سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات الصباحية السبت 4 مايو 2024    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    إزالة فورية لحالتي تعد بالبناء المخالف في التل الكبير بالإسماعيلية    بلينكن: حماس عقبة بين سكان غزة ووقف إطلاق النار واجتياح رفح أضراره تتجاوز حدود المقبول    الحوثيون يعلنون بدء المرحلة الرابعة من التصعيد ضد إسرائيل    لاعبو فريق هولندي يتبرعون برواتبهم لإنقاذ النادي    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    نظراً لارتفاع الأمواج.. الأرصاد توجه تحذير للمواطنين    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    بعدما راسل "ناسا"، جزائري يهدي عروسه نجمة في السماء يثير ضجة كبيرة (فيديو)    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 4 مايو    اليوم، تطبيق أسعار سيارات ميتسوبيشي الجديدة في مصر    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق: المستشار "بدور" الذي أعدم 15 معارضا في قضايا ملفقة
نشر في المصريون يوم 05 - 05 - 2012

يعتبر عام 1997 من النقاط الفاصلة فى تصفية الحسابات بين النظام السابق وبين أبناء التيار الإسلامى فقد شهد هذا العام موجة من القضايا أمام القضاء العسكرى والقضاء المدنى الذى لم يختلف فى الحقيقة عن القضاء العسكرى، وقد اختير لتنفيذ سياسة النظام فى هذه القضايا قضاة كانوا فى خندق الشقاق مع الإسلاميين، "المصريون" فى هذه الحلقة من الدولة البوليسية تكشف أسرار القاضى الدموى الذى أعدم 15من الإسلاميين فى قضايا لم يحدث فيها حادثة قتل واحدة.
تكشف "المصريون" عن الوجه القبيح بما فيه من جرأة وقلة احتشام للقاضى "صلاح بدور" الذى حوّل ساحة المحاكمات فى هذا التوقيت إلى صورة من الفوضى القانونية، وهيستريا التشفى من الإسلاميين وكذلك المحامين فيبدو أنه كان لديه عقدة نفسية من الاثنين معًا.
تأتى الأحكام الصارخة لهذا القاضى فى خمس قضايا حكم فيه بأحكام لا يصدقها عقل حيث حكم على 15 بالإعدام شنقًا، ناهيك عن الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والتى شملت العشرات من الإسلاميين لأنهم عبروا عن آرائهم الفكرية.
قضية السويس:
بدأت وقائع القضية يوم 2 أكتوبر عام 1993 باقتحام مسجد نور الإيمان بالسويس وكانت تعقد فيه ندوة بعنوان "لا لمبارك" ونتج عن هذا الاقتحام مقتل رائد فى الأمن المركزى والذى أصيب من سلاح آلى من الشرطة بطريق الخطأ وتم القبض على مجموعة كبيرة من أبناء الجماعة بالسويس من داخل المسجد ثم قام جهاز أمن الدولة بالتحقيق معهم مستخدمًا كل أساليب التعذيب ثم حولوا لنيابة أمن الدولة العليا ثم صدر قرار الاتهام ل" 18" من أعضاء الجماعة وكانت المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ برئاسة "أحمد صلاح الدين" بدور وعضوية سيد عويس ونصار رشدى وبحضور عمرو فاروق، وكيل أول نيابة أمن الدولة العليا، وذلك فى أول ديسمبر من عام 1994.
يقول د خالد حمدون، من أعضاء الجماعة بالسويس: بدأت القضية بجلسة إجراءات ثم قام الدفاع برد هيئة المحكمة وتم رفض الرد ثم استؤنفت فى 2 مايو 1995 واستغرق نظرها 4 جلسات فقط، واستمعت المحكمة فى 4 جلسات إلى مرافعة النيابة والدفاع وشهود الإثبات وحجزت القضية للحكم فى 9 يوليو 1995، وتم الحكم بإعدام ثلاثة من القضية وهم محمد فوزى محمد وأحمد عبد القادر بكرى وغريب الشحات محمد، والأشغال الشاقة المؤبدة لخمسة أفراد والأشغال الشاقة لمدة 15 عامًا على 8 أفراد والبراءة لاثنين.
وأوضح أنها أول قضية يصدر فيها حكم فى ظل قانون الإرهاب الجديد أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ التى لا تقبل الطعن فى الأحكام.
