لا تزال الأعمال الروائية الرومانسية ليوسف السباعي، محفورة في وجدان الكثيرين، خاصة أن السينما وثقت هذه الأعمال في شكل أفلام خالدة، مثل «إني راحلة» و«رد قلبي» و«بين الأطلال» غير أن العطاء الأدبي ليوسف السباعي لم يقتصر على ما هو رومانسي، حيث مسرحيات وروايات أخذت طابع النقد الاجتماعي أو التأمل الفلسفي مثل «أرض النفاق» و«السقامات» ومسرحية «أم رتيبة» وهذه الأعمال من أجمل وأنضج أعماله. وكان السباعي مشهورًا بلقب فارس الرومانسية، فيما رصدت حنان مفيد فوزي في كتاب لها 7 وجوه ليوسف السباعي كأديب وصحفي ووزير ومفكر سياسي والفارس مع ملف ثري لذكرياته الإنسانية. السباعي مولود في 10 يونيو 1917 بالسيدة زينب لأب كانت له ميول أدبية أثرت في خيارات وتكوينات يوسف السباعي، وقد تخرج في الكلية الحربية عام 1937، وعمل مدرسًا فيها، ثم عمل مديرًا للمتحف الحربى عام 1952 ورقى إلى رتبة عميد. وتمت ترقيته إلى درجة شاويش وهو فى السنة الثالثة، وبعد تخرجه فى الحربية تم تعيينه فى سلاح الصوارى، وأصبح قائدًا لفرقة من فرق الفروسية. وقدم السباعي 22 مجموعة قصصية وأصدر 16 رواية آخرها «العمر لحظة» في 1972. وحققت مسرحية «أم رتيبة» نجاحًا كبيرًا ونال جائزة الدولة التقديرية عام 1973وعددًا كبيرًا من الأوسمة، ورأس تحرير عدد من المجلات والصحف منها الرسالة الجديدة وآخر ساعة والمصور والأهرام، وعينه الرئيس أنور السادات وزيرًا للثقافة، وظل يشغل منصبه إلى أن اغتيل في قبرص «زي النهارده» في 18 فبراير 1978 بسبب تأييده لمبادرة السادات بعقد سلام مع إسرائيل. فى يوم الجمعة ال17 من فبراير 1978، وصل يوسف السباعي وزير الثقافة المصري آنذاك، إلى العاصمة القبرصيةنيقوسيا، على رأس الوفد المصرى المشارك فى مؤتمر التضامن "الأفروآسيوى" السادس، وبصفته الأمين العام لمنظمة التضامن الإفريقي الآسيوى، لكن السباعي لم يعلم ماذا يخبئ له القدر هناك. توقف السباعى فى تلك الأثناء أمام منفذ بيع الكتب والجرائد المجاور لقاعة المؤتمر، وحينها أطلقت عليه 3 رصاصات أصابته فى مقتل. فارق يوسف السباعى الحياة وسرعان ما تناقلت وكالات الأنباء الخبر ولكن ظل السؤال معلقًا "مَن قتل يوسف السباعي"؟ ولماذا؟". تلقي المصريون نبأ اغتيال السباعي بصدمة بالغة، وثارت الأسئلة المبكرة عن هوية مرتكب الجريمة وشرعت التكهنات تشير إلى تورط السلطات القبرصية وتواطؤها من أجل أن ينجح المتطرفان في تنفيذ جريمتهما وخاصة في ظل غياب الأمن اللازم لحماية المؤتمر. ادعى بعض الأدباء والمؤرخين في الشأن الفلسطيني الذين شاركوا بالمؤتمر، إنه قتل لأنه ذهب إلى القدس برفقة الرئيس السادات ولأنه بحسب رأيهم كانت له مواقف معادية للقضية الفلسطينية، تناقضت الأنباء إذ أعلن في البداية أن القاتلين فلسطينيان واتضح فيما بعد أن أحدهما فلسطيني والآخر عراقي وما لبثت منظمة التحرير الفلسطينية أن نفت علاقاتها بالحادث بينما أصرت الصحافة المصرية على اتهام المنظمة بتدبير الحادث. وجاء بعد ذلك إعلان من منظمة أبو نضال مسئولياتها عن الحادث، فأثيرت الأسئلة مرة أخرى عن هوية أبو نضال وهوية مَن يعمل لحسابهم، وُلد صبري البنا الشهير بأبي نضال في السادس عشر من مايو عام 1937 وانضم مبكرًا إلى منظمة التحرير الفلسطينية ثم عينه أبو إياد عام 1968 كممثل لمنظمة التحرير في الخرطوم ثم في العراق وفي عام 1974 انشق صبري البنا عن حركة فتح وأسس ما عرف باسم حركة فتح المجلس الثوري مما دفع ياسر عرفات إلى إصدار حكم بالإعدام ضده، تنقل أبو نضال بين العراق وسوريا وليبيا وقضى آخر أيام حياته في العراق ووجدت جثته بشقته في بغداد في صيف عام 2002 بها رصاصة في الرأس صرحت السلطات العراقية آنذاك إنه انتحر بينما أكد الكثيرون أنه تم التخلص منه بأيد مجهولة. قاتلا السباعى أخذا نحو ثلاثين من أعضاء الوفود المشاركة في مؤتمر التضامن كرهائن واحتجزوهم في كافيتيريا الفندق مهددين باستخدام القنابل اليدوية في قتل الرهائن ما لم تستجب السلطات القبرصية لطلبهما بنقلهما جوًا إلى خارج البلاد.
السادات لم يحضر جنازة "يوسف السباعي" يوم التاسع عشر من فبراير/ عام 1978 أقيمت المراسم الجنائزية لدفن يوسف السباعي ولم يحضر الرئيس السادات الجنازة لكنه أناب عنه نائب رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك ووزير الدفاع عبد الغني الجمصي وقد شهدت مراسم الجنازة ردود أفعال شعبية ورسمية ضد القضية الفلسطينية. لم يتأخر السادت فى الرد على جريمة اغتيال السباعي، فأرسل فى اليوم التالي طائرة تقل مجموعة من رجال الصاعقة إلى قبرص بغرض القبض على القاتلين وتحرير الرهائن المحتجزين على متن الطائرة القبرصية وفي السادسة مساء طلب قائد الطائرة العسكرية المصرية رخصة للهبوط فى مطار لارنكا مدعيًا أن على متن الطائرة وزيرًا مصريًا حضر خصيصًا للتفاوض مع القاتلين. ما لبث قائد قوات الصاعقة المصرية بإعطاء أوامره بالهجوم الشامل على الطائرة القبرصية ومع بدء الهجوم المصري هاجمت قوات الحرس الوطني القبرصي قوات الصاعقة المصرية ودارت بينهما معركة استمرت قرابة الخمسين دقيقة وأسفرت عن تدمير الطائرة العسكرية المصرية وقتل خمسة عشرة من رجال الصاعقة المصريين وجرح ما يزيد على ثمانين من الطرفين وتم القبض على مَن تبقى من قوات الصاعقة المصرية. فى اليوم التالي لمعركة مطار لارنكا طلب رئيس الوزراء ممدوح سالم من الدكتور بطرس غالي وزير الدولة للشئون الخارجية آنذاك أن يسافر إلى قبرص ليتفاوض مع السلطات القبرصية من أجل استعادة رجال الصاعقة المعتقلين هناك وأيضًا العودة بجثث الضحايا.