أبدى برلمانيون استياءهم من مساعي بعض النواب، بتقديم مقترح قانون ينظم الطلاق الشفهي، استجابة لطلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرين إلى أن هيئة كبار العلماء أصدرت كلمتها في هذا الشأن، ولا يجوز لأحد أيا من كان أن يعقب على بيان الهيئة، كما أنها الجهة المختصة بتلك المسائل وليس البرلمان. ورفض برلمانيون جميع المساعي والمحاولات التي تسعي إلى الاستجابة لمطلب الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن قضية الطلاق الشفهي التي أثيرت خلال الفترة السابقة، مؤكدين أنه لا حديث بعض بيان هيئة كبار العلماء. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، دعا إلى إصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفوي، بعد ارتفاع معدلات الانفصال خلال الفترة الأخيرة، قائلاً في كلمته بالاحتفال بعيد الشرطة "سألت رئيس الجهاز المركزي للتعبئة عن عدد حالات الزواج قاللى 900 ألف و40 % منهم بينفصلوا بعد 5 سنوات". وسأل الرئيس السيسي فضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، خلال حضورهما معًا الاحتفال بعيد الشرطة، قائلًا "هل نحن يا فضيلة الإمام بحاجة إلى قانون ينظم الطلاق بدل الطلاق الشفوي، لكي يكون أمام المأذون، حتى نعطى للناس فرصة تراجع نفسها، ونحمى الأمة بدل تحولها لأطفال في الشوارع بسلوكيات غير منضبطة". وبعد الدعوة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، اجتمعت هيئة كبار العلماء وأصدرت بيانًا تؤكد فيه وقوع الطلاق الشفهي الصادر من الزوج طالما استوفى أركانه وشروطه. وقالت الهيئة في بيانها "إن هذا هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي محمد، أن يقع الطلاق دون اشتراط إشهاد أو توثيق"، داعية إلى المبادرة إلى "توثيق الطلاق حفاظًا على حقوق المطلقة والأبناء". وأضافت الهيئة في بيانها "انطلاقًا من المسئولية الشرعية للأزهر الشريف ومكانته في وجدان الأمَّة المصريَّة التي أكَّدها الدستور المصري، وأداءً للأمانة التي يحملُها على عاتقِه في الحِفاظ على الإسلام وشريعته السمحة على مدى أكثر من ألف عام من الزمن - عقدت هيئة كبار العلماء عدَّة اجتماعاتٍ خلالَ الشهور الماضية لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي، وقد أعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد اليوم الأحد 8 من جمادى الأولى 1438ه الموافق 5 من فبراير 2017م، وانتهى الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم إلى القرارات الشرعية التالية:" وتابعت، أولاً: وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق". واستطردت" ثانيًا: على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة". وأوضحت في بيانها "أن هيئة كبار العلماء ترى أنَّ ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ كافَّة إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هي حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي، وأنَّ العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكلِّ أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجادّ، والدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها في الإسلام؛ وذلك لتوجيه الناس نحوَ احترامِ ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء، وتثقيف المُقبِلين على الزواج". أما البرلمان فقد قام النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، بإعداد مسودة قانون ينظم الطلاق الشفهي، مشيرا إلى ضرورة وجود قانون يضبط عملية الطلاق في مصر على الرغم من إقرار هيئة كبار العلماء بوقوع الطلاق الشفوي. وأضاف حمروش، في تصريحات صحفية له، أنه تفاجأ برأي هيئة كبار العلماء، بشأن الطلاق الشفهي، ما دعاه إلى إعادة التفكير مرة أخرى ليكون القانون الجديد متطابق مع رؤية هيئة كبار العلماء، منعا للصدام. وأوضح حمروش، "أن الإشكالية في هذه القضية متعلقة بالتوثيق، وسيبحث لها عن مخرج قانوني يتوافق مع رؤية الهيئة، مؤكدا أنه يحترم رأي الهيئة لكن تقنين الطلاق أمر لن يتراجع عنه، حرصا على حقوق المرأة و الأطفال". وتابع النائب، "أن القاعدة القانونية تقول إن ما بدأ مكتوبا يجب أن ينتهى مكتوبًا، فالزواج بدأ مكتوبًا بوثيقة، ويجب أن ينتهي بنفس الشكل". من جانبها، قالت فايزة محمود عضو مجلس النواب، إن قرار هيئة كبار العلماء بشأن قضية الطلاق الشفهي واضح وصريح في تلك القضية، مؤكدة أن البرلمان عليها عدم مناقشة مثل هذه الموضوعات، لا سيما بعدما أصدرت الهيئة بيانها بهذا الشأن. وأوضحت محمود خلال تصريحه إلى "المصريون"، أن الأزهر وحده هو المنوط به مناقشة مثل هذه القضايا، رافضة محاولات بعض النواب التقدم بمشروع قانون لتوثيق الطلاق. وتابعت عضو مجلس النواب: "من غير المعقول أن نقول إن الطلاق الشفهي لا يقع ويجب توثيقه"، منوها "نحن بذلك نحل ما حرمه الله"، لافتة إلى أن الدولة تسير على الشريعة الإسلامية وسنة النبي، ومن يقول غير ما أفتت به هيئة كبار العلماء فسيكون مخالفا للشريعة، والبرلمان لن يرضى بذلك أبدًا. وفي نفس السياق، أكد النائب محمد أبو السعود عضو مجلس النواب عن المصريين الأحرار، رفضه التام لأية محاولة من جانب بعض النواب لتقديم مقترح لتنظيم الطلاق الشفوي. وأوضح أبو السعود، خلال تصريحه إلى "المصريون" أنه لا تعليق بعد حديث هيئة كبار العلماء، مضيفا أن الهيئة إذا حرمت أمرا أو أجازته فلا يجب أن يعقب على حديثها أحدًا. وأشار إلى أن أعضاء تلك الهيئة هم المختصون وحدهم بالتحدث والإفتاء في الشئون الدينية، كما أنهم أكثر دراية وفهما للدين وللشريعة الإسلامية وأحكامها وليس نواب البرلمان أو غيرهم.