وتابع هذه القضية كانت من العجائب استمرت جلساتها 4 جلسات فقط وكل شهود الإثبات كانوا من الشرطة وكانت كل أقوالهم متناقضة ولم يتعرفوا على أحد ممن وجهت لهم مباحث أمن الدولة التهم الملفقة، ومع ذلك جاء حكم القاضى بهذه الصورة فقد كان يقول (الذبابة التى تطير أمامى مكانها السجن) لأنه كان يتطلع إلى منصب فى وزارة العدل، وعندما كان يحضر المتهمون إلى قاعة المحكمة كان يقول لهم "أنتم شباب طاهر متوضئ والبلد مليئة بالمعاصى وأنا أستقل سيارتى فى الصباح أشاهد بعينى نساء متبرجات وشباب حائر يا ليت كل الشباب مثلكم" ولكنه كان يضمر أحكامًا بالإعدام والمؤبد وكان يرتعد من محمد فوزى وكان يقول له "محمد فوزى أنت إنسان ملتزم وعلى خلق و صلاح ويمدح فيه كثيرًا" ومع ذلك أصدر عليه حكمًا بالإعدام فى دقيقة واحدة ثم ترك الجلسة مسرعًا من شدة خوفه وخرج من الباب وكان شديد الكره للشريعة ويكتب مقالات فى جريدة الأهرام تعبر عن مدى كرهه وحقده على الإسلاميين وتمنى لو طبق عليهم حد الحرابة، وكان ذلك من أسباب طلب رده أمام محكمة الاستئناف.
و ما زال أحمد عبد القادر وغريب عطية والسيد صابر فى السجون رغم هذه الأحكام الجائرة التى لا تقبل الطعن عليها.
واستنكر حمدون أين كان القضاء وأريحته كما هو الآن فى موقعة الجمل ومحاكمة مبارك وقتل المتظاهرين؟!
قضية سلامون (سراب تحول إلى إعدام)
بداية القصة يرويها "سيد مقبول"
يقول سيد مقبول من أفراد القضية كان من المعتاد أن يتم القبض على مجموعات من الإسلاميين فى شهر رمضان وكان يتم إطلاقهم بعد العيد وفى يوم 10/4/1993. تم القبض على مجموعة كبيرة من مركز طما بمحافظة سوهاج منهم(سيد مقبول وعلى حروكة) وكان هناك حادث فى مرور سلامون"، وأثناء وجود الإسلاميين فى الحجز تم القبض على أحد الإسلاميين ويدعى "بخيت عبد الرحمن".
كانت تظهر عليه علامات التعذيب الشديد.. حيث قام أمن الدولة بوضعه وسط المخبرين وألبسوه حذاءً غير حذائه وملابس غير ملابسه.. وجعلوا كلبًا بوليسيًا يتعرف عليه ويقطع ملابسه، بما يشبه التمثيلية، حتى يضعفوه نفسيًا.
وقد ذكر قبل تصفيته فى سجون مبارك لأحد أفراد القضية أن أمن الدولة قام بضربى بالعصى وإيصال الكهرباء بمناطق حساسة بجسدى كى أعترف، فقلت لهم "أنا إللى قتلت السادات وعبد الناصر وحسنى مبارك من شدة التعذيب" وقلت لهم أنا اللى ضربت على مرور سلامون، فقالوا لى من كان معك.. وأخذوا يعذبونى ويقولوا لى "دى قضية متفبركة" متخفش محدش هياخد حكم فيها..اعترف على أسماء وخلاص فقمت بتسمية أسماء من شدة التعذيب منهم محمد فوزى ومحمود مصطفى وعلى حروكة..لأنهم قالوا له "سمّى لنا أربعة".
ويتابع سيد مقبول- وقد حكم عليه فى هذه القضية بالبراءة أمام نزاهة القاضى سمير أبو المعاطى وتم الطعن على الحكم من نيابة مبارك فأخذ الأشغال الشاقة المؤبدة أمام بدور- إن أمن الدولة قام بإحضار حوضين ماء أحدهم ساخن والآخر بارد.. فكانوا يضعونى فى حوض ساخن ثم يخرجونى ويلقونى فى البارد واستمروا فى فعل ذلك مئات المرات..علمت بعدها أن ذلك له تأثير على الجهاز التنفسى، واستمر التعذيب لدرجة أنى "حاولت الانتحار" من شدة التعذيب، أخرجونى يومًا وأنا عارٍ تمامًا ووضعونى داخل "جوال" وقالوا لى وزير الداخلية أمر بقتلك..أخذونى فى الجبل وقام مخبران سريان من أمن الدولة والعساكر يدحرجونى بأقدامهم وأنا داخل الجوال وهو مغلق وعيناى معصوبتان وأخذوا يطلقون النار حولى وعلى الأرض لتهديدى ثم قرأوا علىّ قرار وزير الداخلية بقتلى ثم تحدث أحدهم وقال "خلاص محدش يموته هو هيعترف" فقلت لهم أنا معملتش حاجة هاعترف على حاجة معملتهاش إزاى!"
