من المفترض أن يكون الحكام في أحسن حالاتهم منذ مدة لأن نتائج الانتخابات أدت إلى تكبير حجم الفزاعة الإسلامية التي يعتمدون عليها في بقاءهم على مدى الربع قرن وكذلك يتوقف عليها توريث الحكم. فعلى مدى السنوات الأخيرة ضعف تأثير الفزاعة إلى حد كبير بل وبدأ الخارج في الأعوام أو حتى الأشهر القليلة الماضية يستغل الفزاعة الإسلامية بطريقة مضادة إما لتخويف الحكام أنفسهم أو لدفعهم إلى المزيد من الاجتهاد والنشاط في سبيل خدمة الأهداف والمصالح الغربية. والآن ومع دخول الإخوان إلى المجلس بأعداد كبيرة نسبيا كبر حجم الفزاعة بصورة مثيرة مما أحيا الأمل في إعادة استخدامها مرة أخرى بصورة أكثر فاعلية وبالفعل أخذ الإعلام الحكومي يستعيد تألقه القديم في رفع الفزاعة المعدلة في وجه الجميع. فلم يرحم الأمريكان والأوروبيين والأقباط جميعهم من الفزاعة بل وتفوق على نفسه هذا الإعلام فأخذ يرفع الفزاعة في وجه كل المصريين بما فيهم أحزاب المعارضة التي سبق أن هاج وماج ضدها. ولكن في وسط الفرح العظيم بنمو الفزاعة نسى النظام نفسه ورفع الفزاعة الإخوانية أمام المرآة فانعكس صورتها أمام أعينهم وفوجئ الناس بكبار القوم الذين يفترض أنهم يخيفون الناس في الداخل والخارج يرتمون على الأرض مفزوعين ومرعوبين ومرتعشين. ولم يكتف الكبار بأن خافوا وجروا من أمام فزاعتهم الخبيثة المفضلة بل ألقوها من أيديهم وأخذوا يقفزون فوقها محاولين تدميرها. وهكذا أنقلب الفرح بنمو ونضج الفزاعة الإسلامية إلى مأتم عندما سقط أصحاب الفزاعة كأول ضحايا فزاعتهم بل والضحية الوحيدة لها بينما أخذ الضحايا المستهدفون الآخرون يفكرون لا في الانهيار أو الهرب (حتى نجيب ساويرس أعلن أنه لن يهرب) وإنما في التحاور والتعامل مع الفزاعة التي منِّ الله عليها بكبر الحجم المفاجئ. ومع ذلك فلم يستسلم الحكام بل استمروا يحاولون استخدام الفزاعة بعد أن طمأنوا أنفسهم بأنها لن تكبر أكثر بفضل استخدام أدواتهم التقليدية لطبخ نتائج المرحلة الثالثة من الانتخابات وللحكام في فزاعاتهم شئون.