أكثر المستفيدين من استبعاد عدد من المرشحين من انتخابات الرئاسة هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من عودة الإخوان عن قرارهم وترشيح اثنين للرئاسة واحد أساسى - خيرت الشاطر - تم استبعاده، وواحد احتياطى - محمد مرسى - أصبح أساسيًا هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من الحملة على الإخوان وحصارهم واتهامهم فى الإعلام والشارع بأنهم فشلوا فى الإتيان باللبن والعسل للمصريين - رغم أنهم لم يختبروا للآن - هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من وجود ثلاثة مرشحين إسلاميين: محمد مرسى، عبد المنعم أبو الفتوح، محمد سليم العوا هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من وجود أربعة مرشحين ليبراليين ويساريين: حمدين صباحى، هشام البسطويسى، خالد على، أبو العز الحريرى هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من حزب الكنبة هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من أصوات الأقباط هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين مما يحدث فى مصر منذ الثورة وحتى اليوم هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من أى صراع أو صدام أو خصام بين المجلس العسكرى وبين القوى الوطنية الإسلامية والليبرالية هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من بؤس الأوضاع المعيشية والانفلات الأمنى والضيق والضجر والخوف العام من القادم هو عمرو موسى. أكثر المستفيدين من وضع مصر الإقليمى والدولى هو عمرو موسى. حتى قانون العزل السياسى نفسه خدم عمرو موسى حيث أزاح من أمامه منافسين له هما: عمر سليمان وأحمد شفيق، حيث كانا سيشاركانه أصوات الكتلة التصويتية المغلقة عليهم، كما أن القانون نفسه لم يمتد لأكثر من السنوات العشرة الأخيرة لحكم مبارك ولم يشمل الوزراء، فنجا موسى من العزل والاستبعاد. الكل فى مصر يعمل لصالح عمرو موسى ثوارًا وغير ثوار بإرادتهم أو من دون إرادتهم، وأيضًا المجلس العسكرى بقصد أو من دون قصد. كأن الرئاسة مكتوبة لعمرو موسى فى أول انتخابات حرة وديمقراطية حقيقية فى مصر طوال تاريخها منذ ظهور دولة اسمها مصر حتى اليوم، ليدخل موسى تاريخ مصر من أوسع وأنزه أبوابه ليحوز شرفًا لم يحزه أحد قبله. كيف أن كل ما يحصل فى مصر يمكن أن يقود إلى عمرو موسى رئيسًا؟ موسى، و سليمان، وشفيق كانوا سيتصارعون على كتلة تصويتية واحدة لتتفتت بينهم، أما الآن فإن استبعاد الأخيرين جاء لمصلحة موسى فقط، حيث سيحصد أصوات هذه الكتلة بالكامل بمفرده. الإسلاميون الثلاثة: مرسى، وأبو الفتوح، والعوا، سيفتتون أصوات الكتلة الإسلامية بينهم، كما سيحصل نفس الشىء بالنسبة لمرشحى التيار الليبرالى واليسارى: صباحى والبسطويسى والحريرى وخالد على، حيث ستتوزع أصوات الكتلة الخاصة بهم بينهم. بعد الكتل المسيسة المصنفة التى ستذهب أصواتها تلقائيًا إلى عمرو موسى، وإلى مرشحى الثورة من إسلاميين وليبراليين فإن الميزة النسبية لموسى أنه سيحصل على أصوات من المواطنين العاديين غير المسيسين بكثافة، لأنه المرشح المعروف والأشهر لديهم وهو يتفوق على كل منافسيه فى الشعبية مهما كانت درجة ثوريتهم حتى على مرشح الإخوان محمد مرسى المجهول للمواطن البسيط والمشوش عليه وعلى جماعته إعلاميًا وسياسيًا من رفقاء الثورة. موسى ما زال يحتفظ بشعبية غير مسبوقة لم تحصل مع أى مسئول عمل مع مبارك طوال ال30 عامًا، هو الوحيد الذى أفلت من مقصلة التهميش المباركية رغم نقله من الخارجية إلى ثلاجة الجامعة العربية لكن لمعانه لم يخفت، الوحيد الذى كان يمكن أن يؤثر على موسى شعبيًا هو عمر سليمان بسبب الصورة الذهنية عنه وهى مبالغ فيها على كل حال، ومع ذلك فليس كل المصريين يعرفون سليمان، إنما كل المصريين حتى من هم فى العشوائيات وعلى هامش الهامش يعرفون موسى. يدخل موسى الانتخابات ولديه رصيد كبير من ممارسة السياسة والإدارة كرجل دولة وسفير ووزير للخارجية وأمين للجامعة العربية، علاوة على قبوله إقليميًا ودوليًا واسمه معروف فى كل عواصم العالم، وبالتالى سيكون عند قطاع من المصريين المترددين والقلقين وغير المسيسين وأنصار مبارك هو الخيار المفضل لقيادة مصر فى هذه المرحلة. فهناك تخوف قد يكون مبالغًا فيه من أن يكون الرئيس إسلاميًا، وهناك عدم معرفة شعبية بمرشحى اليسار، وقد لا يقتنع الناس بأن يكون من بينهم من يقدر على قيادة البلاد فى هذه المرحلة. رغم أن مرشح الإخوان يستند لحزب قوى يمتلك أغلبية مجلسى الشعب والشورى ووراءه جماعة منظمة مؤثرة لكن ما يقلل من فرصه هو الدعاية المضادة بأنهم يريدون التكويش على السلطة كلها، وبالتالى سيصعب عليه فى الرئاسة الحصول على أصوات كثيفة من خارج الكتلة الإخوانية والإسلامية كما حصل مع مرشحى حزب الجماعة فى انتخابات البرلمان، ليس هذا فحسب، بل سينازعه على أصوات تلك الكتلة منافسون آخرون له من نفس الاتجاه. الذى كان يمكن أن يؤثر على موسى فى الكتلة التصويتية المضمونة له وجود سليمان وشفيق فى السباق، ولذلك غالبًا كانت ستتم جولة ثانية من الانتخابات، لكن الآن يمكن أن يفوز موسى من الجولة الأولى، إذ كثف دعايته واستفاد من المناخ المتهيئ له، وعظم من النقاط الإيجابية المتاحة أمامه. المجلس العسكرى من مصلحته أن يكون موسى رئيسًا، وهو من داخله يتمنى ذلك، فعلى الأقل حتى لا يقال إنه سلم البلد للإسلاميين، رغم أنه لو حصل فإن الديمقراطية هى التى ستكون فعلت ذلك، والعسكرى لا يحتاج أن يدعم موسى سرًا أو علنًا، فالمرشحون المنافسون، والأوضاع السيئة فى البلاد التى تلصق ظلمًا بالثورة تقوم بالدور نيابة عنه وتقدم له أعظم خدمة. فوز موسى سيرفع أسهم حزب الوفد، لأنه راهن على الجواد الرابح وعالج به رهانه الأول على منصور حسن الذى له منا كل الاحترام. هذا الكلام ليس دعاية لعمرو موسى، بل هو اجتهاد قد يخطئ وقد يصيب، وعمومًا صوتى كان للبرادعى ولما لم يترشح فإنه صار لعبد المنعم أبو الفتوح مالم يجد جديد.