وقال الضابط يومها ظنًا منه أنى متزوج.. "هنموتك وواحد غيرك هيتجوز مراتك" لازم تعترف فقلت له أنا مش متجوز، وأخذوا بعدها يضربونى بأقدامهم وبالكرباج ثم أدخلونى الزنزانة.
كان الضابط يقول لى "اعترف يا "سيد" القضية إحنا مفبركنها متخفش مش هتاخدوا أحكامًا".
لكنى لم أعترف بأى شىء لم أفعله، بعد ذلك ذهبوا بى للنيابة وكنت لا أستطيع تحريك ذراعى من التعذيب، سألنى فلم أعترف فقال لى "إن لم تعترف هخليهم يرجعوك للمكان إللى كنت فيه اعترف زى بخيت علشان مترجعش تانى"
ويحكى الحاج محمد مصطفى شقيق "محمود مصطفى" الذى أعدم بعد ذلك فى هذه القضية أن والدته كف بصرها من كثرة البكاء عليه ووالده لم يتحمل الصدمة فأصيب بأمراض السكر والضغط حتى توفى من أثر حزنه عليه.
يقول لقد حاولنا إحضار كل المحامين له ليترافعوا عنه لدرجة أن أحد المحامين استغل لهفتنا على ابننا فطلب منى 150 ألف جنيه حتى يتوسط لدى "زكريا عزمى" كى يعطوه البراءة فأخذ منى 2000 جنيه، وقلت له لما أرجع بلدى أبيع البيت وأى شىء حتى يخرج أخى، لكن تلك المحاولات لم تأت بنتيجة فقد كان الحكم مقررًا قبل المرافعة على يد عشماوى القضاء "بدور".
.."قرار الاتهام فى القضية"
القضية رقم 1315/1993 رقم 540لسنة 1993 كلى سوهاج والمقيدة برقم 388لسنة 1993 حصر أمن دولة عليا والمقيدة برقم 95/1993 حصر أمن دولة عليا، تم عرضها على محكمة سوهاج الكلية أولاً، وكان القاضى يومها اسمه "عيسى أبو المجد" وكان شديد التفاهم وكان يقول للضباط "أنتم بتلفقوا قضايا وخلاص للناس"، لكن المحامين لم يكونوا فاهمين فطلبوا عدم اختصاص المحكمة، ويومها قال القاضى: "يا جماعة القضية مش مستاهلة هى أصلاً متفبركة مش محتاجة طلب عدم اختصاص".
وتم عرضنا بعد ذلك على محكمة قضاء القاهرة على "المستشار سمير أبو المعاطى" وكان قاضى محترم أقر للجميع بأن هذه القضية قضية مفبركة وأنها لفقها الضباط لهم ظلمًا.
وكان الشهود علينا هم ضابط أمن الدولة "عبد الحميد صلاح، والضابط علاء محمود"، وبعد عام من التأجيل والمداولات حكمة المحكمة علينا بالبراءة يومها قال المستشار أبو المعاطى لضباط أمن الدولة "أنتم جايبين ناس ملفقين لهم تهمة وعاوزين أحكم عليهم بالإعدام وخلاص" بعد ذلك قاموا باعتقالنا عامًا ونصف العام.
وفى فترة الاعتقال مرض بخيت عبد الرحمن مرضًا شديدًا بسبب ضربه فى السجن على ظهره وأصيب بالشلل التام، ولم يستطع الحركة ولم يتم علاجه، وكانوا يتركوه يدخل الحمام لوحده زحفًا على الأرض أصيب بعدها بقرح الفراش ولم يعرض على أطباء لعلاجه وكان موضوعًا فى غرفة لوحدة ووضعوا معه مرشد سرى لهم إذا قام أحد بإحضار أى شىء له أبلغ المباحث عنه فيقومون بإلقائه فى التأديب، واستمر الحال معه كذلك حتى فارقت روحه جسده وهو فى مستشفى ليمان طره.
