" أنها تعاني من ارتفاع الأسعار مثلها مثل باقي الناس، قائلة: "هو احنا هناكل كل يوم سمك.. مش هينفع".
وتضيف "أم سمر": "بنتي مطلقة ومعاها 3 عيال هي اللي بتصرف عليهم وبعد ما كانت فارشة الخضار من الناصية للناصية اتداينت من ساعة الأسعار ما عليت وعليها ديون.. دلوقتي غيرت وبقت تفرش ببقدونس وجرجير".
وتكمل ابنتها "سمر" قائلة: "كنت بجيب شوال البطاطس 70 كيلو لازم فيه 15 كيلو بايظين على الأقل ويفضل مركون وفي الآخر يبوظ من غير ما بيع نصه أعمل إيه، أنا باخد ربطة البقدونس 4 حزم بجنيه ببيع 3 حزم بجنيه مكسب حزمة بس الحمد لله على كل حال، مكسبي قليل بس كمان خسارتي قليلة".
وقالت "أم حسين": "لما كيلو الفلفل يخرج من سوق الجملة ب8 جنيه، وضيف عليه مشال ونقال وكيلو أكياس ب 29 جنيه، يقف عليا كله ب 9 جنيه ونصف لازم على الأقل أبيع ب10 جنيه والناس بتشتري ربع كيلو في كيس يبقى أنا كسبت إيه".
وقالت بائعة أخرى اضطرت إلى أن تترك السوق: "أنا مديونة ب7 آلاف جنيه للتجار وبهرب منهم مش عارفة أسددهم إزاي".
المستهلك: شوفوا لنا حل
"الكيلو ب 10 جنيه"، قالتها بحسرة وهي تكاد تبكي عندما سألتها عن سعر "الباذنجان العروس" كما يطلق عليه، وأخرى تبحث عن السعر الأرخص ل"الطماطم" وتتنقل من بائع لآخر حتى تجد أرخصها سعرًا.
وغيرهن الكثيرات من ربات البيوت كن يتصدرن السوق وهن عاجزات عن اتخاذ القرار المناسب لشراء أي من السلعة التي تتوافق مع تلك الجنيهات البسيطة التي يمتلكن والتي لم تعد تفي بحاجتهن وحاجات أسرهن مع الارتفاع الجنوني للأسعار والذي أكد بعض البائعين أن ارتفاع سعر الدولار له دخل أساسي فيه.
التموين: خلل بالمنظومة
لم ينكر مصدر بوزارة التموين حقيقة ما يحدث بل قال إنها فترة انتقالية وهناك خلل في منظومة التجارة وأن التجارة الداخلية تحتاج إلى إعادة هيكلة حتى تكون هناك بيانات كاملة عن المحاصيل وعن المعروض ليكون هناك توازن مع السعر المعروض في السوق وكذلك زيادة منافذ بيع الجملة ونصف الجملة، مضيفًا أن هناك خللاً أيضًا في عمليات التصنيع الزراعي ستتم إعادة النظر فيها مدللاً على ذلك بمحصول "الطماطم" التي أحيانًا تكون متوفرة بكثرة في موسم، وأحيانًا أخرى شحيحة فلو تم تصنيعها وقت وفرتها ستتوفر وقت ندرتها، مؤكدًا أن الأمر مطروح بقوة في الوزارة وجارٍ البحث فيه.
وأكد المسئول أن الجهات الرقابية من الوزارة ومباحث التموين وجهاز حماية المستهلك في حالة عمل مستمر؛ للكشف عن الفساد، وإلزام البائع بوضع السعر على المنتج كما حددته الوزارة حتى يأخذ المستهلك القرار دون ضغط، وكذلك هناك رقابة على المصنعات للتأكد من سلامة الغذاء ومراقبة الجودة.
وأَضاف مسئول التموين، أن هناك العديد من الحلقات حتى تصل المزروعات المختلفة من المزارع حتى المستهلك من تجار جملة وشوادر وبائعين وتالف من المزروعات، مشيرًا إلى أن جميع هذه الحلقات يضيف كل منها هامش ربح يؤدي في النهاية إلى ارتفاع سعر السلعة.
وفيما يخص محصول الأرز أكد أن الحكومة عرضت على الفلاح شراء المحصول منه بمبلغ 2400 جنيه للطن من خلال شركات مضارب الأرز، إلا أن المزارعين رفضوا وفضلوا البيع لتاجر الجملة بفارق ليس بالكبير، مشيرًا إلى أن حجب السلع كما يفعل التجار بغرض رفع سعرها يعتبر جريمة، مؤكدًا أن وزارة التموين قامت بالعديد من الحملات التي كشفت عن كميات كبيرة من المحاصيل وتمت مصادرتها ومعاقبة التجار.
حماية المستهلك
من جانبها، أكدت سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، أن السلعة تمر بعدة مراحل قبل أن تصل من المزارع إلى المستهلك، مفسرة ذلك بأن المحاصيل تصل من الفلاح إلى التجار في العبور، ويرسى العطاء على أحد التجار ويبيعه في سوق العبور أو أكتوبر أو الساحل، ثم يتم بيعه إلى الطبقة الوسطي وهو تاجر نصف الجملة الذي يبيع إلى البائع البسيط، وكل مرحلة يقوم فيها الوسيط بوضع هامش ربح له، وبالتالي تتم زيادة سعر السلعة أكثر من ثمنها الأصلي من الفلاح.
وتؤكد الديب أن هناك جشعًا من بعض البائعين ويقومون بفرض سعر عالٍ للسلعة، مدللة بذلك عن تجربة شخصية مرت بها قائلة: "في إحدى المرات قامت بشراء حزمة ملوخية كيلو من سوق العبور بمبلغ جنيه ونصف"، وفوجئت ببائع متجول يبيعها بمبلغ خمسة جنيهات ونصف".
وأضافت أن هناك العديد من الحلقات الوسيطة بين المزارع والمستهلك ولابد من تقليلها حتى تقل الأسعار، مؤكدة أنه لا يوجد رقابة فاعلة من الحكومة على الأسواق تحت مسميات العصر وشعارات مختلفة مثل "حرية التجارة والسوق الحرة"، مؤكدة أنه لا يوجد أي تعاون من الدولة خاصة مع تقديمنا الكثير من المقترحات التي لا تجد أي قبول لديهم، واصفة الحكومة بأنها "سايبة الناس يخبطوا في بعض".
وعن محصول الأرز أكدت أن الحكومة لا تدفع للمزارعين الأموال فورًا فتدفع جزءًا وتؤجل الباقي مما يجعل المزارع يهرب من التعامل مع الحكومة.
وأشارت إلى أن الحل يكمن في أن يتم عمل تعريفة استرشادية، ويتم الاجتماع مع كل من له علاقة بالسوق وتتم مناقشة الأمر ووضع خطط لعلاج الأزمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.