صمت وتجاهل وتوتر زائد بالعلاقات.. عناصر تشرح المشهد السياسي بين "مصر وفلسطين" بعد قيام السلطات المصرية بمنع دخول أمين سر اللجنة المركزية في حركة فتح، جبريل الرجوب، أمس الاثنين، رغم دعوته رسميًا من قبل الجامعة العربية إلى حضور المؤتمر الوزاري حول الإرهاب والتنمية المجتمعية. وفوجئ الرجوب برفض إحدى الجهات الأمنية دخوله مع قرار بترحيله على الطائرة نفسها وأجرى الرجوب اتصالات عدة للسماح له بدخول مصر، إلا أنه فشل، وتم ترحيله على الطائرة نفسها إلى الأردن مرة أخرى وهو ما أدى إلى قيام أبو دياك وزير العدل بالانسحاب من فعاليات المؤتمر بشرم الشيخ، احتجاجًا على منع الرجوب من المشاركة فيه. وهو ما يزيد حالة التوتر بين العلاقات المصرية الفلسطينية خاصة حركة فتح، الذي لوحظ في الفترة الأخيرة، نتيجة عددًا من الوقائع علي رأسها عدم زيارة الرئيس الفلسطيني أبو عباس، لمصر منذ فترة طويلة، وجاء بديلا عنه صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهي الزيارة التي أكد عدد من الخبراء في الشئون الدولية أنها جاءت لمحاولة تهدئة الوضع وتقريب وجهات النظر بين عباس والرئيس عبد الفتاح السيسي. ومن المواقف الأخرى التي زادت حالة التوتر هو الاختلاف على مسألة "استئناف التفاوضات" بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بشأن مطالبة فلسطين أن يتم استئناف التفاوض ولكن بشروط وجدول زمنى وجدول أعمال محدد، وهو ما يرفضه الجانب الإسرائيلي الراغب في استئنافها ولكن دون شروط او قيود، بالإضافة إلى الاجتماع السري الذي حدث بين الرئيس عبد الفتاح السيسى وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وملك الأردن في العقبة دون شراكة فلسطينية. وهو ما أكده السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية السابق، والخبير في شئون العلاقات الدولية، علي أن ما حدث مع جبريل الرجوب، القيادي بحركة فتح أمر مثير للدهشة، نظرًا للعلاقة القوية التي كانت تجمعه مع الجانب المصري في العديد من المحافل علي رأسها حينما كان المستشار الأمني للرئيس السابق ياسر عرفات، بالإضافة إلي مرافقته للوفد المصري خلال تحركاته ومراقبته للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بالإضافة إلى كونه حلقة وصل أساسية في مسألة التفاوض مع إسرائيل وفلسطين باعتباره على دراية كاملة باللغة العبرية. وأضاف أحمد، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن مسألة خروج السلطات المصرية بمسألة أن هناك جهات أمنية منعت دخوله، هو أمر غير مقبول، فكان من الأولى أن يتم إبلاغ الرجوب أنه مرفوض دخوله إلى الأراضي المصرية قبل صعوده علي متن الطائرة ووصوله إلي مصر, نظرًا لأهميته السياسية. وتابع السفير السابق، أن توتر العلاقات بين مصر وفلسطين أمر ملاحظ ويجب التعامل معه بشكل حازم في محاولة لإذابة هذا التوتر بشكل سريع، وليس العمل على زيادته من خلال أفعال غير مرغوب فيها وليس بمحلها، مشيرًا إلى غياب الرئيس الفلسطيني عن مصر منذ مدة كان مؤشر مبدئي علي وجود هذا التوتر، بالاضافة إلي مسألة الخلافات حول استئناف التفويض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وفي سياق متصل قال سعيد اللاوندي، الخبير في شئون العلاقات الدولية، إن ما حدث من جانب السلطات المصرية في منع الرجوب، جاء نتيجة شكوك من جانب الأمن، للعلاقة بين ما يحدث في سيناء وبين مدى معرفة الجانب الفلسطيني خاصة حركة فتح بما يحدث. وأضاف اللاوندي في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن السلطات المصرية لديها معلومات تفيد بوجود هذه العلاقة بين ما يحدث بسيناء وحركة فتح، وأنها متسترة بشكل أو بأخر علي معلومات لا ترغب في أن تكشفها للجانب المصري وأنهم على دراية كاملة لكل كبيرة وصغيرة للوضع داخل سيناء علي حد قوله. وأشار الخبير الدولى، إلى أن الخطوة التي قامت بها السلطات المصرية من منع دخول القيادي بحركة فتح، لم نكن نرغب فيها من الأساس لأنها ستؤدي إلى توتر زائد في العلاقات ولكن يجب علي الجانب الفلسطيني أن يعي جيدًا أن الامن المصري هو من أولويات النظام والشعب المصري جميعه. وتابع اللاوندي، أنه يجب أن يتم التعامل مع الأمر من الجانبين ببحث سبل تقريب وجهات النظر ومعرفة الفلسطينيين أن تعامل مصر مع الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية تأتي لحماية حدودها وأمنها لحماية الأمن المصري. يأتي ذلك في ظل صمت الجانب المصري، دون خروج أي بيان رسمي من وزارة الخارجية، أو الجامعة العربية التي دعت الرجوب بشكل رسمي لحضور مؤتمر الإرهاب بشرم الشيخ، وترحيله علي متن نفس الطائرة وهو ما أثار استهجان السلطات الفلسطينية وأدى إلى تعليق تيسير نصر الله عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن ما حدث للقيادي جبريل الرجوب، لا يوجد له أي مبررات مقنعة، وتطور واضح وخطير في العلاقة بين مصر والسلطة الفلسطينية. وأضاف نصر الله في تدوينة له عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أنها تعد رسالة سلبية ضد حركة فتح، لأن الرجوب يمثل الحركة"، واصفًا السلوك المصري ب"المستهجن والمستغرب وغير المبرر"، وبحاجة لتوضيح من السلطات المصرية.