القضية أمام "أحمد صلاح بدور"
يقول سيد مقبول هذا القاضى كان معروفًا بالعداء الشديد للتيار الإسلامى، وكان يحكم أحكامًا مشددة على كل من يعرض عليه منهم، وكانوا يستخدمونه لهذا الغرض، كان يشتمنا ونحن فى القفص، ويقول لنا "أنتم خوارج وأنتم مفسدون فى الأرض" "أنا قاضى أخذ بمبدأ استئصالكم لكى أريح البشرية منكم"
كان يتعمد إغاظتنا بأن يحكم على قضايا الدعارة والسرقة والاغتصاب بالبراءة، ويقول للراجل متعملش كده تانى براءة، وكان ينظر لنا ويضحك ونحن فى القفص لإغاظتنا.
يذكر أن أحد المحامين حاول أن يدخل لنا طعام أحضره أخذه من أسرنا فأمر ضباط أمن الدولة باعتقاله.
وكان يقول لنا "أنا عارف إنهم بيعذبوكم فى أمن الدولة وبيكهربوكم لكن ده علشان ياخدوا منكم المعلومة أمّال هياخدوا منكم معلومة إزاى؟"
كان يقول لنا "أنا لو إديتكم براءة أمن الدولة هتعتقلكم أنتم كده..كده محبوسين خدوا حكم أحسن" "هما جابونى هنا علشان إما مؤبد أو إعدام"
قال له المحامى.. إديهم براءة علشان تخلى مسئوليتك أمام ربنا قال له.. أنا محدش يحاسبنى إعدام زى براءة، أنا جايبينى ليكم علشان كده"، "أنا لا أرد"
يوم النطق بالحكم
حكم على اثنين بالإعدام وهم محمد فوزى ومحمود مصطفى بعد أن أعطى الحكم دخل أهلونا وبدأ الصراخ وهو يضحك عليهم للتشفى وحاولت والدة محمد فوزى إلقاء نفسها أمام سيارة لمحاولة الانتحار ثم حكم علىّ أنا وعلى حروكة بالمؤبد.
لم يصدق أحد ما حدث حتى ضباط أمن الدولة اندهشوا من الحكم تم تنفيذ الحكم على الاثنين بعد ذلك بستة أشهر فقط بعد إطلاق مبادرة وقف العنف.
ومكثنا نحن فى السجن 18 عامًا حتى قيام الثورة، وبعدها قام الأهالى وبعض المحامين بمطالبة المجلس العسكرى بالإفراج عنا فخرجنا بقرار عفوٍ من المجلس العسكرى.
واليوم بعد خروجى لا أجد عملاً واضطررت أن أعمل فى مخبز أحمل طولات الخبز وأنا حامل لليسانس الحقوق وأتمنى أن يأتى يوم آخذ فيه حقى أنا وكل من حكم عليه ظلمًا واستبدادًا أثناء حكم الدولة البوليسية.
قضية "العائدون من أفغانستان والسودان" (الاسم المستعار)
هذه القضية من أغرب القضايا التى حكم فيها بدور، وللتوضيح أن هناك قضية تعرف ب"العائدون من أفغانستان" لعام 1992، وأخرى تعرف ب"العائدون من السودان" لعام 1995، أما "العائدون من أفغانستان والسودان" والتى حكم فيها المستشار صلاح بدور فهى المقيدة برقم 274 لسنة 1995 حصر أمن دولة عليا.
هذه القضية لم يكن فيها واحد ممن شهد المحاكمة قد ذهب إلى خارج مصر بل إن البعض لم يخرج خارج محافظته.
يقول محمود حسين، وهو المتهم رقم 10 فى هذه القضية: أنا طالب جامعى ولم أخرج خارج محافظتى إطلاقًا وفوجئت بالزج بى فى قضية بعنوان "العائدون من أفغانستان والسودان" وأخذت 15 سنة وأنا لم أر أفغانستان إلا فى المشاهد التليفزيونية.
وأضاف: إن سعيد عبد الحكيم والذى أخذ إعدام فى هذه القضية لم يذهب إلى أفغانستان ولا السودان قط إلا القاهرة بحكم دراسته.
وكشف محمود حسين عن أنه أثناء القبض علىَّ أخذوا كل متعلقاتى وكان بها أجنده مكتوب فيها "أوتوجرافات" وبعض التهانى من أصدقاء لى فى الجامعة، ليس لهم أى توجه فكرى إطلاقًا فتم القبض عليهم ومنهم من تم اعتقاله لمدة 13 سنة.
