أعتقد أن الزمن كان مبكرًا جدًا، تقريبًا سنة أولى ابتدائى، وكتاب القراءة، وقصة الرجل العجوز المريض الذى جمع أولاده حوله وكلفهم بأعمال كثيرة ليختبرهم، ثم طلب منهم جمع عيدان حطب كثيرة، وراح يطلب من كل ولد منهم كسر عود، ثم جمع ما تبقى من عيدان فى حزمة واحدة، وطلب منهم الواحد تلو الآخر أن يكسروا الحزمة، ولما لم يستطيعوا، أعطاهم الحكمة الخالدة التى توزن بأرواح جيش من الشجعان، وهى "الاتحاد قوة". وبعد فأتمنى من الله وليس بكثير على الله، أن نفيق من حمى ارتفاع حرارتنا بعد استبعاد مستر إكس، من سباق الترشح لرئاسة الجمهورية، وأن نأخذ نفسًا عميقًا ونفكر: طيب، وبعد أن أراحنا الله، وبعد أن كادت تصبح مسخرة، وبعد أن حمدنا وكبرنا وسبحنا وسجدنا شكرًا وقلنا "وكفى الله المؤمنين القتال"، الآن ماذا يجب على القوى الوطنية فعله؟ هل سيظلون منتظرين مفاجآت أخرى، وأموالاً متدفقة ومفتوحة بلا حساب لدعم من تبقى من رموز مبارك فى انتخابات الرياسة؟ أم يجب أن يكونوا كعيدان الحطب المجتمعة، ويبدو أننا ننسى بديهيات الحكايات، وأن فى بقاء مرشحين عديدين فى المشهد ستتفتت الأصوات، ولو بقى كل حزب بما لديهم فرحين متمسكين، فسيعانى الجميع نزيف التصويت، ولو بقينا ليوم إعلان النتيجة منقسمين متنازعين، فسنفشل وستذهب ريحنا، ويخيب مسعانا، ويهون بأسنا، وسأصرخ يومها فى وجوه الإخوان المسلمين والسلفيين والوطنيين المحترمين، وسأقول أنتم تستأهلون شفيق، وهو لكم كالزفير والشهيق، وأنتم كما تكونوا يُولّ عليكم، وكما تتربصون ببعضكم البعض، فالعقبى عندكم فى الملمات وسرادقات رثاء الثورة. اليوم لدينا أكثر من مرشح محسوب على التيار الإسلامى، وأبرزهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والدكتور محمد مرسى كمرشح إخوانى شاء له القدر أن يترك مقاعد الاحتياطى ويجرى إحماءة ما قبل النزول، كما أن لدينا أكثر من مرشح محسوب على التيار الوطنى وأبرزهم عمرو موسى وحمدين صباحى، وسواء اتفقنا أو اختلفنا على الأسماء الأربعة أو غيرها، مدحًا أو ذمًا، فإن المحصلة النهائية هى الاختلاف والخلاف والفرقة والتشتت وكلها مفضية للتفتت ومهلكة للجسد الواحد، وخسارة الانتخابات. فالمتوقع الأكيد أن الفريق أحمد شفيق بما ينفق من أموال، وما يجنيه من تبعية إعلام الغوانى وصحف الموالى له، إضافة إلى ازدياد قطاعات من المصريين حنقًا وضيقًا من أحوال اقتصاد ومعيشة ما بعد الثورة، كل ذلك سيمنح شفيق أصواتًا بالملايين، وستظل بقية الأصوات فى خانة القوى الإسلامية والوطنية. فلا سبيل غير الاتحاد قوة، ولا حل غير اجتماع المحترمين لاختيار محترم واحد، يخوض معركة تتويج بطولة الثورة، أما أن يظل الإخوان متمسكين بلاعبهم الاحتياطى، ويبقى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رافضًا أى حديث عن التنازل لصالح مرشح وطنى واحد، ويكون هذا هو حال بقية المرشحين، فشكرًا وقتها واجب ولازم لمن أكد لنا أننا نستأهل ونستحق آخر رئيس وزراء لمبارك أن يكون هو رئيسنا الجديد، وأننا لم نتعلم شيئًا منذ أولى ابتدائى وأن الاتحاد قوة. [email protected]