في الوقت الذي تصدرت به "cnn"، موقعها الإلكتروني، بعنوان يقول "وفاة الشيخ عمر عبد الرحمن".. كانت الإعلام المصري كله تقريبًا، متشحًا بعنوان "وفاة الإرهابي عمر عبد الرحمن".. والفارق هنا بين "الشيخ" و"الإرهابي"، يعكس الفرق بين الإعلام "المهني" والإعلام "الطفيلي". ليس بوسع أحد التأكد، من صحة الاتهامات التي أُدين بها، د. عمر عبد الرحمن في أمريكا عام 1996، فكل الروايات المتواترة تؤكد أن تهمته، لم تكن علاقته بمنفذي عملية تفجير مبنى التجارة العالمي، وإنما ل"رأي" له في الولاياتالمتحدة، قاله بأريحية مع صديق تبين لاحقًا بأنه جاسوس سجله له دون أن يعرف.. وعبثًا تحاول أن تجد من يدلك على "فحوى" هذا الرأي، الذي ساقه إلى السجن، ليظل فيه سنين، إلى أن تصعد روحه إلى بارئها. ويحمل أبناء الجماعة الإسلامية، في جلساتهم الخاصة، قيادات الجماعة في الخارج، وعلى رأسهم الشيخ رفاعي أحمد طه، ومصطفى حمزة، مسئولية "ضياع" الشيخ، إذ لم يوفروا له الحماية من الاختراق والاستدراج والتجسس، فور وصوله إلى الولاياتالمتحدة. ما أعرفه أن المحكمة العسكرية المصرية، التي كانت تحاكم، قاتلي السادات الخمسة: "خالد الإسلامبولي، محمد عبد السلام فرج، حسين عباس، عبد الحميد عبد السلام، وعطا طايل"، برأت الشيخ عمر عبد الرحمن، ولم تدنه باغتيال الرئيس الراحل. والمدهش أيضًا أن محكمة أمن الدولة، برئاسة المستشار، عبد الغفار محمد، قضت بأنه ليس لأحد من المتهمين في اغتيال السادات، حق الفتوى إلا د. عمر عبد الرحمن، بوصفه أستاذًا للتفسير، ويحمل درجة علمية، تؤهله لذلك.. وما لا يعرفه الكثيرون، أن عبد الرحمن هو تلميذ فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الراحل، محمد سيد طنطاوي، وكان مشرفًا على رسالته للدكتوراه. فالرجل إذن لم تدنه أية محكمة مصرية بالإرهاب، ولا باغتيال السادات، بل إن المحكمة، أنزلته منزلته العلمية، واعترفت بحقه في الفتوى. وإذا كان ثمة أزمة ثقة في الشيخ الراحل رحمه الله بسبب المؤلف المثير للجدل، والمعروف ب"الطائفة الممتنعة" عنوانه الأصلي: "القول القاطع فيمن امتنع عن الشرائع"، وصنف عام 1981 فليس لعبد الرحمن صلة به، فقد ألفه القياديان بالجماعة الإسلامية، عصام دربالة وعاصم عبد الماجد.. وأضافا في بعض نسخه جملة: تحت إشراف الشيخ عمر عبد الرحمن، رغبة في وجود "مظلة أزهرية" على هذا البحث الخطير، والذي صُنف أساسًا كورقة لتقديمها إلى المحكمة ك"شهادة شرعية" على ممارسات العنف ضد الدولة. ويوم أمس الأول 18/2/2017، كشف العضو السابق بالجماعة الإسلامية، والباحث الحالي في شئون الإسلام السياسي، الأستاذ ماهر فرغلي، على حسابه ب"فيس بوك"، عن أن الدكتور محمود شعيب، شقيق زوجة الدكتور عمر عبد الرحمن، قال له إن الأخير أوصى بضرورة عرض كتاب "الطائفة الممتنعة" على الأزهر قبل اعتماده لخطورته، غير أن قيادات الجماعة، تجاهلت هذا الموضوع. سيرة الرجل إذن تشير إلى أنه كان ضحية ظلمين: ظلم الإسلاميين.. وظلم الأمريكيين. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.