وقد تم الحكم فى هذه القضية على اثنين بالإعدام، و3 بالأشغال الشاقة المؤبدة، و6 بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة، وباقى المتهمين بأحكام متفرقة من 3 إلى 10 سنوات.
وأكد يحيى طاهر، أحد أفراد القضية، أن القاضى صلاح بدور حينما دخلنا عليه قال لا تخافوا القضية بسيطة وليس فيها شىء، أنتم لم ترتكبوا "لا سرق ولا حرق ولا قتل" ولذلك سوف أنهى هذه القضية لأنها قضية بسيطة، وفوجئنا بحضور كل شهود الإثبات من ضباط أمن الدولة من أول جلسة، وحينما قام سعيد عبد الحكيم برده لأنه يعرف أنه قاضى دموى قال له من على منصة القضاء "يا سعيد أنت حد مسلطك عليّ، أنا على العموم لا أرد".
وأضاف يحيى طاهر أن قاضى محكمة الاستئناف رغم أنه حكم فى صالح بدّور وقضى بعدم رده ولكنه كان رحيمًا فى إعلامنا بالخبر فقال لسعيد عبد الحكيم "هل أنت تحفظ القرآن؟" فقال له نعم، فقال له "يا بنى إذا رجعت إلى زنزانتك فاقرأ الآية رقم 117 من سورة البقرة، وعلى كل هو لم يرد".
وتم الحكم علينا بصور وحشية والقضية لا يوجد بها قتيل واحد وعلى الرغم من ذلك حكم على اثنين بالإعدام، وكان بدّور حينما يرانا يقول لا تقلقوا "فأنا فى صراع بين القلب والعقل ".
وتابع جمال متولى أن الدكتور عبد الحليم مندور نصحنا بعدم رده وأكد لنا أنه لا يرد "وأنتم شايفين حراسته فهو بترتيب وزير"، فأخبرناه أننا نعلم أنه لا يرد ولكن نريد تطويل المدة فربما يعجل الله بوفاته.
وأشار ناصر أحمد من أفراد القضية أن القاضى حينما قمنا برده رأيناه تنمّر وبدأ يصرخ بأعلى صوته فى غرفة المداولة "أنا قلتلهم المتهمين بيسيئوا استخدام هذا القانون، بس هما يمسّكونى وزير داخلية أسبوع، وأنا أخلّيهم يلبسوا طَرح".
وكشف أسامة محمود أمين من أفراد القضية عن أمر غريب فى نفسية هذا القاضى حيث أنه كان يؤجل الحكم إلى شهر ذى الحجة وبعد الحكم بالإعدام كان يذهب إلى الحج فى حجز خاص شعورًا منه بالذنب وقد كرر ذلك الأمر فى أكثر من قضية، وكان يقول لنا "لا تخافوا أنتم فى أيام مفترجة، أنتم فى عشر ذى الحجة".
وقد جاء فى حيثيات الحكم فى هذه القضية فى صفحة 17.. عن الذين تم إعدامهم أنه بجلسة 2/4/1998 قرت المحكمة إحالة القضية إلى فضيلة المفتى لإبداء رأيه، وورد رأى فضيلته المؤرخ 28/4/1998 بأنهما يستحقان القتل تعزيرًا.
وهكذا وقعنا بين مطرقة بدّور وسندان المفتى ولا نعلم أى وجه لتصديق المفتى بالقتل تعزيرًا.
وقد جاء فى حيثيات الحكم فى صفحة رقم 33 أن هؤلاء المتهمين لا يمكن أن يكونوا من أحفاد المصرى القديم الذى تشبع بحب مصر لدرجة الاعتقاد أنه إذا مات خارجها فإن روحه لن تعود إلى جسده.. وقد ثبت للمحكمة أن هؤلاء المتهمين قد وصلوا إلى مرحلة الشعور بعدم الانتماء لهذا الوطن وهى حالة إذا أصابت الشخص فإنه يستوى عنده بعد ذلك الموت والحياة.
المحامى كامل مندور وهيئة الدفاع:
اشتهر عن هذا القاضى فى كل القضايا التى عرضت عليه محاولاته المتكررة لتهميش المحامين أو هيئة الدفاع، فقد كان يقوم بمحاولة لتحطيم نفسية المحامى، لدرجة أن كثيرًا من المحامين كانوا حينما يعلمون أن القضية أمام المستشار صلاح بدّور كانوا يعتذرون عن الدفاع.
يعتبر المحامى كامل مندور من أكثر المحامين سجالاً مع هذا القاضى، ولذا قامت "المصريون" بمحاورته فكشف لها عن المضحك والمبكى والحقيقى وما تجاوز حد الخيال من هذا القاضى، فأكثر المواقف المؤلمة التى تركت فى نفسه جرحًا عميقًا هى موقفه فى مرافعة قضية سلامون لدرجة أنه قال: هذه القضية سوف تدخل معى القبر، وذكر موقف يتجاوز حد الخيال، أنه كان يترافع فى هذه القضية داخل غرفة المداولة وليس فى قاعة المحكمة وفجأة وفى منتصف المرافعة قال لى أنا داخل الحمام وأنت "كمّل..كمّل" كنوع من الهزيمة النفسية للمحامى، ولكثرة ممارستى له خلال الكثير من القضايا قمت باستكمال المرافعة وهو داخل دورة المياه وبعد خروجه قال متهكمًا "أنت لسه بتترافع" فقلت له أنا بترافع للكرام البررة الذين يسجلون ما أقول وما أنت تفعله، ثم حكم على اثنين بالإعدام فلأول مرة أشعر بالظلم الفادح كدفاع فأجهشت بالبكاء لفداحة ما يحدث من ظلم وانقلبت الآية وبدلا من أقوم بتهدئة المحكوم عليهم بالإعدام قاموا هم بتهدئتى.
وأوضح أن الوالد دكتور عبد الحليم مندور كان يترافع فى قضية جنائية فيها قتل وسرقة فقال له "سيبك سيبك..خلّينا فى المهم" يقصد بذلك الإسلاميين.
وفى القضية المسماة ب"العائدون من أفغانستان والسودان" أصررت على إحالة بعض الأحراز إلى الطب الشرعى لعلمى أنها غير متطابقة، فقال لى متفكرش إنك هاتغلبنى أنا هاديلو الحكم من زاوية أخرى فقلت له سيدنا موسى قال كما جاء فى القرآن "رب لا أملك إلا نفسى وأخى"، وأنا لا أملك إلا نفسى وهذه الأوراق، وأنتم تحكمون كما تشاءون، وكان يقول "كامل مندور هيجنّنى هو موضوعى ومش بيكرر بس بيطوّل" وهو كان يكره التطويل، وكأنها ليست أرواحَ بشرٍ.
وأكد مندور أن هذا القاضى كان لا يرد ويحكم أحكامًا خاطئة وهو يعلم أنها خاطئة ومع ذلك كان لا يبالى لأنه يعلم أن وراءه تصديق لا يخالفه وحكومة ظالمة تدعمه.
وأوضح أن المستشار سمير أبو المعاطى، من أصحاب النزاهة فى القضاء المصرى، فبعد الفحص الميكرسكوبى فى الطب الشرعى فى قضية سلامون ووضحت له البراءة أجلس المحامى العام بكل حزم وبدّور بعد ذلك قام بإعدامهم.
ويرى مندور أن قضية "العائدون من أفغانستان والسودان" أسوأ القضايا التى حكم فيها بدّور لأنه حكم بالإعدام على اثنين والقضية لا يوجد بها قتيل واحد فكلها حيازات واعتقاد لأفكار فهى بعيدة كل البعد عن المواءمة الفنية والحس القضائى المعتدل فكيف يقضى بالإعدام فى قضية ليس فيها قتيل!؟ المستشار عبد الغفار محمد فى قضية أحداث المنصة عام 81 قضى بالبراءة ولم يقض بالإعدام لأن المتهمين أمامه لم يشاركوا فى قتل السادات.
وأشار إلى أن القضاء اخترق بوسائل شيطانية على فترات طويلة آتت أكلها كانت بدايتها أيام عبد الناصر فيما عرف ب"مذبحة القضاء" فتم تغيير التعامل وفق الواقع واخترق القضاء بذهب المعز بعدما انكسر سيفه.
هذه هى أسطورة من أساطير الظلم التى نسجها النظام السابق للتعامل مع المخالفين له بكل قسوة وإهدار للكرامة البشرية حيث لا يوجد عدل فى بيت العدل والذى وظفه النظام لسحق مناوئيه دون هوادة ولا شفقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.